الغايب مو عذره معاه!

  • 2/6/2018
  • 00:00
  • 15
  • 0
  • 0
news-picture

دائماً نحاول تبرير التقاعس والخطأ في تصرفاتنا وأمثالنا، وعلى رأسها مَثَلْ «الغايب عذره أو حجته معاه». وهو أمر لا تأخذ به أغلبية الدول المتحضرة بعكس العديد من دولنا المتحضرة مالياً أو عمرانياً واستعراضياً.. ولكنها تعاني من هذه الأمور الأخلاقية قولاً واحداً! وسأضرب مثالاً على ذلك، وهو ما حدث في مجلس اللوردات الأسبوع الماضي، ورأيناه بالصوت والصورة للوزير البريطاني اللورد مايكل بيتس الذي تأخر عن الحضور لجلسة المجلس لبضع دقائق، ناقش المجلس خلالها وأثناء غيابه سؤالاً موجهاً إليه من إحدى عضوات مجلس اللوردات، رأيناها بشعر أبيض قصير.. الوزير بكل ما تعنيه الكلمة من معنى قال بالحرف الواحد: «أشعر بالعار لأني لم أكن موجوداً لأجيب عن سؤال النائبة أو عضوة مجلس اللوردات الفاضلة.. ولهذا، أعلن استقالتي».. ثم غادر الجلسة على الفور.. رأينا الدهشة والحسرة ترتسمان على محيا النائبة التي تسببت من دون قصد في استقالة الوزير في ذلك المجلس الأكثر من محترم.. *** هذا في بلاد الكفر التي يدعو عليها بعض دهاقنة متشددينا بأن يبلوها الله بالكوارث والمصائب، وفي مجتمعات يعتبرها البعض صنواً للمعصية والرذائل… إلخ. لنتحول إلى مجتمعنا الفاضل.. حيث مرر أحد مجالس أمتنا قانوناً أو مادة للائحة الداخلية للمجلس، بموجبها ينشر بالجريدة الرسمية أسماء الغياب من الأعضاء عن جلسات المجلس ولجانه بعذر أو من دون عذر!.. والقصد من تلك الشفافية أن يشهر بالنائب أمام عموم ناخبيه الذين انتخبوه لتمثيلهم في المجلس ولجانه وأمام عموم الشعب، بشأن عدم التزامه بالحضور، وبالتالي تمثيلهم. وقد اطلعت على أحد أعداد الجريدة الرسمية «كويت اليوم» مؤخراً، وصدمني عدد الإعلانات الموجودة فيها باسم مجلس الأمة.. هذه الإعلانات عددت أسماء النواب الذين لم يحضروا جلسات اللجان البرلمانية الأكثر من مهمة والأكثر من حساسة، وقد أدرج بجانب اسم كل نائب غائب أنه لم يحضر بعذر أو من دون عذر.. وكان أكثر من لم يحضر – كما تم تدوينه – بعذر! وباطلاعي على الأسماء ومعرفتي لكثير من النواب المعتذرين، يتبين أن النواب الذين لم يحضروا بعذر يعدون على أصابع اليد، وذلك لوجودهم بالسجن! على سبيل المثال، أو هرباً من أحكام بالسجن، أو للمرض أو للعلاج في الخارج. أما البقية أو الأغلبية، فلم أجد أي عذر لعدم حضورهم، فكان غيابهم عن سبق إصرار وترصد وتعمد وإهمال مع شديد الأسف.. فإذا كان المثل السائد يقول إن الغائب حجته معاه.. فأنا بمقارنتي الوزير المستقيل مع نوابنا الغياب، أقولها بالفم المليان: غيابكم غير مقبول.. والغايب منكم ليست لديه حجة وعذره ليس معاه؟! ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. علي أحمد البغلي Ali-albaghli@hotmail.com

مشاركة :