تعيش دول الحصار أياماً عصيبة، نتيجة تدشين قطر وأميركا مرحلة جديدة من العلاقات الاستراتيجية بينهما، وما تمخض عنه الحوار الاستراتيجي من اتفاقيات ومذكرات تفاهم تعزز التعاون بين الدوحة وواشنطن. وتكمن أزمة دول الحصار حالياً في أنها فشلت بجدارة في عزل قطر، وإجبارها على القبول بالوصاية على قرارها وسيادتها، بل إن الدوحة تمكنت ببراعة من دحض الأكاذيب التي نسجت لتبرير الحصار الجائر، لتصل إلى محطة الحوار الاستراتيجي وتأكيد واشنطن التزامها بحماية أمن وسلامة وسيادة قطر من أي تهديد خارجي. المثير أنه كلما سجلت قطر أهدافاً في مرمى دول الحصار، كلما تعالت صيحات إعلامها منزوع المصداقية.. إعلام الصوت العالي الكاشف عن حالة السعار الجماعي جراء نجاحات قطر في إفشال حصارها.انطلق إعلام دول الحصار كالعادة، مواصلاً حملات الكذب والتضليل والتقليل من شأن الحوار القطري الأميركي الذي نسف أكاذيب وادعاءات ومزاعم فرض الحصار على قطر. وتجلى ذلك في تصريحات المستشار بالديوان الملكي السعودي سعود القحطاني الملقب بـ «دليم» وزمرته من الحاقدين على دولة قطر وشعبها، أمثال السعودي «جميل الذيابي» والبحريني «محمد مبارك» والإماراتي «علي النعيمي»، وغيرهم كثير من الذين سخروا أنفسهم للهجوم على دولة قطر والتقليل من شأن إنجازاتها التي يشهد بها العالم أجمع. وأبرزت صحف دول الحصار أمس، أخباراً عديدة للتقليل من النتائج المبهرة والاتفاقيات التي تمت من خلال جلسات الحوار «القطري – الأميركي»، إلى حديث سعادة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية، حول القمة الخليجية الأميركية بكامب ديفيد. وتصدرت صحيفة «الحياة» المشهد العدائي بنشر خبر تحت عنوان: «القحطاني لوزير خارجية قطر: أجندتكم هدم الاستقرار وحواركم شعاره الكذب»، حمل في سطوره أكاذيب وتناقضات مع الواقع جاء فيها: «شدد المستشار بالديوان الملكي السعودي سعود القحطاني على رفض التصريحات التي أطلقها وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، من مزاعم الأخير حول استعداد بلاده المشاركة في قمة خليجية - أميركية الربيع المقبل». تناست الصحيفة دور قطر المشهود له عالمياً في الوساطة الدولية وإنهاء النزاعات، وإحلال السلام، وفي مكافحة الإرهاب. وبينما ذكر القحطاني، في رسالة عبر حسابه الرسمي في «تويتر»: «أقول لوزير خارجية السلطة، فقد الجميع الأمل بكم بسبب كذبكم! ما فائدة المحادثات مع من يكذب عليك بوجهك»، مضيفاً: «كل تجارب الدول معكم تقول إن أجندتكم هدم الاستقرار وحواركم شعاره الكذب والمراوغة»، مضيفاً في تغريدته على أن هناك شروطاً لإثبات حسن النوايا «لإثبات حسن نيتكم لا أقل من بيان بقبولكم للشروط واعتذاركم الكامل وتعهدكم بالصدق». وتابعت الصحيفة: وعن موقف الدول الأربع المملكة العربية السعودية، والإمارات، والبحرين، ومصر من استمرار المقاطعة لقطر، قال القحطاني: «من ناحيتنا مقيمون على مقاطعتنا لكم لألف سنة لا تضرنا، أما أنتم: فالصراخ على قدر الألم»، ما سبق يؤكد بلا ريب أن «دليم» وإعلامه، سواء المكتوب أو الإلكتروني، أصبح خارج سياق الزمن وما طرأ من تطورات تشير إلى أن قطر، أقوى وأمضى عزماً وأصدق قيلاً من كل ما يخرج من تصريحات بالدول المحاصرة حول الأزمة، وأنها لا تقبل بحوار مشروط ، ولكنه «دليم» يجدد الحديث عن شروط «غير مقبولة» من حيث المبدأ. صحيفة «الاتحاد» الإماراتية أدلت بدلوها في حالة الصراخ من نجاح الحوار الاستراتيجي القطري الأميركي، وواصلت تفتيت النسيج الخليجي والعالم العربي تنفيذاً لأجندة «صبيانية»، وقالت في تقرير لها بعنوان: «وزير خارجية قطر»: «لست متفائلاً بتداعيات المقاطعة ومستقبلها» و«هذا الخلاف لن ينتهى قريباً، دعونا السعودية لحوار شامل، إلا أنهم لم يكونوا مستعدين لذلك»، مؤكداً أنه ليس متفائلاً بتداعيات المقاطعة ومستقبلها، وهي تصر على وصف «الحصار» بالمقاطعة للهروب من طائلة