الأمشاط التقليدية في المغرب ترطب شعر الفتيات دون كيراتين

  • 2/3/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

مغربيات يفضلن العودة إلى أصولهن، ويمشطن شعورهن الطويلة بأمشاط مصنوعة من قرون الأبقار لترويض الشعر المجعد والمتمرد.العرب  [نُشر في 2018/02/03، العدد: 10889، ص(17)]حرفة تقاوم الانقراض الرباط - تعد باقة الأمشاط المصنوعة من قرون الأبقار، والتي يمكن مصادفتها في عدد من المواقع الإلكترونية الغربية للمبيعات، سواء تعلق الأمر بمشط تسريح الشعر أو المشط المسنن أو المشط على شكل الشوكة أو مشط اللحية أو مشط السفر، والتي يمكن أن يتجاوز سعرها في بعض الأحيان 20 أورو، نموذجا للصناعة التقليدية المغربية، والتي لم تعد فقط إكسسوارات نادرة في الوقت الحاضر، وإنما أضحت تشكل وسائل تربط بامتياز بين الصحة والجمال والبيئة. وإذا كان بعض المغاربة والمغربيات يفخرون خطأ بأمشاطهم البلاستيكية ولا يفوتون أي فرصة لعرضها، فإن البعض الآخر يفضلون العودة إلى أصولهم، تماما مثل الأمهات والجدات اللواتي كن يمشطن شعورهن الطويلة بأمشاط مصنوعة من قرون الأبقار، والمشط مكون من صفين من الأسنان لجعل التسريحة جميلة، “كعكة كريب”، أو لترويض الشعر المجعد والمتمرد. “لا شيء يضيع، لا شيء يخترع من عدم، كل شيء يتحول”، هذه الحكمة وجدت صداها لفترة طويلة بين الحرفيين المغاربة، الذين بدلا من رمي قرون الأبقار والثيران في الطبيعة، شكلوا منها أمشاطا جميلة. على عكس البلاستيك الذي يحتاج المئات من السنين للتحلل، ملوثا بذلك الكوكب بأسره، فإن قرون الأبقار مادة مكونة من جزيئات الكيراتين، القابلة للتحلل. لذلك فإنه بدلا من حصص الترطيب البرازيلي باستعمال الكيراتين، والتي تكون مكلفة جدا، فإن المشط المصنوع من القرن يمكن أن يفي بالغرض. ويعتقد المدافعون عن البيئة أن القرون المستخدمة لهذا الغرض يجب أن تأتي من المواشي الموجهة للذبيحة، التي ذبحت لاستهلاك لحومها، وليس لغاية وحيدة هي توفير القرون، كما يصرون على ضرورة تجنب أي نوع من سوء معاملة الحيوانات، لتصنيع الأمشاط القرنية. وبالإضافة إلى هذه الوظيفة الإيكولوجية، فإن أمشاط القرن لها خاصية أخرى تتمثل في عدم توليدها للشحنات الكهربائية الساكنة، وتمكن على نحو فعال من إقفال جدائل الشعر ومنحها ألقا ولمعانا. عبداللطيف الزغزوتي، واحد من المصنعين القلائل لأمشاط القرن في المغرب، يسير على خطى والده، إذ تعلم منه في سن مبكرة معالجة القرون في مراكش.القرون تستخدم في صناعة الأمشاط وغيرها من الإكسسوارات، والديكورات وأثاث غرف النوم يشتري زغزوتي، كجل مصنعي هذه الأمشاط العضوية والطبيعية بنسبة 100 في المئة، القرون من المدابغ والمسالخ في مراكش. معترفا لوكالة المغرب العربي للأنباء أنه “من الصعب على نحو متزايد العثور على المواد الخام لصنع الأمشاط”، مشيرا إلى أن “القرون تستخدم أيضا لصناعة غير ذلك من الإكسسوارات، والديكورات وأثاث غرف النوم”. وأعرب عن أسفه بأن مشط جداتنا “لم يعد من الموضة”، مشيرا إلى أن “المشط المسنن أصبح مطلوبا أكثر”. وتابع زغزوتي “في السابق، كان من الممكن صنع 45 مشطا يوميا من طرف حرفيين اثنين، غير أن في الوقت الحاضر، عدد القطع المصنعة يوميا لا يتجاوز 15 أو 20 حسب الطلب”. وأوضح “المعلم”، الذي يحاول إدامة هذه القطعة العتيقة المستوحاة من أجدادنا والمهددة بالانقراض، “في المتوسط قرن واحد يمكن أن يوفر مشطا بسيطا طوله ما بين 10 و15 سنتيمترا، على عكس أكبر واحد ويقيس حوالي 20 سنتمترا”. وأفاد هذا الحرفي الموهوب بأن تصنيع هذه الأمشاط يتطلب عملا دقيقا يجمع بين المهارة اليدوية والجلد والاستخدام الجيد للآلات المعتمدة. وقال، “إن سر نجاح هذا المشط هو أساسا في تقنية تسخين وتسطيح القرن”، مضيفا “إذا كان الحرفي لا يتقن هذه التقنية، فإن القرن يكون مهددا بالكسر”. ويسعى زغزوتي بالاستمرار في الابتكار من أجل تزويد زبائنه المغاربة والأجانب بأمشاط عالية الجودة وطبيعية، تحترم البيئة، وتلائم مختلف أنواع الشعر. وتابع قائلا “في الأغلب يتكون مشط القرن من صفين من الأسنان المتقاربة، مما يؤهله للقيام بدور المشط المخصص لمكافحة القمل، والذي يتم تسويقه في بلدان أخرى، إذ أنه يسهل القضاء على القمل، مع المحافظة على ألياف الشعر”. وأضاف أنه “خلال عملية تصنيع هذه الأمشاط، لا يتم إلقاء أي شيء، علما بأن المسحوق الناتج عن عملية التصنيع يستعمل بمثابة بخور”. وبفضل عشقه العاطفي والفطري لهذه المهنة، يتحدى الحرفي كل العقبات، بما في ذلك تراجع الطلب المحلي، ويعد ببذل قصارى جهده لنقل هذا الرأسمال غير المادي للأجيال الصاعدة. اختيار مشط القرن هو بالتأكيد خطوة في خدمة قضية البيئة، مع تمكين المرأة والرجل من تحقيق أفضل فائدة.

مشاركة :