إستندت رؤية الرئيس الأمريكي ترامب لصفقة القرن، على تفكيك العقبات وفرضها على الفلسطينيين، من خلال عدة مسارات:الأول: تنحية قضية القدس واللاجئين من الحل والمفاوضات لصالح إسرائيل، وهما الملفان العالقان و الأشد تعقيدا من باقي الملفات الأخرى.الثاني: ضرورة بسط سيطرة السلطة الفلسطينية على قطاع غزة وإزاحة حكم حماس.الثالث: التحضير لقيادة جديدة للشعب الفلسطيني، يكون برنامجها الأساسي تأمين إحتياجات السكان الفلسطينيين في الأمن والإقتصاد، من خلال إعادة تركيب وفك البنية السياسية الفلسطينية.الرابع: إنشاء صندوق دولي لدعم البنية الفلسطينية الجديدة “المستسلمة”، ويكون للولايات المتحدة الأمريكية دور محوري في ذلك. كان يراد من تنفيذ خطة القرن رشوة الفلسطينيين اقتصاديا، مقابل تنازلات كبيرة تمس جوهر القضية الفلسطينية، مثل حق العودة ومدينة القدس العاصمة الأبدية للدولة الفلسطينية. حسابات السياسة الأمريكية لم تتفق مع الحقل. رفض السلطة الفلسطينية للرعاية الأمريكية و لقرار نقل السفارة و إعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، عقَّد المشهد الأمريكي، وصار الحديث يدور عن صفقة خارج الحسابات الفلسطينية، وليس من الضرورة أن يكون الفلسطينيون على طاولة الحل، من خلال تنفيذ بنود الصفقة بدون مشاركة الطرف الفلسطيني أي فرض الحل و التسوية على الفلسطينيين، على أن يتم إنسحاب الجيش الإسرائيلي من مناطق (أ) وجزء من مناطق (ب) ويجري إيجاد توافق إسرائيلي أمريكي حول وضع المستوطنات، خاصة بعد الفضيحة الأخيرة بإعداء نتياهو أن هناك توافقا مع الإدارة الأمريكية بشأن ضم مستوطنات الضفة الغربية لإسرائيل، وبعد ذلك يتم الإعلان عن دولة فلسطينية بدون القدس وحق العودة، وبدون حدود الرابع من حزيران، مع بقاء إقليم الدولة تحت الإحتلال الإسرائيلي، وهذه منزوعة السلاح مع وجود قوة أمنية فلسطينية مدربة تدريبا عاليا. في هذه المعادلة، يكون قطاع غزة خارج الحسابات وخاصة بعد تعثر المصالحة، و إختلاف الرؤية الأمريكية مع إسرائيل حول مستقبل قطاع غزة. إسرائيل تريد للقطاع أن يكون منفصلا عن الضفة الغربية و القضية الفلسطينية، الهدف الاستراتيجي الذي تحقق منذ إنسحاب إسرائيل من مستوطنات قطاع غزة، ولكن هذه الرؤية بحاجة لتأمين الدعم اللازم لبقاء سيطرة حماس على القطاع، ذلك لأنها ـ أي حماس ـ وحسب الرؤية الإسرائيلية هي القوة الوحيدة القادرة على حكم و ضبط الكتلة البشرية التي تقدر بحوالي 2 مليون فلسطيني، يعيشون في منطقة غير صالحة للسكن من حيث المساحة او الموارد، لذلك حاولت إسرائيل إيجاد حلول لسكان القطاع الذين يمثلون المعضلة الإنسانية و السياسية. ومن هذه الحلول خيار الإستيطان في سيناء مع إنشاء موارد وإنشاءات من مطار و ميناء، ولكن هذه الرؤية تصطدم بالموقف الرسمي لمصر الرافض لتقديم جزء من سيناء ليضم لقطاع غزة، وثانيا الطرف الفلسطيني الذي يرفض حل القضية الفلسطينية على حساب الأراضي المصرية. معضلة القطاع تربك الحسابات الأمريكية “المساحة الضيقة، نمو سكاني كبيرقلة الموارد، الفقر”.. وفوق هذا سيطرة حركة حماس عليه، وبالتالي صفقة القرن والرؤية الأمريكية تخرج قطاع غزة من حساباتها ولو في المنظور القريب و المتوسط، إلا إذا تغيرت قواعد اللعبة، واندفعت إسرائيل إلى حرب شاملة مع القطاع المحاصر والأعزل. وأمام هذا المشهد المعقد وبقاء الفلسطينيين بدون ظهير إقليمي قوي، وجب على الفلسطينيين البحث عن أوراق القوة التي يمتلكونها وبدون مبالغات. في مقدمة ذلك وللرد على رؤية نتياهو وترامب وجب علينا أن نكون جماعة سياسية واحدة من خلال إنجاز المصالحة ووحدة النظام السياسي الفلسطيني، والسعي لحل مشاكل القطاع الإنسانية، لأن الفقر و تحطيم الفلسطيني في قطاع غزة ليس من صالح الصمود والمواجهة مع المشروع الأمريكي، فإذا كانت إسرائيل تسعى لعزل القطاع عن الضفة والقضية الفلسطينية وجب على الفلسطينيين مواجهة ذلك وتحقيق الوحدة الوطنية. دعم القطاع و حل المشاكل مع حركة حماس، يشكل جوهر المواجهة مع محاولة فرض حل على الفلسطينيين، ولكن هناك مسؤولية مضاعفة على حركة حماس في هذه المرحلة، الخروج من مشهد السيطرة على القطاع الوحل الذي علق يه الفلسطينيين منذ أحد عشرة سنة، وتقديم مصلحة الوطن على مصلحتها الخاصة، تسليم القطاع وبشكل كامل لحكومة الوفاق الوطني، وأن تتحول حركة حماس لمعارضة في ظل النظام السياسي الفلسطيني، ذلك لأن حكمها فعلا أصبح عبءًا كبيرًا على حياة السكان في القطاع وعلى القضية الفلسطينية. لم يبق للفلسطينيين غير وحدتهم السياسية كجماعة سياسية واحدة تعيش على أرضها بوجود راسخ وأبدي. *كاتب من فلسطين
مشاركة :