الكيمياء.. حياة تتفاعل في «متحف نوبل» بدبي

  • 2/6/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

دبي: أمل سرور لم يكن المخترع والصناعي ألفرد نوبل، يدري أنه عندما كتب وصيته عام 1895، بوضع حجر الأساس لإطلاق أشهر جائزة في العالم، وهي جائزة نوبل، أن دانة الدنيا «دبي»، وتحديداً مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، سوف تحتفي به وتقدر إنجازاته التي صممت لها متحفاً متنقلاً يحمل اسمه، ليضم نماذج من الأعمال والإنجازات، وبعض المساهمات لأعظم العقول في العالم، ليصبح ذلك المكان ملهماً للأجيال الجديدة من المبتكرين والمخترعين العرب. حين تدخل منطقة سيتي ووك، وتقف أمام هذا الصرح العلمي الذي يتوسطها، تدب في جسدك قشعريرة، ربما تعرف سرها بعد أن تقرر عبور بوابة متحف نوبل، لتتجول وتطلق العنان لقدميك ما بين أروقة وأقسام المتحف الذي يقص علينا في دورته الرابعة حكاية واحد من أهم المجالات التي خصها نوبل بجائزته، وهو علم الكيمياء، بل ويتناول الإنجازات التي تحققت على أيدي الفائزين بجائزة نوبل عن هذه الفئة. والمهم الذي يتفرد به المتحف هذا العام هو تسليطه الضوء على أهم الكيميائيين العرب وإنجازاتهم في هذا المجال، وأثرهم في تطور علم الكيمياء، الذي يعد من العلوم التي اهتم بها، بل واكتشفها العرب والمسلمون من قديم الزمان.وتستطيع منذ الوهلة الأولى لدخولك المتحف أن تشعر بأنك عدت إلى الوراء للجلوس وجهاً لوجه مع العباقرة العرب، مثل جابر بن حيان، وأبو بكر الرازي، وسرعان ما تعود إلى القرن الحادي والعشرين عندما تقع عيناك على تلك الصورة المكبرة التي تتوسط المتحف للعالم المصري الراحل أحمد زويل الذي تحتفي بذكراه الدورة الرابعة للمتحف.«الكيمياء هي الحياة»، عبارة تستوقفك كثيراً عندما تجدها تستقبلك وقد كُتبت على شاشة عملاقة وسط المتحف، تنظر حولك فتشعر بأنك انتقلت إلى حالة من التوحد بينك وبين المكان الذي راح يمتلئ بالتفاعلات الكيميائية، والعناصر، والجزيئات، وقبل أن تفيق من حالة تأملك تستوقفك تلك اللوحة التي تحمل اسم قسم كيمياء غيَّرت العالم، والتي صُمِّمَت بأسلوب مبتكر نجح بجدارة في أن يجعل هذا القسم جاذباً لما يقدمه من تجربة استثنائية تضمن تفاعل الزائرين معه.خبايا كثيرة، وتفاصيل دقيقة، وجولة علمية ترفيهية تثقيفية تجذب الأطفال الذين راحوا يتوافدون من خلال رحلات مدرسية، وآخرين بصحبة أسرهم شدهم الفضول لمعرفة حكايات عالم الكيمياء. من أين يمكن أن تبدأ رحلتك داخل هذا الصرح العلمي الضخم؟ سؤال طاردني كثيراً، وسرعان ما حسمت الإجابة عنه عندما استسلمت لشرح مرافق الرحلة المدرسية الذي راح يشرح لطلابه تفاصيل أقسام المتحف، وبدأ جولته من عند تلك اللوحة التي تجيب عن سؤال في غاية الأهمية: من هو نوبل؟الإجابة تتيحها لوحة تعريفية للرجل وجائزته، بل إنها تتعرض أيضاً لقصة حياة وإنجازات الفريد نوبل، وبعض أهم الفائزين بالجائزة التي تحمل اسمه في الآداب والفيزياء والكيمياء وجائزة نوبل للسلام أيضاً. يتوقف مسار الرحلة قليلاً ليقول المرافق: ينقسم المتحف إلى خمسة أقسام تفاعلية، تغطي في محتواها العناصر الأساسية في علم الكيمياء، لتتضمن كيمياء الحياة، التفاعلات الكيميائية، العناصر، الجزيئات، إلى جانب قسم كيمياء غيَّرت العالم.