ماذا يبقى للبرامج الساخرة إذا التزمت بضوابط السلطة في مصر بقلم: أحمد جمال

  • 2/14/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

ماذا يبقى للبرامج الساخرة إذا التزمت بضوابط السلطة في مصرتعتمد البرامج الساخرة على الجرأة والمبالغة في التعاطي مع القضايا الاجتماعية والسياسية، لكن هذه الجرأة أثارت ضجة في مصر، ويسعى القائمون على الإعلام لضبطها وإلزامها بمراعاة الآداب العامة، تحت طائلة الإيقاف والمنع من العرض.العرب أحمد جمال [نُشر في 2018/02/14، العدد: 10900، ص(18)]الحاجة ملحة إلى استنساخ ثقافة قبول النقد قبل استنساخ البرامج الأجنبية القاهرة- يبدو أن جرأة الموضوعات التي تتناولها البرامج الساخرة قد استفزت حفيظة البرلمان المصري والمجلس الأعلى للإعلام في مصر، فأوقف الأخير برنامج “SNL بالعربي”، على فضائية “أون إي”. فيما قرر البرلمان المصري تسريع وتيرة إجراءاته للانتهاء من مشروع قانون تنظيم الإعلام، بسبب ما أسماه “تشويه تلك البرامج لسمعة مصر بالخارج”. وتطرح هذا الهجمة على البرامج الساخرة تساؤلات حول إمكانية جذبها للمشاهد في حال أفرغت من مضمونها، باعتبار أن هذه النوعية من البرامج تعتمد أساسا على المبالغة والسخرية في التعاطي مع القضايا والمشاكل المجتمعية، وهي إعادة إنتاج لبرامج أجنبية أساسا، وهي موجودة في الكثير من دول العالم وليست حكرا على مصر. وقالت هويدا مصطفى أستاذة الإعلام بجامعة القاهرة إن البرامج الساخرة تعتمد على الخروج من المألوف بطبيعتها وترتكن كذلك إلى مناقشة بعض القضايا بشكل غير واقعي، وبالتالي فإن وقفها إداريا يبرهن على توغل المجلس الأعلى في جميع المحتويات الإعلامية المعروضة، ويعدّ أحد أوجه التضييق على حرية الإعلام. وأضافت في تصريحات لـ”العرب”، إن غالبية البرامج الساخرة يتم نقل فكرتها الرئيسية من برامج أجنبية تعرض منذ العشرات من السنين، وبالتالي فإن التدخل في شكلها يفقدها مضمونها الرئيسي الذي تقدمه، وهو ما انعكس على جماهيرية العديد من البرامج الساخرة التي ظهرت على الساحة الإعلامية مؤخرا. وعلى مدار السنوات الماضية حاولت العديد من الفضائيات المصرية التركيز على البرامج الساخرة كإحدى أدوات جذب الجمهور والتي تستطيع أن تعوّض تقليل الجرعات السياسية في البرامج التي تقدمها غالبية الفضائيات المصرية. ولفتت مصطفى النظر إلى بعد آخر يساهم في نظرة السلطة للبرامج الساخرة وهي غياب ثقافة تقبل النقد الموجه خلالها، كما هو الحال بالنسبة لجميع البرامج الساخرة في العالم.هويدا مصطفى: المجلس يستخدم تهما مطاطة لوقف البرامج كعدم مراعاة الآداب وأضافت أن المجلس يستخدم تهما مطاطة لوقف البرامج مثل “عدم مراعاة الآداب العامة”، وهي تهمة من الممكن استخدامها في التضييق على حرية الإعلام، كما أن الأصل في الأشياء هو الإتاحة، تحديدا في ما يتعلق بالبرامج الساخرة، والتي تعرض في أوقات متأخرة من الليل وتشوش الألفاظ الخارجة حال استخدامها. ويتعامل القائمون على تنظيم الإعلام بطريقة صارمة مع هذه البرامج، فقد طالب النائب مصطفى بكري وهو كاتب وإعلامي ومقدم برنامج