القوانين المنظمة للحياة السياسية وراء انشقاقات القيادات الحزبية، وعدم وجود آلية واضحة لفض المنازعات ساعد على تفتت الأحزاب. العربأحمد جمال [نُشرفي2017/01/03، العدد: 10501، ص(6)] المطالب الشعبية تحديات أخرى للأحزاب القاهرة - في وقت بدا فيه أن الخارطة السياسية للأحزاب المصرية تشكلت واستقرت، بعد عام من انتخابات البرلمان، ضربت الخلافات والانقسامات استقرار تلك الأحزاب، وأضحت مهددة بعدم استمرارها وتواجدها وتأثيرها في السياسة الداخلية المصرية. ووصلت تلك الانقسامات إلي حزب “المصريين الأحرار” (صاحب التمثيل الأكبر بالبرلمان)، والذي يُنظر إليه على أنه صاحب التجربة الوحيدة الناجحة على مدار السنوات الخمس الماضية، وهي فترة ميلاد الحزب، الذي خرج من رحم ثورة يناير 2011، ما مثل تهديدا واضحا للتجربة السياسية الناشئة، والتي مازالت بانتظار انتخابات المحليات العام المقبل لاستكمالها. وبحسب ما هو معلن من قيادات الحزب، فإن الخلافات بين الطرفين بين مؤسس الحزب ومموله، رجل الأعمال نجيب ساويرس، ورئيس الحزب عصام خليل، تطورت بشكل خطير وتعود إلي رفض مجلس الأمناء التعديلات التي يرغب رئيس الحزب في إدخالها على لائحته الأساسية، إلا أن المراقب لأوضاع الحزب يرى أن هناك مشكلات أعمق، تتعلق بمسألة التمويل، والتي تراجع عنها ساويرس خلال الأشهر الماضية، لأسباب تتعلق بأدوار نواب الحزب داخل البرلمان. وشهدت الأحزاب خلال الأيام القليلة الماضية انقسامات وإن كانت أكثر وضوحا وتأثيرا داخل “المصريين الأحرار”، إلا أنها لم تتوقف عنده، وطالت أيضا حزب “المؤتمر” (الذي يشغل 12 مقعدا بالبرلمان)، إثر استقالة أمينه العام، اللواء أمين راضي، وعدد من قيادات أمانة محافظة الجيزة، السبت الماضي، على خلفية وجود تدخلات في أدوار منصبه وتهميش دوره داخل الحزب. وامتدت الاستقالات أيضا لحزب “مستقبل وطن”، صاحب ثاني أكبر هيئة برلمانية بمجلس النواب، بعدما قدم مؤسس الحزب، محمد بدران، استقالته وسفره إلى الخارج بعد فترة قصيرة من انتخابات البرلمان، ليتولى رئاسة الحزب خلفا له أشرف رشاد، الأمين العام للحزب في السابق. وعلاوة على ذلك، طالت الاستقالات أيضا عددا من الأحزاب المصرية الأخرى، كان من بينها أحزاب التيار الديمقراطي، والتي تمثل أحزاب (الدستور- مصر الحرية- التحالف الشعبي- العدل- الكرامة- التيار الشعبي)، بعد أن اندمجت داخل تيار واحد نتيجة الخلافات الداخلية والمشكلات العديدة بكل حزب منها على حدة، إلا أن قرار الدمج تسبب في تفاقم تلك المشكلات بدلا من حلها. وقال محمد كمال، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، لـ”العرب” إن “معظم الأحزاب لا يتفق أعضاؤها على فكرة واحدة، وأن ما يجمعهم هو فقط المصلحة الشخصية، سواء كان ذلك من خلال الحصول على مناصب عليا داخل الحزب، أو الحصول على مقعد داخل البرلمان، ومن ثم غابت المصلحة العليا للحزب، ما يؤدي إلى وجود أيديولوجيات سياسية مختلفة داخل الحزب الواحد”. وأوضح أن تراكم المشكلات داخل الأحزاب المصرية، يرجع إلي عدم وجود خبرة سياسية كبيرة لدى قياداتها، وبالتالي فإن ذلك ينعكس على إدارتها، ويترتب على ذلك وقوع العديد من المشكلات، وأكد أن مسألة التمويل، لا تعد سببا رئيسا في فشل أي حزب، بدليل أن العديد من الأحزاب لا تعاني مشكلات مالية، بل تعاني على المستوى التأثير السياسي. وبحسب مراقبين، فإن كثرة الانشقاقات داخل الأحزاب المصرية، ترجع بالأساس إلي القوانين المنظمة للحياة السياسية داخل الدولة المصرية، فعلى الرغم من أن نظام التمثيل النسبي (المعمول به حاليا في مصر)، هو الخيار الأرجح بالنسبة إلى الديمقراطيات الناشئة، حيث أنه يضمن تمثيل الأحزاب الصغيرة والحاصلة على أصوات بسيطة، إلا أن تطبيقه أدى إلى انشقاق البعض من الأعضاء عن أحزابهم، وذلك بفعل الخلافات على ترتيب وضع الأسماء داخل القائمة الواحدة. ورأى عصام شيحة، القيادي السابق بحزب الوفد، أن هناك عوامل عديدة ساعدت على تفتت الأحزاب المصرية، يأتي على رأسها عدم وجود آلية واضحة لفض المنازعات داخلها، بالإضافة إلي غياب مفهوم التبرع لدى عدد كبير من أعضاء الأحزاب، وبالتالي فإن الممول يبقى صاحب القرار الأول والأخير داخل الحزب. وأضاف عصام شيحة في تصريحات لـ”العرب” أن رجال الأعمال المسيطرين على عدد من الأحزاب، تعاملوا معها على أنها أحد أفرع شركاتها، وبالتالي فإنه تم التضييق على ممارسة العمل السياسي داخل الحزب ذاته، بالإضافة إلي ضيق المجال السياسي العام، والذي تسبب في انكفاء الأحزاب على مشكلاتها الداخلية، والتفرغ لها بدلا من البحث عن تحقيق أهداف سياسية مجتمعية للحزب. كاتب مصري :: اقرأ أيضاً الأكراد فرحون بمكاسبهم وينظرون بعين القلق إلى تركيا الاتحاد الأوراسي.. رؤية بوتين لاتحاد سوفييتي جديد مواجهة فلول الإرهاب العائد.. اتفاق في المبدأ واختلاف في المعالجة الهوس بالمشاهير.. الشركات ترتدي أقنعة يحبها الجمهور
مشاركة :