اعتقال عبدالمنعم أبوالفتوح رسالة تحذير للمعارضة المصرية بقلم: أحمد جمال

  • 2/16/2018
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

حزب مصر القوية أصبح معرضا للحل في حال ثبوت التهم على قيادته بعد حبس رئيسه عبدالمنعم أبوالفتوح.العرب أحمد جمال [نُشر في 2018/02/16، العدد: 10902، ص(2)]الحلقة تضيق القاهرة - كرس اعتقال عبدالمنعم أبوالفتوح رئيس “حزب مصر القوية” والقيادي الإخواني السابق، حقيقة التغير في أسلوب تعاطي الحكومة المصرية مع معارضيها، وأنها لم تعد تهتم بما قد يثيره ذلك من انتقادات على الصعيد الدولي خاصة. وبعث القبض على أبوالفتوح وقبله بأيام المستشار السابق هشام جنينة، رسالة مباشرة مفادها أن قواعد التعامل وفق الظروف السياسية السابقة اختلفت الآن، والوضع الإقليمي الحالي يخفف الكثير من الضغوط الدولية التي كانت تمارس على القاهرة. وأمرت نيابة أمن الدولة العليا الخميس بحبس رئيس حزب مصر القوية 15 يوما على ذمة التحقيق بتهم “تولي قيادة في جماعة إرهابية، وإذاعة أخبار كاذبة تضر بالبلاد في الخارج، وإذاعة ونشر أخبار كاذبة من شأنها إحداث البلبلة ونشر الفتن في الداخل”. وكانت قوات الأمن اعتقلت أبوالفتوح وستة من قيادات آخرين في الحزب (أخلت سبيلهم)، مساء الأربعاء، على خلفية بلاغات قضائية تتهمه بالاتصال بقيادات إخوانية في الخارج للتحريض على قلب نظام الحكم وبث أخبار مغلوطة. وجاء القبض على أبوالفتوح بعد نحو أسبوع من اعتقال نائبه محمد القصاص الذي أمرت نيابة أمن الدولة العليا بحبسه 15 يوما على ذمة التحقيق بتهم التحريض على مؤسسات الدولة ونشر أخبار كاذبة. وأضحى حزب مصر القوية معرضا للحل، حال ثبوت التهم على قيادته، خاصة وأن هناك قناعة لدى العديد من الدوائر في مصر بأن الحزب وجه لجماعة الإخوان ويسعى ليكون مفتاح عودة سياسية لها مرة أخرى. وأعلن الحزب تعليق كافة أنشطته ومشاركاته السياسية، والبدء في اتخاذ الاجراءات اللازمة لدعوة المؤتمر العام له لاتخاذ قرار نهائي حول وضعه في ضوء التطورات الأخيرة. وأكدت مصادر أمنية لـ”العرب” أن القبض على رئيس الحزب له علاقة بتواصله مع التنظيم الدولي للإخوان في لندن لتحديد موقفهم من الانتخابات الرئاسية، وأن نائب رئيس الحزب القصاص كان حلقة الوصل في سفر أبوالفتوح إلى لندن. وزار أبوالفتوح لندن قبل أيام وأجرى حوارات مع وسائل إعلام مختلفة، منها قناة الجزيرة القطرية، وأدلى بتصريحات حملت انتقادات لاذعة للرئيس المصري، من بينها أن “عبدالفتاح السيسي يحكم بمنطق إما أن أحكمكم (المصريين) وإما أقتلكم، ولا خبرة له في إدارة الدولة ولا تاريخ سياسيا له”. والتصريحات التي أطلقها أبوالفتوح ليست بالجديدة، ورأيه معلن لجهة معارضته للنظام المصري منذ البداية، وهو ما يجعل البعض يستبعد إمكانية اعتقاله بسبب مواقفه. وخلال شهر يناير الماضي التقى أبوالفتوح القيادي الإخواني يوسف ندا، المفوض السابق للعلاقات الدولية بتنظيم الإخوان الدولي، وذكرت وسائل إعلامية في حينه أن اللقاء ناقش موقف الإخوان من الانتخابات الرئاسية. وهو ما أثار تساؤلات بشأن ارتباط إلقاء القبض مع قرب انطلاق السباق الرئاسي الشهر المقبل، خاصة مع اعتقال شخصيات معارضة أخرى. وقبل ثلاثة أسابيع، احتجزت قوات الشرطة العسكرية رئيس الأركان الأسبق سامي عنان، بعد أيام من إعلان نيته الترشح للاستحقاق، ورغم أن أسباب القبض عليه جاءت لمخالفته القوانين العسكرية، لكن جرى تحميل ذلك من قبل كثيرين أبعادا سياسية. وقبل أيام كانت قوات الأمن اعتقلت هشام جنينة الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات، وأحد معاوني عنان في حملته الانتخابية، على خلفية حديثه عن امتلاك الأخير وثائق خطيرة تدين قيادات في الدولة. وقال حافظ أبوسعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان (هيئة حقوقية غير حكومية)، إن التهم الموجهة إلى أبوالفتوح ترتبط بلقاءاته الصحافية التي أجراها من لندن مع الجزيرة وشبكة الـ”بي بي سي”، وتعبر عن استخدام وسائل قانونية للتضييق على حرية الرأي والتعبير في المقام الأول. وأضاف في تصريحات لـ”العرب” أن المواقف الغربية من تلك الإجراءات واضحة وتعبر عنها المنظمات الدولية بشكل علني، وهو ما ظهر في بيانات أخيرة صادرة عن البرلمان الأوروبي والأمم المتحدة انتقدت الأوضاع السياسية في مصر. غير أن الذي تغير تراجع الضغط السياسي القوي الذي كانت تمارسه بعض الدول، وعلى رأسها الولايات المتحدة، بالإضافة إلى الموقف المصري والذي أصبح غير عابئ كثيرا بالانتقادات الموجهة له. وأعربت الأمم المتحدة الأربعاء عن قلقها إزاء الاعتقالات الأخيرة وما وصفته بـ”ضيق الأفق السياسي”، مؤكدة أنها ستواصل التعاطي مع السلطات بشأن هذه المسائل. وأوضح أبوسعدة أن هناك توجها مصريا مختلفا في التعامل مع الضغوط الخارجية منذ اندلاع ثورة 30 يونيو، يقوم على عدم الانصياع للضغوط المرتبطة بالوضع الداخلي. وبدا ذلك واضحا في مواقف عدة رفضت فيها الحكومة المصرية الانصياع للضغوط مثلما كان الوضع بالنسبة لقانون الجمعيات الأهلية والتعامل بصلف مع مسؤولي المنظمات الحقوقية الأجنبية داخل مصر. ورغم أن الولايات المتحدة جمدت في شهر أغسطس الماضي حوالي 159 مليون دولار من المساعدات العسكرية، وأوقفت مساعدات اقتصادية قدرها 95.7 مليون دولار أميركيا، بعد إصدار قانون الجمعيات الأهلية، إلا أن الحكومة لم تتراجع عن تطبيقه. وخلال زيارته الأخيرة للقاهرة تجنب وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون توجيه أي انتقادات للحكومة المصرية.

مشاركة :