أسبوعي على قناة صدى البلد، في بيان قدمه إلى البرلمان، باتخاذ إجراءات صارمة ضد البرامج الساخرة، واتهمها بانتهاك كل القيم والأعراف المجتمعية من خلال تقديم منتج يتضمن إساءة للمرأة المصرية وإظهارها على أنها خائنة وتمارس الدعارة، أثناء مناقشتها بعض القضايا المجتمعية، وذلك عبر استخدام بعض الإيحاءات الجنسية. وأيده في ذلك علي عبدالعال، رئيس البرلمان المصري، قائلا إن هذه البرامج تخدم مصالح دول معينة، وأن بعضها تسبب في العديد من المشاكل المجتمعية، وطالب لجنة الثقافة والإعلام بسرعة الانتهاء من القوانين المنظمة للصحافة والإعلام والتي لم يتم إقرارها بعد. وجاءت مناقشات البرلمان بعد يوم واحد من إصدار المجلس الأعلى للإعلام (هيئة مستقلة)، قرارا بوقف عرض برنامج “SNL بالعربى”، “لاستخدامه الألفاظ والعبارات والإيحاءات الجنسية التي لا تليق بالعرض على المشاهدين وتخالف المعايير الأخلاقية والمهنية”، بحسب بيان المجلس. وحاول المجلس إيصال رسالة إلى الرأي العام المصري تؤكد على أن المستهدف ليست البرامج الساخرة تحديدا، وأن قرار الوقف بسبب استخدام ألفاظ وعبارات خارجة عن الذوق العام، وهو ما دفعه لإعلان إحالة برنامج “الناس الحلوة” المذاع على فضائية “القاهرة والناس” للتحقيق، وذلك عقب بثه لصور إباحية بأحد حلقاته. لكن خبراء إعلام رأوا أن التعامل مع البرامج الساخرة ينبغي أن يكون مختلفا عن غيره من البرامج العامة المخالفة، إذ أنها تلتزم بإعلان التصنيف العمري، وتؤكد على أنها مخصصة للكبار فقط، كما أنها تعتمد على المبالغة في مناقشة القضايا التي تناقشها وهو جزء أساسي من السمات الأساسية لها. ويتمتع “SNL بالعربي” بخصوصية تصعب من مسألة تحقيق الهدف المعلن لمنعه من العرض وهو وصول الألفاظ الخارجة عن المألوف إلى المواطنين ومراعاة الذوق العام، إذ أن البرنامج يذاع على أكثر من فضائية عربية في الوقت ذاته، وبالتالي فإن مسألة حجبه لن تؤتي ثمارها، كما أن البرنامج ليس إنتاجا مصريا خاصا يمكن التحكم في المحتوى الذي يقدمه، إذ أن البرنامج تطلقه شبكة قنوات “أوربيت” و”الشو تايم”. ويعد البرنامج الذي يقدمه الثنائي الكوميدي “شادي ألفونس وخالد منصور”، النسخة العربية من البرنامج الأميركي “ساترداي نايت لايف” الذي يعتمد على عرض مجموعة من المشاهد الكوميدية الساخرة، واستضافة المشاهير والفرق الموسيقية. وقال حاتم زكريا وكيل المجلس الأعلى للإعلام إن العقوبة التي تعرّض لها البرنامج تعد نوعا من التحذير لعدم تكرار التجاوزات مرة أخرى، وأن البرنامج سيعود للعرض بعد أن يتم حذف الأجزاء التي تتضمن ألفاظا خارجة، لافتا إلى أن العقوبة في ذاتها منقوصة وأن الجرم الذي ترتكبه العديد من البرامج يستوجب وقف عرضها. وأضاف في تصريحات لـ”العرب”، إن الهدف ليس التضييق على حرية الإعلام ولكن العمل على تنظيمه بالشكل الذي يضبط أداءه، وبالتالي فإن المجلس لا يصعّد من عقوباته حين تقوم القناة أو البرنامج بتكرار التجاوزات التي وقع فيها من قبل، وهو ما يجعل العقوبات رمزية بالأساس وتستهدف تنبيه الجميع بعدم الوقوع في تلك الأخطاء.

مشاركة :