محمد حجازي يكتب: اجتماع المانحين في واشنطن.. الإقتصاد في خدمة «صفقة القرن»

  • 3/12/2018
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

دعت إدارة الرئيس ترامب إلى عقد  إجتماع للدول المانحة في واشنطن، لبحث سبل تحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة، حيث سيركز الإجتماع على تطوير اقتصاد قابل للحياة مع ضمان امن إسرائيل  في 13 مارس الحالي، وسبق هذه الدعوة الكثير من التصريحات الأمريكية و الإسرائيلية و القطرية بشأن الوضع الإنساني و السياسي في قطاع غزة.. “غرينبلات” الممثل الخاص لإدارة الرئيس ترامب مكلف بالمفاوضات الدولية قال لصحيفة “هآريتس” الإسرائيلية: إن الهدف الرئيسي لإدارة ترامب هو تمكين السلطة الفلسطينية من السيطرة على قطاع غزة ولو بشكل جزئي، ونشر موقع إخباري أمريكي “المونيتور” أن الرئيس الأمريكي هاتف أمير قطر تميم بن حمد، وطلب من التنسيق مع إسرائيل لتقديم مساعدات إنسانية عاجلة لمنع انهيار قطاع غزة، السفير القطري في قطاع غزة العمادي قال لـ “رويترز”: نحن نساعد إسرائيل لتجنب حرب أخرى مع قطاع غزة، وذلك بتحويل أموال للفقراء بمباركة واشنطن. كل هذه المواقف و التصريحات تشير إلى أن الموقف الأمريكي يرى أن هناك مشكلة إنسانية في قطاع غزة لها ارتداداتها السياسية على صفقة القرن، معضلة قطاع غزة الأساسية بالنسبة لإسرائيل هي كتلته البشرية ـ 2 مليون فلسطيني ـ قابلة للزيادة الكبيرة يعيشون في شريط ضيق مساحته محدودة مع شح الموارد وخاصة مشكلة المياه، وهذا الإقليم تسيطر عليه حركة حماس، مما سيؤثر على صفقة العصر، التي تشترط وحدة البنية السياسية للفلسطينيين، حيث صرح مسؤول في البيت الأبيض في وقت سابق بأن قطاع غزة هو أحد العوامل الرئيسية في التوصل إلى اتفاق سلام،  ومن أجل ذلك يجب أن تسيطر السلطة الفلسطينية على غزة لإزاحة حماس عن الحكم. باختصار شديد ولتمرير صفقة القرن التي نعيش فصولها الآن بقرار القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة إليها وتجفيف موارد الأونروا وإحالتها على التقاعد “قطع المساعدات عليها بالتدريج” وجب على السلطة الفلسطينية  بحسب الرؤية الأمريكية بسط السيطرة على قطاع غزة ولو بشكل جزئي لتمهيد الطريق لإنشاء دولة فلسطينية بدون القدس و اللاجئين وحدود 67،  وبرز في هذا المجال تعارض بين إسرائيل و الإدارة الأمريكية بشأن مستقبل القطاع. إسرائيل لا تريده جزءًا من الحل بل تريده كما هو عليه منفصلا تحت سيطرة حركة حماس القوة الوحيدة القادرة على ضبطه أمنيا بحسب إسرائيل، في المديين القريب والمتوسط ولكن في المدى البعيد يجب القضاء على حركة حماس، وكل هذا حسبما قال عاموس يدلين رئيس مركز الأمن القومي الإسرائيلي، والذي أضاف أيضا إنه من المناسب أن تسعى إسرائيل تجاه القطاع لمنع حدوث أزمة عسكرية واسعة النطاق تؤدي لانهيار البنية التحتية، في حين تريد إدارة ترامب تشجيع حكومة الحمد الله على استلام قطاع غزة، وللمساعدة في ذلك وجب تقديم مساعدات عاجلة للقطاع، ومن هنا جاء انعقاد إجتماع المانحين في واشنطن. قد يقول البعض أن ذلك فيه مصلحة الغزيين، هذا الكلام يكون صحيحا لو تم تقديم الدعم عن طريق السلطة أو عن طريق الأونروا، ويعتقد البعض أن الأموال التي سوف يتم جمعها ماهي إلا الأموال التي اقتطعتها الإدارة الأمريكية من دعم  “الأونروا “وكالة الغوث، إذن الهدف سياسي وهو تجفيف الأونروا في القطاع الذي معظم سكانه من اللاجئين يبلغون حوالي 70 بالمئة، ويبدو إجتماع واشنطن،  هو الذي سيحدد إنشاء صندوق دعم مالي “أحد بنود صفقة القرن” لقطاع غزة خاص لتصفية الأونروا أولا وتأمين تكلفة ذلك ماليا ثانيا، رشوة للغزيين الذين جرى تحطيمهم و إفقارهم لدفعهم للقبول بذلك، وأعتقد أن سياسات حركة حماس بعدم ذهابها للمصالحة ولتأسيس بنية سياسية فلسطينية واحدة هو الذي شجع على العبث بمستقبل غزة ووضع الناس فيه بالشكل الذي وصلوه، و إلى جانب السياسات الخاطئة للسلطة الفلسطينية التي اعتقدت بأن قطع الرواتب و تخفيضها سيجعل حماس تأتي صاغرة للمصالحة. بدون ادنى شك ان قضية قطاع غزة سياسية بامتياز رغم أهمية الجانب الإغاثي الذي تحاول حماس تضخيمه على حساب البعد السياسي، فحل كل مشاكل القطاع هو بذهابه نحو الشمال أي بالترابط مع مدينة القدس و الضفة الغربية المستهدفة أكثر من غيرها بعد قرار ترامب بشان القدس، فالصراع مع العدو الإسرائيلي هناك. الآن وحدة الفلسطينيين هي الرد العملي السياسي لمواجهة صفقة العصر، خاصة أن الإدارة الأمريكية، تريد بنية فلسطينية هشة بين الضفة والقطاع، لا تريد شراكة بين حركتي حماس و فتح، أي لا تريد دمج حركة حماس في بنية النظام السياسي الفلسطيني لتأسيس نظام تعددي تشاركي، لذلك وجب علينا أن نفرق بين  مفهوم بسط السيطرة  الذي تريد إدارة ترامب للحكومة الفلسطينية فرضه على قطاع غزة وبين مفهوم الفلسطينيين للوحدة كجماعة سياسية و احدة.   *كاتب مقيم في فلسطين

مشاركة :