العقوبات الدولية جراء ما أقدمت عليه الدول المشاركة من إجراءات غير قانونية. ولم يمر الحوار الاستراتيجي «القطري – الأميركي» مرور الكرام على جزيرة الرتويت «البحرين»، حيث نشرت صحيفة «أخبار الخليج» عدة مقالات تتهكم على إنجازات الحوار، بالإضافة إلى تصريح سعادة الدكتور خالد بن محمد العطية نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون الدفاع حول قدرة الرئيس الأميركي دونالد ترمب على حل الأزمة الخليجية بمكالمة واحدة، حيث نشرت الصحيفة مقالاً لـ «محمد مبارك» المدعوم من أبوظبي لشن حملات مسعورة ضد دولة قطر ليلاً ونهاراً، بعنوان: «لله يا محسنين.. مكالمة واحدة!» وجاء فيه: «نشرت مجلة «بوليتيكو» الأميركية يوم 1 فبراير 2018، حواراً مع نائب رئيس الحكومة القطرية وزير الدفاع خالد العطية، وعلى خلفية زيارة وفد قطري واشنطن لبدء حوار مع المسؤولين الأميركيين يستهدف بالدرجة الأولى محاولة إقناع الأطراف الأميركية بالتدخل لوضع نهاية للمقاطعة الخليجية الثلاثية تجاه النظام القطري. وأضاف: «لكن بقراءة التصريحات التي أدلى بها العطية في حوار بوليتيكو، يتبين أن ما كان يجري في واشنطن لم يكن حواراً استراتيجياً مع واشنطن كما يقال، بل محاولة لاستجداء مكالمة هاتفية لا أكثر. وتريد قطر وفق ما ورد على لسان العطية أن يقوم الرئيس الأميركي دونالد ترمب بإجراء مكالمة هاتفية واحدة، وأنه بعد هذه المكالمة سوف تنتهي الأزمة التي تعيشها قطر مع جيرانها». اللافت أن «مبارك» تناسى جملة، ما أسفر عنه الحوار الاستراتيجي من اتفاقيات تعاون مشترك في عدة مجالات بين البلدين، كما تناسى أن الحوار شارك فيه مسؤولون أميركيون رفيعو المستوى، مثل ريكس تيلرسون وزير الخارجية، وجيمس ماتيس وزير الدفاع، ولم يكن يستهدف استجداء تسول مكالمة هاتفية من الرئيس الأميركي «ترمب»، كما تناسي أن قطر لم تستجد، ولن تستجدي أحداً، وأنها تتمسك بموقفها من الأزمة الخليجية، وأنها لا تقبل المساس بالسيادة، وأن أي حوار مع دول الحصار، يجب أن يكون بشروط قطر، وهي عدم المساس بالسيادة، ولو كانت الدوحة في أجندتها هذه السياسة لما أستمر الحصار طوال هذه الشهور، الواضح من سطور المقال المنشور في صحيفة بحرينية، أن كاتبه لا يريد أن يري الواقع، وأنه فقط ينفذ ما يملى عليه دون وعي وفي سياق حالة الهذيان التي تعانيها دول الحصار من الحصاد المر الذي تكبدته من إجراءاتها ضد قطر، التي استفادت من الأزمة في ترسيخ علاقاتها الدولية وكسب التأييد والدعم العالمي، وتوسيع علاقاتها وشراكاتها الاستراتيجية، ليس مع أميركا وحدها، وإنما في جميع قارات العالم. كما شاركت صحيفة «الأيام البحرينية» في حملة الكذب والتقليل من شأن اتفاقيات قطر وأميركا في الحوار الاستراتيجي، لتجميل وجه دول الحصار التي فشلت في ترويج الاتهامات بدعم قطر للإرهاب بعد أن فندت الأخيرة هذه المزاعم الكاذبة أمام شعوب وقادة دول العالم. ونشرت الصحيفة تقريراً بعنوان: «قطر تعترف بتداعيات المقاطعة العربية ووزير خارجيتها: لست متفائلاً بالمستقبل»، وجاء في طياته: «في إدراك متأخر لتداعيات الأزمة التي تسببت فيها قطر، برفضها الانصياع للمطالب العربية المشروعة بوقف دعم وتمويل الإرهاب، أعرب وزير خارجيتها عن عدم تفاؤله من مستقبل الخلاف الذي أنهى شهره السابع». ما جاء في التقرير محاولة بائسة للحديث عن شيء غير موجود بالمرة، وهو اعتراف مزعوم لقطر بتداعيات الأزمة، فكاتب السطور لم يجد في التصريحات سوى ما اعتادت عليه الصحيفة وغيرها من صحف دول الحصار، من تجاهل الحقائق بأن قطر ليست في خانة الإدانة، وأنها أكبر وأقوى من أي حصار أثبتت الأيام فشله. بالخلاصة، فإن التقرير يكشف عن مزيد من الأوهام تعبر عن انهيار نفسي ومعنوي لإعلام دول الحصار، الذي يري الحقيقة ويحاول لي أعناقها، ولا يريد الاعتراف بالهزيمة الشاملة لدول الحصار في معركتها غير النظيفة ضد قطر.;
مشاركة :