الضغوط تحاصر منتخب تونس بقلم: مراد البرهومي

  • 2/8/2018
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

الضغوط تحاصر منتخب تونسأجواء ضبابية وغامضة تسود حاليا معسكر المنتخب التونسي على درب التحضير لموعد مونديال روسيا 2018، فرغم رسائل الطمأنة التي قدمها رئيس الاتحاد التونسي لكرة القدم وديع الجريء بعد إعلانه عن جدول المعسكرات والمباريات الودية للمنتخب التونسي خلال الأشهر القادمة، إلا أن الأنباء القادمة من خلف الكواليس توحي بأن الوضع غير مطمئن بالمرة خاصة وأن بعض المعطيات تؤكد بأن رئيس الاتحاد بدأ بسحب البساط من تحت أقدام المدرب نبيل معلول.العرب مراد البرهومي [نُشر في 2018/02/08، العدد: 10894، ص(22)]المسؤولية جماعية تونس - كانت أول أيام هذا الأسبوع حبلى بالأخبار المتعلقة بالمنتخب التونسي، فرغم أنه لا يجري حاليا أي معسكر تدريبي والجميع منهمك بالمنافسات المحلية إلا أن الشغل الشاغل والهدف الأسمى لدى اتحاد الكرة في تونس هو الإعداد الجيد للموعد الكوني الأسمى المتعلق بالمشاركة التونسية الخامسة ضمن منافسات كأس العالم، غير أن هذه الأخبار ليست كلها جيدة ومطمئنة، والقرارات التي أعلنها اتحاد الكرة فسرها البعض بأنها قد تهدد استقرار “عش نسور قرطاج” قبل حوالي أربعة أشهر من بداية المنافسة المرتقبة. ضربة في الصميم القرار الأبرز والأخطر الذي صدر من رحاب الاتحاد التونسي لكرة القدم تمثل في إقالة نادر داود المدرب المساعد لنبيل معلول المدير الفني للمنتخب التونسي، ودون تقديم مبررات موضوعية وواضحة صدر بيان يؤكد انتهاء العلاقة التي تربط بين هذا المدرب المساعد والمنتخب التونسي. تفاجأ الرأي العام المهتم بأخبار منتخب تونس بهذا القرار، فأغلب المطلعين يدركون جيدا مدى متانة العلاقة التي تربط بين معلول ومساعده داود. ففي أغلب التجارب التي خاضها المدرب الحالي لمنتخب تونس سابقا كان يحرص على الاستنجاد بخدمات مساعده الوفي، وفي كل مرة يحرص على أن يكون مساعده الأول ليرافقه في حله وترحاله، وعندما عرض على معلول تدريب المنتخب التونسي الأول لخلافة المدرب البولندي هنري كاسبارجاك اشترط أن يضم الجهاز الفني للمنتخب مساعده الدائم نادر داود، فكان له ما أراد. بعد ذلك تمكّن نبيل معلول من الاستفادة من كل الظروف المواتية ليتمكّن من قيادة “نسور قرطاج” نحو التأهل إلى المونديال بعد غياب خلال الدورتين السابقتين، سعد معلول كثيرا بهذا الإنجاز وشدد على أن معاونيه ضمن الجهاز الفني كان لهم دور مؤثر في تحقيق هذه الغاية، مشددا على أنه مطمئن بخصوص مستقبل تونس بوجود هؤلاء المساعدين. بدأ الجهاز الفني منذ فترة التحضير الفعلي للمونديال حيث أجرى منتخب تونس معسكرا خارجيا أثار الكثير من الجدل واللغط وانتقده البعض بشدة نظرا لطول مدته وعدم جدواه بسبب غياب المحترفين، بيد أن معلول أكد أن ذلك المعسكر كان مثمرا ومفيدا لأنه مكّن الجهاز من الاقتراب أكثر ما يمكن من اللاعبين وتقييم مستواهم، لكن معلول لم يكن يدري أن ذلك المعسكر سيضر به أو بالأحرى بمساعده الوفي. في هذا السياق أوضحت بعض المصادر المطلعة أن هناك تجاوزات حصلت خلال تلك التحضيرات الخارجية، هي تجاوزات كشفت لرئيس الاتحاد التونسي لكرة القدم أن وجود المدرب المساعد نادر داود لا جدوى منه، وحسب تفسيرات بعض العارفين هو لا يخدم مصلحة المنتخب بقدر خدمته لمصالح “ولي نعمته” نبيل معلول، وتأثيره لا يتعدى مجرد تقديم خدمات للمدرب الأول، أما بالنسبة إلى الجوانب الفنية فإن داود ليس بمقدوره تقديم أي إضافة، لذلك فإن مكانه لا يمكن أن يكون ضمن تركيبة