قيامة أرطغرل.. الاستبداد بالرأي مقدمة الهلاك (الحلقة 106)

  • 2/19/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

حفلت الحلقة 106 من المسلسل القيم "قيامة أرطغرل" بِكَمٍّ كبير من التشويق والإثارة جنباً إلى جنب مع القيم التربوية الأصيلة التي حريٌّ بنا - وبشبابنا وفتياتنا - أن نأخذ بها، وأن نطبّقها في حياتنا. وفيما يلي بعض الخواطر حول الحلقة:1- المَشاهد التي جمعت تورغوت مع بامسي، والتي خالف فيها الأخير رأي الأول بخصوص المكان المناسب لنصب خيام قبيلة تشافدار؛ حيث اختار تورغوت القرب من الكلأ والماء، بينما كان البعد الأمني حاضراً أساساً لاختيار بامسي، تلك المَشاهد حفلت بالعديد من الدروس المستفادة: أ‌- الاستبداد بالرأي أول طريق الهلاك، فقد أصر تورغوت على رأيه رغم إلحاح بامسي ورفض آرتوك، وكلاهما ذو رأي معتبر، ولم تزده حجج بامسي وأسانيده المنطقية إلا عناداً واستكباراً، فكانت النتيجة وقوع زوجته وزوجة بامسي -الحامل في طفله الأول- في الأسر، بالإضافة إلى استشهاد أخريات. ب‌- سنن الله لا تحابي أحداً، فحين أخطأ القائد وجبت العقوبة، ولم يغنِ عنه سبقه أو تاريخه في الجهاد، فإن لحظة الغفلة هي الثغرة التي يؤتَى فيها الجيش من قِبَلِها، مهما كانت منزلة من غفل، وأي غفلة أشد من الاستبداد الذي يعمي القلب ويطمس البصيرة؟! ت‌- هناك العديد من الطرق التي من الممكن أن يلجأ إليها القائد لتثبيت حكمه وفرض هيبته، إلا أن الشرط في تلك الطرق أن تكون مشروعة، فليس له أن يستبد برأيه أو يصر على خطئه ظناً منه أن في ذلك تثبيتاً لحكمه أو بسطاً لنفوذه. ث‌- في أحد المشاهد ظهر أحد سادة قبيلة تشافدار مؤيداً لقرار أرطغرل بشأن هجرة القبيلة، ورغم استماع ذلك الرجل لمنطق بامسي ويقينه من وجاهته، إلا أنه اختار أن ينافق زعيمه تورغوت طلباً لرضاه! يبدو أن "المُطبِّلين" يتواجدون حيث يكون القادة والزعماء، سواء كانوا في قصر أو في خيمة، ومهما كانت درجة صلاح القائد أو فساده. ج‌- لا شك أن رابطة الأخوّة التي جمعت تورغوت وبامسي عبر تاريخ صحبتهما هي من أرقى الروابط وأمتنها، إلا أنه من الوارد أن تعتري تلك الأخوّة بعض لحظات الخلاف التي وإن تباينت فيها الرؤى ووجهات النظر، إلا أن الرجوع إلى صفاء الابتداء يظل أمراً قائماً غير بعيد متى توافرت الرغبة الصادقة لدى المتآخين. ح‌- استسلم تورغوت لثورة بامسي حين همّ بضربه، تقديراً منه لحزنه على فقد زوجته الحامل في طفله الأول، وليثبت أن مشاعر الأخوّة أعلى وأهمّ من أي رأي هنا أو وجهة نظر هناك. 2- "ليس لتورغوت أن يرجع عن رأي طالما كان مؤسَّساً على شورى، إلا بشورى أخرى مماثلة" قالتها الأم هايماه لبامسي بينما تحاول التهدئة من روعه؛ لتعطي درساً بليغاً للقادة والزعماء في فقه الشورى وآدابها. إذن كان بمقدور تورغوت أن يرجع عن قراره فقط إذا جمع سادة القبيلة من جديد داعياً إياهم لإعادة النظر في الأمر، لكنه أصر على رأيه لا سيما أن القرار كان قد دخل طور التنفيذ. 3- حرصت الأم هايماه على تحذير بامسي من خطورة الخلاف، واستندت في ذلك إلى خلاف ابنَيها أرطغرل وغوندوغدو الذي انقسمت بسببه القبيلة ودفعت هي بموجبه ثمناً باهظاً بأن اضطرت للتخلي عن أبنائها كي تلحق بأرطغرل! وقد جاء في الأثر بأن "الخلاف شر كله". 4- "الخوف لا يمكث في قلب ملتجئ إلى الله" قالها الشيخ ابن العربي كي يذكرنا بالعبارة الخالدة: "من كان الله معه، فمن عليه؟!". 5- "النصر الحقيقي هو أن يجد العدو الذي يأتي لقتلك الحياة عندك، فإذا استطعت أن تسحب عدوك لصفك، يكون ذلك عين الانتصار" قالها الشيخ ابن العربي لغوندوز قاصّاً على مسامعه موقف الرسول الأعظم -صلى الله عليه وسلم- في فتح مكة (العفو عند المقدرة) وموقفه في الهجرة مع بريدة بن الحصيب الأسلمي (سماه الشيخ خطأً بأبي بريدة)؛ حيث نجح في استمالة من أتى لقتله داعياً إياه إلى الإسلام فأسلم. وقد صدق والله الشيخ ابن العربي، فإن الانتصار في ميدان القلوب أعظم أثراً وأكثر نفعاً من الانتصار في ميدان النزال، فدعوة الإسلام الخالدة دعوة قلوب، وحَمَلتُها دعاة لا قضاة. 6- إصرار أرطغرل على العثور على أدلة تبرئة الأمير المغدور نظام الدين، بل ودفاعه عنه في حضرة السلطان رغم الغضب الذي ظهر في ملامح وجهه، إنما يعكس شجاعة فذة ووفاء منقطع النظير، بالإضافة إلى ذكاءٍ متقد وقوةٍ قلبية وأخلاقية، وتلك -لعمري-من أهم صفات القائد الرباني. 7- ملاحظة: اعتمد أرطغرل كلياً على شهادة آريس أمام السلطان لإثبات خيانة سعد الدين، في حين أن آريس كان يستطيع خذلانه (حتى ولو كان احتمال ذلك ضعيفاً)، بل إن وصول آريس إلى قصر السلطان كان أمراً محفوفاً بالمخاطر مما قد يهدد بفشل خطة أرطغرل من الأساس ووضعه في موقف تُنسف فيه كل إنجازاته ويوطّأ فيه لعدوه اللدود. ألم يكن حرياً بأرطغرل أن يضيف خطة بديلة (تُنفَّذ في حال فشلت الأولى) ومتجنباً وضع كل البيض في سلة واحدة؟! وهل كان من الأفضل له أن يُسِرَّ بهذا الأمر للسلطان بدلاً من إعلانه؛ كي يظل سعد الدين في غفلته؟! أليس ذلك أدعى لحسن التدبير؟! ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مشاركة :