حمادة فراعنه يكتب: إعادة إنتاج الموقف الفلسطيني

  • 2/22/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

استبق الرئيس الفلسطيني، إعلان الرئيس الأمريكي عن صفقته لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، كي يُعلن من على منصة أهم منبر عالمي مبادرته وموقفه وخلاصة رؤيته الفلسطينية لتسوية الصراع على أساس حل الدولتين ووفق معايير وخطوط وقرارات الشرعية الدولية، وبذلك قطع الرئيس محمود عباس الطريق على دونالد ترامب، لعله يُجبره لأخذ الموقف الفلسطيني في عين الإعتبار عند إعلان صفقته السياسية نظراً لتطابق الرؤية الفلسطينية مع قرارات الأمم المتحدة والتي سبق للولايات المتحدة أن شاركت ووافقت على صياغتها مثل القرارات 242 و 338 و 476 و 478، أو سهلت تمريرها كالقرار 2234. فالرئيس الأمريكي منذ أن أعلن عن قراره الاعتراف بالقدس عاصمة للمستعمرة الإسرائيلية ونقل سفارته من تل أبيب إليها، وهو يجد التعارضات الدولية ضد سياساته بشأن فلسطين، حتى من أولئك الذين يعتبرون أصدقاء مقربين للولايات المتحدة كما حصل في دورتي التصويت في مجلس الأمن خلال شهر ديسمبر/كانون الأول 2017 ، رداً على قراره المشين يوم 6/12 ، حيث تضامنت 14 دولة مرتين بما فيهم بريطانيا وفرنسا وإيطاليا والسويد، في عملية التصويت ضد صوت واحد هو موقف الولايات المتحدة، مما يعكس عزلة السياسة الأمريكية وتفردها وعدم قدرتها على تمرير مواقفها المتطرفة الداعمة للمشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، والمعادية لحقوق وتطلعات المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني المشروعة. سياسات تل أبي المتطرفة المؤيدة من قبل واشنطن فتحت بوابات التفهم الدولية لشرعية المطالب الفلسطينية، والإسهام في تسويقها وإعلان شأنها كما حصل في استقبال وزراء خارجية المجموعة الأوروبية 28 في بروكسل يوم 22 ديسمبر/كانون الثاني 2017 ، حين إستمعوا لخطاب من الرئيس الفلسطيني طالبهم بالإعتراف بالدولة الفلسطينية أسوة بأغلبية دول العالم حيث يعترف بفلسطين 138 من أصل 193 دولة، كما حفزت السياسة الإسرائيلية الأمريكية المتطرفة، في مقابل سياسة الرئيس الفلسطيني الواقعية الموضوعية، ولأول مرة لأن يلقي خطاباً هاماً أمام مجلس الأمن يوم 20 مارس/شباط ، عارضاً ملخصاً للموقف الفلسطيني معتمداً في ذلك على حصيلة السياسات المتقاطعة المتداخلة والقواسم المشتركة ما بين الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية مع قرارات الشرعية الدولية. الرئيس الفلسطيني ألقى خطابه أمام مجلس الأمن ولم ينتظر الرد الإسرائيلي كما جاء به مندوب المستعمرة الإسرائيلية دان دنون والذي ندد بموقف الرئيس وإعتبره جزءاً من المشكلة وليس جزءاً من الحل، كما لم يسمع المندوبة الأمريكية الصهيونية نيك هيلي التي عبرت عن أسفها لأن الرئيس الفلسطيني لم ينتظر سماع ردها على مبادرته. قد لا يكون جديداً لدى الرئيس الفلسطيني، فهو أعاد إنتاج مواقفه المتقاطعة مع القرارات الدولية، ولكنه من المؤكد أنه سبق وأن عرض موقفه على موسكو وبكين وباريس، وشجعوه على مواصلة خياره، الذي لا خيار له وأمامه سواه، ولذلك أعاد تأكيد المؤكد، وواضح أن دائرة التفهم والتأييد للشعب الفلسطيني ومطالبه واستعادة حقوقه تجد الاستجابة والتعاطف من كبار صانعي القرارات الدولية، بدلالة التصويت في مجلس الأمن، والجمعية العامة، وقرارات اليونسكو، والتحول الأوروبي الذي يقترب تدريجياً خطوة خطوة بإتجاه دعم وإسناد المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني، ويبتعد خطوة وراء خطوة عن المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي. قد تكون ردات الفعل السريعة من قبل تل أبيب وواشنطن، سلبية كما عبر عنها الصهيونيان الإسرائيلي دانون والأمربكية هيلي ، ولكن لندقق في رد المتحدثة بإسم الخارجية الأمربكية قولها : ” إذا رأينا في مرحلة ما أن دولاً أخرى قد تكون مفيدة لعملية السلام ، فسوف نرغب بالتأكد في مشاركتهم ” وأضافت ” هل الوقت مناسب لذلك الأن ؟ لست على يقين من أننا قررنا ذلك، لكن هذا بالتأكيد شيء قد يحدث في المستقبل” ، كما جاءت تصريحات عضوا الكونجرس الأمريكي في عمان الجمهوري ليندسي جراهام والديمقراطي كريستوفر كونز، لتصبا في مجرى التفهم والتعديل الأمريكي، ” وأن قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل هو موقف أمربكي متخذ منذ عقود ” ولكن ” الاعتراف لا يستثني حل الدولتين الذي تدعمه واشنطن كإطار ومرجعية لعملية السلام ، وإحتمالية أن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية ” ، كما قال جراهام ، وأعاد السيناتور كونز نفس الموقف بقوله ” إن أميركا تدعم حل الدولتين ، وأن إعلان القدس عاصمة لإسرائيل لا يعني إنهاء القضية ، ونحن نتخذ مزيداً من الخطوات للمستقبل من بينها أن تكون القدس الشرقية عاصمة لفلسطين”. الإشارات الواردة من تصريح وزارة الخارجية رداً على خطاب الرئيس الفلسطيني حول توسيع قاعدة الرعاية لمفاوضات فلسطينية إسرائيلية محتملة، وتصريحات عضوا الكونجرس حول القدس الشرقية، يُفسر موقف الرئيس الفلسطيني عدم رغبته بالقطع مع الأمريكيين، ورهانه على تحول ما في الموقف الأمريكي لصالح الإقتراب من الموقف الفلسطيني، وهذا يُفسر التأكيد على إعادة إنتاج الموقف الفلسطيني بما لا يحمل أي جديد في مضمون خطاب أبو مازن أمام مجلس الأمن.كاتب سياسي مختص بالشؤون الفلسطينية والإسرائيلية h.faraneh@yahoo.com

مشاركة :