لا أعرف لماذا قررت أن أبدأ من عند القسم الأخير الذي غير العالم، وهو الذي جذب الأطفال الزائرين بشكل ملحوظ، أقف لأتأمل تلك اللوحة التوضيحية التي تقول: عمليات كثيرة تحدث داخل الكائنات الحية، وهي متنوعة ومعقدة، وأنها تتبدل وتتغير بقيادة الكثير من التفاعلات، ولو تأملنا جسد الإنسان الذي درسه الفائزون بجائزة نوبل لشاهدنا الكثير من التغيرات. تتأمل ذلك القسم فتجده يستعرض معلومات عن الآثار التي تركتها المكتشفات العلمية والتكنولوجية، ويسلط الضوء على الاكتشافات وتطبيقاتها عن طريق عرض الأفلام القصيرة التي تتناول الجوانب والمشاكل التي يرغب الطلاب في أن تركِّزَ عليها الأبحاث الكيميائية في المستقبل.ومن كيمياء الحياة إلى قسم «التفاعلات الكيميائية»، إذ نشهد أنواعاً متعددة من التفاعلات الكيميائية المرتبطة بالاكتشافات الفائزة بجائزة نوبل، والأجمل هو الفيلم الوثائقي الذي نجح في أن يجذب كل الزائرين إليه، والذي عرض بشكل بسيط وملخص رحلة العالِم الراحل أحمد زويل الذي حدَّد اتجاه سير التفاعلات الكيميائية بشكل تفصيلي.ومن المصري الراحل د. زويل إلى العاِلمة ماري كوري، يصحبنا المتحف إلى جولة في مسيرتها الحافلة من خلال قسم «العناصر» الذي عرض فيه الجدول الدوري للعناصر، وخواصها المختلفة، إضافة إلى فيلم يوثق للحضور مسيرة كوري التي حصدت جائزة نوبل بعد اكتشافها عنصرين لم يكونا معروفين آنذاك، وهما «الراديوم والبولونيوم».ومن العناصر إلى قسم الجزئيات، يصحبنا المتحف في رحلة من العروض التفاعلية التي أتاحت لنا فرصة بناء نماذج من الجزيئات، ومشاهدة بعض النماذج الأخرى البسيطة والمعقدة التي لها علاقة بجائزة نوبل، لنعيش ما يقرب من ربع ساعة مع إنجازات العالِمة دوروثي كروفوت هودجكين، من خلال فيلم تسجيلي قصير يعرض لإنجازاتها ولحظات فوزها بجائزة نوبل عن عرضها طريقة بناء العديد من الجزيئات المعقدة في عالم الكيمياء.رحلة علمية ترفيهية تنهيها ابتسامات الأطفال وسعادتهم وأحلامهم التي تحلق في سماء الإمارات حالمة بحصد جائزة نوبل في مجال الحياة. بوابة لرؤية الكنوز يتيح المتحف إطلاق العنان لفكر الزائر ليجيب بنفسه وبحواسه وبقدراته وبفهمه لذاته على العديد من الأسئلة التي تحاصره، والتي يبدع فيها المتحف لمساعدته في الإجابة عليها، من خلال أجهزة شديدة التقنية والدقة تتيح له التفاعل من أجل فهم ذاته من خلال الضغط على زر، أو تحريك مكعب، ومن أهم تلك الأسئلة التي يطرحها المعرض، والتي نجحت في جذب الأطفال للمشاركة: ما العنصر الذي يمثلك؟ وماهي الأشياء التي يجب أن تركز عليها الأبحاث الكيميائية في المستقبل؟ ومن هو أحمد زويل؟ ومن هم الفائزون بجائزة نوبل؟جولة ثرية ما بين الاكتشافات التي حققها الفائزون بجائزة نوبل في هذا العلم تنجح بجدارة في أن تكون بمثابة بوابة تفتح أمامك الآفاق لرؤية الكنوز الرائعة التي يزخر بها عالمنا. وتُظْهِر لنا دور العرب في العالم. أفلام تسجيلية يتضمن المتحف العديد من اللوحات التي يستخدمها الزائر بنفسه من أجل الحصول على المعلومات من خلال عروض لأفلام تسجيلية، فلا يمكن ألا يقف أمام اللوحة التي تحكي قصة طبقة الأوزون، والأخرى التي يدخل معها عالم التمثيل الضوئي، وتلك التي يتجول فيها في عالم الأسمدة، والأخيرة التي يختتم بها جولته ليتعرف على مجتمع السيارات وانبعاثات العوادم.

مشاركة :