أكد سعادة الدكتور أكسل وابنهورست سفير أستراليا لدى دولة قطر، في حوار لـ «العرب»، أنه متشائم من مستقبل الأزمة الخليجية بسبب المؤشرات الحالية؛ جراء انتشار التصعيد وتبادل الاتهامات والشتائم على مواقع التواصل الاجتماعي، لافتاً إلى أن المشكلة ليست في تقديم مبادرات جديدة لحل الأزمة، بل في غياب النية لدى دول الحصار للحوار، مستشهداً بما حدث في القمة الخليجية الأخيرة من تقليص دول الحصار مستوى مشاركتها الرسمية في قمة القادة. بالمقابل، ثمّن سعادة السفير موقف الدبلوماسية القطرية وتعاملها مع الحصار منذ بداية الأزمة، قائلاً: نحن لم نشهد أي تصعيد. ولا تزال قطر ترحّب بمواطني دول الحصار. وهناك 300 ألف مصري مقيم في قطر، وهذا يعني أن قطر لم تمارس التصعيد في المجال الإنساني، وقطر تفرّق بين السياسة والمجال الإنساني، رغم المشكلة السياسية.وبمناسبة احتفال السفارة الأسترالية باليوم الوطني اليوم الأربعاء، أكد سعادة الدكتور أكسل وابنهورست أن العلاقات بين البلدين قوية، في وقت بلغت حجم الاستثمارات القطرية مليار دولار أميركي في أستراليا.. وتفاصيل أخرى في نص الحوار التالي: ماذا يعني لكم الاحتفال باليوم الوطني لأستراليا؟ اليوم الوطني لأستراليا مناسبة لتفكير الأستراليين حول تاريخهم، خصوصاً تعدد الثقافات؛ حيث إن الأستراليين قدموا من كل أنحاء العالم، والسكان الأصليون جاؤوا قبل 40 ألف سنة. والأوروبيون وصلوا إليها قبل 240 سنة فقط. ولكن في العهود الماضية، هم أتوا من كل أنحاء العالم. كما أن اليوم الوطني يصادف وصول السفينة الأولى للبريطانيين إلى أستراليا. ماذا عن تطور العلاقات الثنائية بين البلدين؟ العلاقات ممتازة وقوية، وفي نمو مستمر. ونحن في سفارة أستراليا نتواصل مع جميع مؤسسات وأعضاء المجتمع القطري، ونحرص على مقاسمة القطريين أفراحهم ومناسباتهم وأعيادهم. ونعقد العديد من الاجتماعات مع التجار الأستراليين الذين يزورون قطر.. نحن نبني العلاقات، ونبحث عن فرص توطيدها. وماذا عن المبادلات التجارية بين البلدين؟ هناك مبادلات تجارية جيدة بين البلدين، الأسواق القطرية جاذبة لأنواع اللحوم الأسترالية التي تصل عبر السفن مباشرة من بلادنا، وهي من أشهر المنتجات الأسترالية المنتشرة بالدوحة؛ حيث نصدّر ما قيمته 200 مليون دولار أميركي سنوياً من اللحوم نحو الأسواق القطرية، إلى جانب الفواكه والخضراوات. كما نصدّر إلى قطر مادة خام الألومنيوم التي تمثل أكبر الصادرات الأسترالية، بإجمالي 200 مليون دولار أميركي سنوياً. في حين يبلغ إجمالي الصادرات الأسترالية حوالي 800 مليون دولار أميركي. وبالمقابل، فإن أهم الصادرات القطرية تشمل مواد بترولية موجهة لاستعمال السيارات، ومنتجات من مشتقات النفط تساعد على الزراعة ونمو النبات، إلى جانب الألومنيوم؛ حيث تصدّر أستراليا خام الألومنيوم وتستورد الألومنيوم من قطر. ويبلغ إجمالي الصادرات القطرية نحو أستراليا حوالي 300 مليون دولار. لكن لا بدّ من التنويه بأن قطر لديها صادرات قوية في مجال الخدمات والتي تصل إلى 600 مليون دولار أميركي أيضاً، من قبيل الرحلات التي توفرها الخطوط الجوية القطرية، إلى جانب السياحة والتعليم، وخدمات مهنية مثل المحاسبة والمحاماة وغيرها؛ حيث يدفع الأستراليون مبالغ مالية مقابل الحصول على تلك الخدمات. ونحن نعتبر تلك الخدمات جزءاً من الصادرات القطرية. هل هناك اهتمام لتوثيق التعاون بين البلدين الرائدين في مجال الغاز؟ الغاز في أستراليا بيد القطاع الخاص، والحكومة لا تتدخل في السياسات المتعلقة بقطاع الغاز. والشركات عندنا تدفع الضرائب للحكومة، بموجب عقد بين الطرفين؛ ولذلك لا يوجد دعم حكومي لقطاع الغاز، لكن لا مانع من تشجيع حوار بين شركات الغاز القطرية والأسترالية، في ظل اهتمام شركات قطرية بالاستثمار في قطر. هل هناك استثمارات قطرية في أستراليا؟ هناك استثمارات قطرية مهمة جداً في الزراعة، عن طريق شركة حصاد القطرية. وحجم الاستثمارات يبلغ نحو 400 مليون دولار أميركي، وهذا مفيد جداً. إلى جانب استثمارات قطرية في شبكة توفير الكهرباء في ولاية نورت ثاوت ويلز، واستثمارات في مبنى فاخر وسط مدينة سيدني، واستثمارات في مجال الفنادق بأستراليا. ومجموع الاستثمارات القطرية في كل القطاعات يفوق المليار دولار أميركي. وماذا عن التعاون في مجال الأمن والدفاع؟ هناك تعاون مهم جداً؛ ففي مجال مكافحة الإرهاب، هناك تنسيق وتعاون كبير بين البلدين. وأستراليا تقدم دعماً للقاعدة العسكرية في منطقة العديد، والتي تلعب دوراً مهماً في كل نشاطات مكافحة الإرهاب؛ حيث يتواجد عدد من الجنود الأستراليين، وإن كان عددهم ليس كبيراً. هل هناك اهتمام لدى بلادكم بتعزيز التعاون العسكري مستقبلاً؟ نعم هذا ممكن، وحتى الآن لا يوجد شيء معلن. أستراليا لديها صناعة متميزة في مجال الدفاع، ورغم أننا لا نصنع الطائرات الحربية، ولكن لدينا صناعة قوية جداً في مجال صناعة السيارات العسكرية المصفحة، ويهمنا أن تكون هناك صفقة لبيعها إلى دولة قطر. وبخلاف ذلك، فالتنسيق قوي في مجال مكافحة الإرهاب، وحول القضايا الإقليمية والدولية، وهناك حوار مستمر بين البلدين. ما موقف بلادكم من أزمة الحصار ضد قطر؟ أستراليا تربطها علاقات جيدة مع دول الخليج كافة، ونحن ندعم الوساطة الكويتية، ونأمل أن تكلل جهودها بحل الأزمة مستقبلاً. وما تقييمكم لتعامل الدبلوماسية القطرية مع الأزمة؟ بالنسبة للموقف القطري من الأزمة، فنحن لم نشهد أي تصعيد. ولا تزال قطر ترحّب بمواطني دول الحصار. وهناك 300 ألف مصري مقيم في قطر، وهذا يعني أن قطر لم تمارس التصعيد في المجال الإنساني. وقطر تفرّق بين السياسة والمجال الإنساني، رغم المشكلة السياسية. ألا ترون أن دول الحصار هي من ترفض الحوار؟ هناك جهود للوساطة الكويتية، خصوصاً في الأشهر الأولى للحصار. وزار العديد من وزراء الخارجية والمسؤولين من دول غربية وتركيا، وكلهم أرادوا المساعدة في حل الأزمة، ولكن حتى الآن لم ينجحوا، وهذا ليس بسبب نقص محاولات الحل، كما هو واضح. لقد شاهدنا ما حدث في القمة الخليجية الأخيرة التي حضرها صاحب السمو أمير قطر، وسمو أمير الكويت، بينما لم يكن الحضور على مستوى العائلة الحاكمة من طرف دول الحصار، بل على مستوى الوزراء؛ ولذلك أعتقد أنه كان من الواضح أنه لم تكن هناك نية للحوار لدى دول الحصار حول الأزمة. وهل من جهود لأستراليا لدعم الجهود والوساطة الكويتية؟ شاهدنا كل الجهود التي بُذلت، ولا أعرف ما يمكن أن تضيفه أستراليا. نحتاج إلى أفكار جديدة ربما، ولكن في رأيي دولة الكويت تبذل جهوداً كبيرة، وليس لأستراليا خبرة إضافية.. نحن نريد حل الأزمة، وندعم الوساطة الكويتية. هل تأثرت العلاقات الثنائية والاستثمارات الأسترالية في قطر جراء الحصار؟ في بداية الأزمة، كان هناك اتجاه للبحث عن مصادر جديدة في مجال المنتجات، ومواد لإنجاز المشاريع؛ لكن القطاع الخاص بطبعه ليّن، وفوراً أوجدوا حلاً للمشكلة. صحيح أنه في بداية الأزمة لا أحد كان يعرف ما سيحدث في المستقبل، ولكن مع مرور الأيام شاهدنا أن كل شيء متوفر في الأسواق القطرية، فالحياة طبيعية ومستمرة في قطر، والأمور مستقرة. هل تجدون أن الحياة تغيرت في قطر بعد 8 أشهر من الحصار؟ المشاكل التي سبّبها الوضع الحالي للعائلات المعزولة عن أقاربها تعدّ أزمة كبيرة، إلى جانب الطلاب الذين أُجبروا على إنهاء مشوارهم الدراسي في الدول الأخرى، دون منحهم شهادات، والمرضى الذين أُجبروا على مغادرة المستشفيات.. كل ذلك سبّب معاناة. بخلاف ذلك أعتقد أن الحياة عادية ومتواصلة في قطر. ما قراءتكم لمستقبل الأزمة؟ أنا متشائم قليلاً بسبب نقص الحوار.. هناك شكاوى، مقابل غياب الحوار لحل المشكلة. وهناك زيادة للشتائم في وسائل التواصل الاجتماعي، ليس من الناس العاديين فقط، بل من مسؤولين وصحف، وهذا ما يدفعني للتشاؤم. نحن لا نعلم ما سيحدث مستقبلاً؛ لكن المؤشرات تدفع للتشاؤم. «الساحل الذهبي» قبلة السياح القطريين قال سعادة الدكتور أكسل وابنهورست سفير أستراليا لدى دولة قطر في حواره لـ «العرب»، إن المسلمين وصلوا إلى أستراليا قبل 150 سنة تقريباً، وبنوا سكك الحديد وسط أستراليا. وفي ذلك الوقت، جاؤوا بالجمال، ولذلك يشهد وسط أستراليا انتشاراً للجمال. وقبلها وصل المسلمون إلى شمال غرب أستراليا للبحث عن اللؤلؤ، حيث وصل التجار إلى مدينة بقيت تحتفظ إلى يومنا بأسماء عربية لعائلات أسترالية. كما وصل المسلمون من إندونيسيا. ويمثل المسلمون نسبة 2.5 % من مجموع 24 مليون أسترالي، أي حوالي 500 ألف مسلم أسترالي. وهناك مساجد منتشرة في بلادنا، ويعيش المسلمون بشكل عادي في كل المدن، حيث يوجد أقدم مسجد في مدينة أدلاي منذ 140 عاماً. ومنذ ذلك الوقت، بنيت العديد من المساجد. وأغلب المسلمين يستقرون في سيدني وكانبيرا وميلبورن وبعض القرى في الريف، حيث يتواجد قرابة ألف مسجد. وعندما زرت مدينة جاوكست «الساحل الذهبي» التي تعتبر المدينة السياحية المحبوبة للقطريين، قال لي عمدة المدينة إنه طلب من مراكز التسوق بمضاعفة عدد المصليات للسياح الخليجيين. 5 رحلات يومياً لـ «القطرية» إلى أستراليا قال سعادة الدكتور أكسل وابنهورست سفير أستراليا لدى دولة قطر في حواره لـ «العرب» إن هناك 3300 مواطن في قطر، يعملون في الجزيرة ومجالات الطب والطيران والغاز والبنية التحتية. وهناك شركات أسترالية ساعدت في بناء المترو، وميناء حمد الجديد، ودور جزئي في بناء البنية التحتية. وسيتم تدشين خط جديد للخطوط القطرية الجوية بعد 3 أسابيع تقريباً إلى مدينة كامبيرا. وحالياً توجد 4 رحلات يومياً، وسنصل إلى 5 رحلات يومياً عبر الخطوط القطرية إلى مدن أسترالية. ولدينا تقريباً معدل ألف مواطن قطري سائح يسافرون إلى أستراليا، وهم في تزايد.;
مشاركة :