بغياب وجوه بارزة من حلفائه، مثل رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، وانسحاب حزب "الكتائب اللبنانية"، أحيا رئيس الحكومة سعد الحريري، أمس، الذكرى الـ 13 لاغتيال والده رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، في مجمع "البيال"، وسط بيروت، بحضور بعض أعداء الأمس، مثل وزير العدل سليم جريصاتي، الذي كان أبرز المناهضين للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان وأثار حضوره استنكار البعض. وشدّد الحريري في كلمته على أن "قرار النأي بالنفس، هو عنوان أساس من عناوين التحدّي، وتثبيت لبنان في موقعه الطبيعي، دولة تقيم أفضل العلاقات مع الدول العربية وترفض أي إساءة لها. والقرار لم يُتخذ ليكون حبراً على ورق، من يوقّع على قرارٍ تتخذه الدولة، عليه احترام هذا القرار". واتهم الحريري بعض خصومه بأنهم "يعلمون أنّ المواجهة السياسية الحقيقية بين تيار المستقبل وحزب الله، وأنّ ما يقومون به لم يمكنهم من الحصول على ذرة واحدة من رصيد حزب الله وحلفائه في الانتخابات. لكنهم يراهنون على أن يتصيدوا فتات الموائد في تيار المستقبل، ليجعلوا من هذا الفتات وجبة انتخابية يستقيد منها مرشحو الحزب وحلفاؤه"، مؤكّداً أنّ "الذين يزايدون علينا يعرفون أن أكثر ما يمكن تحقيقه هو إضعافنا لمصلحة حزب الله، وهم فعليا يعملون لدى حزب الله". ولفت إلى أنّ "أسابيع قليلة تفصلنا عن الانتخابات النيابية، التي نراهن على أن تكون نقطة تحول في حياتنا البرلمانية، وخلال ايّام سنعلن أسماء المرشحين، وندخل حلبة الانتخابات تحت مظلة الرئيس رفيق الحريري. وبرنامجنا في تيار المستقبل للانتخابات، هو إعادة الاعتبار لزمن رفيق الحريري، محرّرين من ضغوط الوصاية ومتسلقين على اكتاف الدولة والقانون". وجزم الحريري بأنّ "هناك ثوابت لا يمكن للبلد أن يستقر من دونها، منها الاحكام التي ستصدر عن المحكمة الدولية، فهي ملزمة للسطات اللبنانية بملاحقة المذنبين، إضافة إلى حصرية السلاح بيد الدولة، والتزام القرارات الدولية الخاصة بلبنان خصوصا 1701". وشدّد على أنّ "هناك من يريد خطف صوتكم بالمزايدات والشعارات الرنانة لتقديمه للمشروع المناهض، وهم سيخيبون. منذ أشهر عدّة نسمع نظريات في البلد عن ان تيار المستقبل سيذهب الى تحالف خماسي، أو سيعود الى تحالفات مع القوات والكتائب والاحرار، وأن تيار المستقبل سيكون الخاسر الاكبر. وذلك لأن تيار المستقبل مفلس وليس لديه مال. هذه أكبر اهانة لكم لجمهور رفيق الحريري، وتعبير وقح عن أن ناخبي المستقبل أصواتهم تباع وتشترى ولا يصوتون عن قناعة وقرار حر"، مؤكّداً "أنّنا قبلنا التحدي، أنا وأنتم وكل الشباب والشابات، نعم نحن ليس لدينا مال للانتخابات، ونرفض أي تحالف مع حزب الله". في موازاة ذلك، قبيل ساعات من وصول وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون إلى بيروت في زيارة هي الأولى لمسؤول أميركي كبير بهذا المستوى في عهد رئيس الجمهورية ميشال عون، حاول الوزير الأميركي، الذي ينتمي إلى واحدة من الإدارات الأميركية الأكثر تصميماً على مكافحة حزب الله «تدوير الزوايا» مع الحزب ومع الحكومة اللبنانية، التي يشارك حزب الله في الائتلاف المكون لها. وشدّد الوزير الأميركي، الذي تنتظره مفاوضات صعبة في بيروت، في مؤتمر صحافي مع نظيره الأردني أيمن الصفدي أمس على أن «حزب الله يتأثر بإيران وهذا ليس مجدياً لمستقبل لبنان على المدى الطويل، لكن يجب الاعتراف بأن حزب الله جزء من العملية السياسية في لبنان». وأكد الوزير الأميركي، أن «الولايات المتحدة تدعم لبنان ديمقراطياً حراً بعيداً عن نفوذ أي طرف»، معتبراً أن «لبنان يتخذ خطوات إيجابية بشأن عدم مشاركة حزب الله في النزاعات» خارج البلاد، بما في ذلك اليمن. وشدد تيلرسون على أنّ «مشكلة الولايات المتحدة الأميركية ليست مع الشعب اللبناني أو الحكومة اللبنانية، بل هي مع حزب الله». ورداً على سؤال حول الإجراءات التي تتخذها الولايات المتحدة بحق الحزب، ومدى تجاوب الحكومة اللبنانية معها، قال تيلرسون: «نحن على بيّنة بقضايانا مع حزب الله كمنظمة إرهابية، ومشكلتنا ليست مع الشعب اللبناني، ولا مع الحكومة اللبنانية، ونحن نحاول أن نكون دقيقين في الإجراءات التي نتخذها حتى لا نلحق الضرر بالشعب اللبناني»، مؤكداً في الوقت نفسه «أننا نحتاج إلى دعم من الحكومة اللبنانية للتعامل بكل وضوح وحزم مع هذه الأنشطة، التي يقوم بها حزب الله، والتي هي غير مقبولة لباقي العالم». وسيبحث تيلرسون مع المسؤولين اللبنانيين التوتر مع إسرائيل حول الجدار الحدودي والبلوك 9 النفطي في البحر المتوسط، المتنازع عليه بين الطرفين، بعد رفض بيروت اقتراحاً لمساعد وزير الخارجية ديفيد سارتفيلد بتقاسم البلوك 9 بنسبة 60 في المئة للبنان و40 لإسرائيل.
مشاركة :