عبد المجيد الجلال :أين واشنطن وطهران من إعادة إعمار العراق؟

  • 2/19/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

انتهى مؤتمر إعادة إعمار العراق ، الذي انعقد مؤخراً في الكويت ، وضم الكثير من الدول والمنظمات الإقليمية والدولية ، وبهذا الشأن أعلن وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الخالد أنَّ حجم التزامات الدول المشاركة في مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار العراق ، قد بلغ نحو 30 مليار دولار اشتملت على قروض واستثمارات عامة. في البدء ، لاشك أنَّ استقرار العراق ، ووحدة أراضيه ، واستتباب أمنه ، مطلبٌ أساس ، لكل دول العالم ، خاصة دول الجوار ، فمن شأن ذلك ، توفير الأجواء المناسبة ، والبيئة الخصبة ، لمشاريع التنمية والعمران ، بعد الخراب والدمار الذي أصاب المنطقة ، خاصة العراق ، في مرحلة داعش ، التي ولَّت بلا رجعة بإذن الله. لقد كانت الإسهامات العربية والدولية لإعادة إعمار العراق ، جزءاً مهماً من إحساس الجميع بأهمية المرحلة ، وأهمية إعادة الأمن والاستقرار إلى المنطقة، ولكن ، ونقولها بكل صراحة وشفافية ، أنَّ هناك العديد من التساؤلات ، وحتى الشكوك ، بقدرة العراق ، في ظل الأوضاع الراهنة ، على الاستفادة الحقيقية من تلك الأموال والاستثمارات ، لجهة بناء العراق ، والمناطق المتأثرة من الحرب ضد داعش ، وهو ما يعني عدم توفر الشفافية لدى الإدارة العراقية في توجيه وصرف هذه الأموال والاستثمارات. إذ يقبع العراق ، مع الأسف الشديد ، ضمن الدول الأكثر فساداً ، لعام 2017 ، ضمن تصنيف منظمة الشفافية الدولية للدول الأكثر فساداً في العالم، فقد احتل مرتبةً متأخرة في الشفافية ” 166 “، وهذا مؤشر خطير لاستشراء داء الفساد في العراق الذي استنزف ، ولا يزال يستنزف الأموال والمقدرات العراقية ، وتذهب جُلها ، إن لم يكن كلها ، إلى جيوب الفاسدين والمفسدين ، ومن ذلك احصائية مُخيفة بمليارات الدولارات ، قيمة الأموال المنهوبة من خزينة الدولة، لصالح الفاسدين من قيادات عراقية متنفذة ، تمَّ إيداعها في مصارف خارج العراق، وحتى الآن لم تتحرك الدولة العراقية لاستردادها ، وإن كان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ، قد وعد بمحاربة الفساد ، وإعادة الأموال المنهوبة ، ونتمنى أن يكون صادقاً ، ولا يكون وعده ، مجرد شعار شعبوي انتخابي ، لتحقيق مكاسب سياسية في انتخابات مايو القادم. العراق كذلك لا يعاني من إشكالية الفساد فحسب ، بل تزداد معاناته بتضخم أورام الطائفية والمناطقية ، التي تنخر في جسد الدولة العراقية ، وتزيد من مساحات الفرقة والعداء والاستقطاب بين العراقيين أنفسهم ، وقد طالبنا كثيراً الأخوة في العراق بإعادة بنائه ، على قاعدة مصالحة وطنية شاملة لا تستثن أحداً ، وخاصة إعادة الاعتبار والمكانة للمكون السني ، ووقف تهميشه أو محاولة إقصائه ، فذلك، هو السبيل الوحيد ، لنهضة العراق من جديد ، وبناء دولة جامعة ، ترتكز فقط على الهوية العربية العراقية. على كل حال ، الكرة في ملعب العراق ، وعليه أن يُدرك أن نتائج مؤتمر الكويت ، وجني خزينته نحو 30 مليار دولار ، هي في واقع الأمر ، إجراءات غير كافية، وإذا لم تتحرك الحكومة العراقية سريعاً لمعالجة أوضاع العراق الصعبة ، فقد تتبخر تلك الأموال ، لصالح جهات وأجندة حزبية ، ومصالح ضيقة ، تستفيد منها إيران ، وسواها ، ويظل العراق رهينة لبؤسه الحالي ، وأداة بأيدي إيران ، ما يشي ببعده كل البعد عن معاني الأمن الاستقرار الحقيقي. والسؤال المُحير ، الذي جعلته ، عنواناً للمقال ، أين واشنطن ، وطهران ، من مؤتمر إعادة إعمار العراق ، فكما علمنا لم يُقدما دولاراً واحداً في المؤتمر ، مع أنَّهما اشتركا معاً ، في تدمير العراق منذ عام 2003 وحتى الآن ! —————————————————————- دكتور عبد المجيد الجلال خاص كل الوطن ‏

مشاركة :