تصعيد في الجزائر ضد تجميد الاعتماد الرسمي للأحزاب بقلم: صابر بليدي

  • 2/8/2018
  • 00:00
  • 16
  • 0
  • 0
news-picture

أحزاب سياسية تنتقد رفض السلطة مبدأ التعددية الحزبية والمدنية.العرب صابر بليدي [نُشر في 2018/02/08، العدد: 10894، ص(4)]يدنا فوق الأحزاب الجزائر - هدّد مؤسس ورئيس حزب الجزائر للعدالة والبناء عبدالرحمن هنانو بتصعيد وتيرة الاحتجاج واعتماد كل الأساليب المشروعة، ومن بينها الاعتصام والإضراب عن الطعام، للضغط على وزارة الداخلية من أجل منحه الاعتماد الرسمي. ويحتج الحزب ضد الديمقراطية الشكلية في البلاد التي كرست سياسة الموالاة للسلطة وأغلقت الباب أمام الفاعلين الحقيقيين في المجالات السياسية والمدنية والنقابية. وكشف هنانو أن حزبه يستعد لانعقاد هيئة مجلسه الوطني نهاية الشهر الجاري من أجل بلورة مشروع تصعيد اللهجة المطلبية مع وزارة الداخلية والجماعات المحلية، بهدف الحصول على الاعتماد الرسمي المجمد منذ العام 2012. وأكد هنانو، لـ”العرب”، أن “كل الأساليب فشلت لحد الآن في دفع الوزارة إلى تحصيل حقنا في الممارسة السياسية، وسننتظر لغاية الأسبوع الأول من شهر مارس القادم، قبل الدخول في حراك ميداني يتمثل في اعتصام وإضراب مفتوح عن الطعام”. ونفى أن يكون موقفه تهديدا أو تصعيد لهجة فقط، مؤكدا أن الأمر ينطوي على قناعة لدى أنصار حزب الجزائر للعدالة والبناء من أجل الحصول على حقهم في النشاط السياسي وأن الحزب بالنسبة لهم هو وسيلة لتجسيد مشروع شامل. وتوقفت الحكومة الجزائرية عن منح الاعتماد للأحزاب السياسية منذ العام 2012 لأسباب غير معلنة. وتنتظر العشرات من الملفات الترخيص الرسمي منذ سنوات دون أن يتمكن أصحابها من الحصول على الرخصة الرسمية، رغم المساعي الجماعية والفردية التي قاموا بها ورغم الدعم الذي حظيت به من طرف أحزاب المعارضة. وكان وزير الداخلية والجماعات المحلية نورالدين بدوي قد أشار في رده على سؤال نواب البرلمان حول وضعية الجمعيات الناشطة في المستويات المحلية والوطنية، إلى مراجعة قانون الجمعيات بما يضفي المزيد من الليونة في الإجراءات المتعلقة بالتأسيس ومن بينها تقليص عدد الأعضاء المؤسسين وإلغاء البعض من الوثائق الإدارية المطلوبة في ملفات الاعتماد.عبدالرحمن هنانو: وزير الداخلية يحاول التغطية على الواقع المؤلم للحريات في الجزائر ولم يتطرق الوزير إلى مسألة الأحزاب السياسية المجمدة منذ العام 2012، رغم ما تضفيه العملية من طابع الانغلاق السياسي وتقليص هامش الحريات على النظام السياسي الحاكم، وهو ما كان محل انتقاد منظمات حقوقية محلية وأجنبية لوضع الحقوق السياسية في الجزائر. واعتبر هنانو أن تصريح وزير الداخلية “كلام موجه للاستهلاك الإعلامي” من أجل التغطية على “الواقع المؤلم” للحريات السياسية والمدنية في البلاد، باعتبار أن العبرة بالممارسة الفعلية وليس بالخطابات. وأضاف “الأمر لا يتعلق بوزير داخلية معين وإنما بتوجه سياسي شامل يرفض التعددية الحقيقية والاعتراف بالفاعلين المؤثرين في المجتمع، لأن المهم بالنسبة للسلطة هو الاستمرار في مواقعها بأذرع سياسية ومدنية موالية وليس بطبقة حزبية وجمعياتية جادة وحقيقية”. وتابع “مر ثلاثة وزراء داخلية على ملف الأحزاب غير المعتمدة ولم يتم حل المسألة رغم المساعي الفردية والجماعية لأصحاب الملفات المجمدة في وزارة الداخلية، ما يرسخ نية السلطة في التمسك بأسلوب الانغلاق والتضييق”. ويرى مراقبون أن المقاربة الأمنية للحكومة الجزائرية جعلتها تنظر بعين الحذر للمجتمع المدني، بسبب ارتباطاته الأيديولوجية والسياسية في البعض من الأحيان. وحتى مصادر تمويل مكونات المجتمع المدني باتت مصدر قلق للأمن الجزائري، بعد ثبوت صلات مشبوهة بين البعض من الجمعيات وبين تيارات فكرية ودينية تستهدف التموقع في البلاد وتنفيذ أجندة تفكيك المجتمع. وأشار وزير الداخلية إلى أن مشروع قانون الجمعيات “يكرس حق إنشاء الجمعيات وحرية النشاط في إطار القوانين وترسيخ طابع خدمة الصالح العام في مختلف المجالات والاهتمامات، فضلا عن توسيعها إلى مجال حقوق الإنسان وترقية المواطنة لما له من أهمية بالغة لدى فعاليات المجتمع المدني”. وكان ملف الأحزاب السياسية والجمعيات المدنية على رأس حزمة الإصلاحات التي أطلقها الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة خلال العام 2011، من أجل تفادي موجة الربيع العربي التي اجتاحت آنذاك عددا من الدول العربية. وسمحت تلك المبادرة حينها بمراجعة القوانين مما منح الاعتماد لعدة أحزاب وجمعيات، لكن العملية توقفت في العام الموالي لأسباب غير معلنة. وبرر وزير الداخلية في وقت سابق الأمر بـ”المسائل التنظيمية والهيكلية للملفات الموجودة بحوزته”، وهو ما لم يقنع الفاعلين السياسيين الذين وسعوا منذ العام 2015 الأرضية المطلبية. ولم تتمكن مساءلة نواب المعارضة في البرلمان لأعضاء الحكومات المتعاقبة من تحريك الملف إلى حد الآن. وتحدثت مصادر مقربة من هذا الملف عن عزم السلطة مراجعة جديدة لقانون الأحزاب السياسية لتكون غطاء لتمرير اعتمادها لفعاليات سياسية مقربة منها. وقالت نفس المصادر إن العملية سترفق بالترخيص للبعض من الأحزاب، بغية إضفاء طابع الانفتاح السياسي والتعددية في البلاد.

مشاركة :