لم يكن سراج عمر شخصاً عادياً.. لقد كان فناناً عبقرياً حقيقياً بشكل ينعكس على كل سلوكه سواءاً في الموسيقى أو في الكلام والفلسفة أو حتى في أثاث منزله وخصوصاً مجلسه الخاص والذي يسميه الصومعة وهي عبارة عن غرفة ملونة بألوان لا علاقة لها ببعض ومليئة بالكتب ذا العناوين الغريبة والأسطوانات القديمة والكثير من أحدث الأجهزة الإلكترونية حيث كان عاشقاً لها وذلك في مزيج غريب ومنظر لا يليق سوى بعبقري.لقد حكى لي سراج عمر ذات يوم قصة وقال لي: “والله اذبحك لو تقولها لأحد” لكنه توفي الآن وسأقولها في هذه السطور القادمة:يقول لي الأستاذ لم تكن أغنيتي (بلادي منار الهدى) لتنجح لولا الملك فهد، فقلت له كيف؟ فقال لقد أخذت الكلمات من شاعر مصريّ وأعجبتني نوعاً ما ولحنتها على الفور وكنت أعتقد أنها أغنية متوسطة فغنيتها بنفسي ولم أعطها لأحد من الفنانين.. وتمت إذاعتها في الراديو من ضمن مئات الأغاني ونسيت الموضوع.. لكنه صادف وأن سمع الملك فهد هذه الأغنية فاتصل بي ودامت المكالمة ٣ ساعات كاملة جميعها عن الفن والموسيقى وما أن انتهت المكالمة حتى صدرت أوامر الملك ببثّ الأغنية بشكل مكثف في الإذاعة والتلفيزيون وأصبح كل سعودي يرددها حتى أوشكت أن تكون نشيداً وطنيا.. يقول لي سراج “شفت كيث ذوق الملك فهد أحسن منّي ومنك؟”لدي العديد من القصص الأخرى الغير محكيّة عن هذا الموسيقار العظيم لكنني وبالكاد كتبت هذه الأحرف ولا أقوى على المزيد..أصابعي ترتجف بشكل حقيقي ودموعي كثيرة…لقد رحل معلمي وأستاذي الذي لازمته لسنوات..رحل شخص مهم في حياتي..شخص مهم في ذاكرة السعوديين كلهم..رحل جزء من الوطن..رحل سراج عمر.