يخبرك الناس أن الدنيا ليست مكاناً مثالياً؛ لكي تستمتع، وظروفك لن تسمح لك، وتشعر في قرارة نفسك أن محاولتك للاستمتاع وسط هذه الظروف التي قد تظهر لك صعبة، هي خيانة لنفسك. ولكن في الحقيقة الاستمتاع حق مثله مثل الأكل والشرب، قد تدخل مطعماً وتطلب أغلى الأكلات ثم تفاجأ بخلوها من الملح؛ لأن الطباخ قد نسي أن يضع الملح واهتم بالشكل مثلاً أو بالمكونات الأخرى، كيف ستقيِّم الطعام والمطعم؟ وكيف ستكون تجربتك؟ وهكذا الاستمتاع بما نفعله هو ملح الطعام، البهارات التي تضفي على الأكل مذاقاً خاصاً يظهر محتواه ويجعلك تشعر بالسعادة.أن تضع البهارات على ما تفعله هو الأفضل، فأمرنا أن نأكل ببطء، وأن نشرب المياه على ثلاث، وقيل لنا: "نحن قوم لا نأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع". لا تشبع تعني ألا تأكل حتى تكون ممتلئ البطن، ومن الأخطاء التي تحدث لنا هو التطرف والمبالغة في الحصول على الأشياء، فجميع ما نحصل عليه هو نسبة وتناسب مع غيره. وعلى سبيل المثال، إذا أردت أن تحصل على الحب، قلَّ المال، وإذا أردت المال، قلَّ الحب وقلَّت الصحة، وهذا على سبيل المجاز لا أكثر. لا تشبع تعني ألا تجعل ما تريد يأخذ حيّزاً أكبر منك، فلا تستطيع إدراك ما يشعر به الناس، فتنسى في النهاية أن تحمد الله على النعم. واعلم أن حمدك لله -عز وجل- على نعمه وشكرك له يزيدها، ولكنَّ امتلاءك منها ينسيك ذكر الله ويجعلك عبداً لها عندما تأتيك الرغبة في الحصول عليها مرة أخرى. لا تشبع أخي الفاضل، وجعل هناك حيّزاً موجوداً داخلك ينقصه ما تريد، فهذا الحيّز هو ما يعطي لما تريد البريق واللمعان المطلوب الذي يجعلك تسعى له، ونفس هذا الحيز يجعلك عندك القدرة أن ترى العالم بحكمة أفضل وبشكل أكبر، وتعدد رغباتك في أشياء أخرى قد تكون الأفضل. أشرِك الناس وانتظر المعجزات وهي تحدث كذلك هناك أمر مهم وهو المشاركة التي هي ضمن الأشياء التي لم يتعلمها الأغلب منا، فمشاركة الشيء مع الآخرين هو ما يجعلك سعيداً أصلاً، ما الداعي أن تقوم بالتفنن في تجميل نفسك يومياً إن كنت تعيش وحيداً في هذا العالم؟ كل شيء نفعله، للناس حولنا نسبة فيه، نريد أن يهتم الناس بنا، ولكن الناس تمل؛ لذلك عليك مشاركتهم ما تأكل، ما تفكر، ما تصل إليه. الفرحة التي تراها في أعين الآخرين والتي تكون أنت سبباً لها، تعطيك هذه النسبة الإضافية التي يمكنك إضافتها لأي مجال آخر في حياتك. قد يكون الخطأ الذي نقع فيه هو رؤيتنا لما يستمتع به الآخرون، ونظن تماماً أننا سنشعر مثلهم إن حصلنا على ما يمتلكون، وقد يكون الخطأ الأكبر أن ننخدع فنظن أنهم يستمتعون لنجد أنهم لا يستمتعون، وأن متعتهم هي تلك الأشياء التي نمتلكها. عزيزي القارئ، لن نعرف قيمه الأشياء إلا لو خسرناها؛ لذلك عليك تقييم النعم التي أنعم الله بها عليك، كن ممتناً فالامتنان قوة لا محدودة لتغيير حياتك للأفضل، انظر وتفكّر في ما يحدث من خير في حياتك، واشكر الله -عز وجل- كما ذكرت سابقاً، قُم بتخيل ماذا سيحدث إذا خسرت هذه الأشياء التي تعتبرها بسيطة ولا تأثير لها. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
مشاركة :