الجهاز الفني. في هذا السياق، ورغم معرفة وديع الجريء رئيس الاتحاد بمتانة العلاقة بين معلول ومساعده إلا أنه درس الملف بروية واطلع على ما حصل خلال المعسكر الخارجي، قبل أن يتخذ قرار تنحية المدرب المساعد داود دون العودة إلى معلول. بعد هذا القرار أكد بعض المحللين أن العلاقة بين معلول والجريء ستتوتر ويحصل صدع كبير من الصعب رأبه، لكن هذا الأمر لم يحصل بل عكس ذلك اجتمع الرجلان وأعلنا عن برنامج التحضيرات القادمة للمنتخب التونسي دون الحديث أو التطرّق ولو قليلا لملف إقالة المدرب المساعد. تجنيس كوليبالي قبل المعسكر الخارجي الذي أجراه منتخب “نسور قرطاج” في بداية العام الجديد، حرص نبيل معلول على دعوة اللاعب الإيفواري للترجي التونسي فوسيني كوليبالي وطالب بمنحه الجنسية التونسية يقينا منه أن هذا اللاعب قادر على تقديم الإضافة، في البداية سارت الأمور مثلما اشتهى معلول ووجه الدعوة للاعب الإيفواري للمشاركة في ذلك المعسكر رغم معارضة الجميع. بعد ذلك ساد الاعتقاد أن كوليبالي سيحصل على الجنسية التونسية بمباركة معلول لكن حصل العكس، فالاتحاد التونسي للكرة أوضح في بيان آخر أنه لن يساند ملف منح الجنسية لكوليبالي مشددا على أن القرار النهائي صدر بعد التشاور مع الجهاز الفني للمنتخب الذي استقر قراره في نهاية المطاف على أن متوسط ميدان الترجي لا يمكنه أن يقدّم الإضافة للمنتخب في ظل وجود لاعبين تونسيين لحما ودما أفضل منه. بيد أن هذا الغموض الذي أحاط بملف تجنيس كوليبالي لم يزل أبدا بمجرد هذا البلاغ الصادر عن اتحاد الكرة التونسي، فبعض العارفين بخبايا الأمور في الكواليس شدّدوا على أن قرار صرف النظر عن تجنيس اللاعب الإيفواري كان قرارا أحاديا من قبل رئيس الاتحاد التونسي الذي يبدو أنه تفطن لوجود جبهة معارضة قوية للغاية ترفض اللجوء للاعب “عادي”، أما بالنسبة لنبيل معلول فإنه التزم الصمت ورضخ لقرار وديع الجريء رغم أنه مازال في قرارة نفسه متحمسا للغاية لدعوة اللاعب الإيفواري مرة أخرى. كان بعض المتابعين لأخبار اتحاد الكرة والمنتخب التونسي يتكهنون بأن نبيل معلول “سيأثر” لنفسه من التدخل الخفي لرئيس الاتحاد في عمله ومن ثمة يقرر الرحيل والاستقالة من تدريب “نسور قرطاج”، لكن هذا الأمر لم يحصل بعد، وربما لن يحصل مستقبلا، فمعلول فكر مليا وأدرك أن الوجود على رأس الجهاز الفني لمنتخب يشارك في نهائيات كأس العالم أكبر بكثير من مجرد الرضوخ لتدخلات رئيس اتحاد الكرة، فشرف الظهور ضمن نخبة المدربين الوطنيين في محفل كوني بامتياز لا يناله الجميع. لذلك رأى معلول أنه من الأفضل “طأطأة” الرأس ولو قليلا حتى تمر العاصفة، وبعد ذلك قد يكون هناك تصرف آخر، معلول شعر فعلا أن مجرد التذمر أو النقد ليس مسموحا في الوقت الراهن، والبقاء بصفة مدرب محدود الصلاحيات أفضل بكثير من “الخروج بطلا بموقف الرافض” قبل أشهر معدودات من المونديال، لذلك صمت ولم يرد الفعل بعد الإطاحة بمساعده المخلص، ووافق على نسيان ملف تجنيس الإيفواري فوسيني كوليبالي، فالأهم من كل هذا الاستفادة من الفرصة التاريخية التي أتيحت له ليكون المدرب الأول للمنتخب التونسي في كأس العالم. والأكثر من ذلك أن معلول أدرك أن فرصة تدريب منتخب تونس مستقبلا قد لا تتاح له مجددا، إذ مازال يتذكر ملامح الفشل الذي رافق تجربته الأولى على رأس “نسور قرطاج” عندما خسر مباراة هامة للغاية على درب التأهل إلى مونديال البرازيل 2014 أمام منتخب مغمور وهو منتخب الرأس الأخضر الذي تغلب على المنتخب التونسي في ملعب رادس بالذات بقيادة معلول الذي غادر من الباب الصغير.

مشاركة :