استضاف ملتقى رواق فنون بجمعية الثقافة والفنون في الرياض، الفنانة والمستشرقة النمساوية إليزابيث بولزا، في ندوة بعنوان (الحروف العربية، عربة وصل بين الحضارات) أدارتها الدكتورة الهنوف الدغيشم، فيما تولت الترجمة للحوار هديل الدغيشم. وأوضحت الدكتورة الهنوف بداية، أن بولزا مهتمة بالأدب العربي وبالخط بشكل خاص، وبأن عنوان الحوار عبارة للفنانة النمساوية، المؤمنة بأن الحرف العربي كان حلقة وصل بين الحضارات في مرحلة ما، وخصوصا في الأندلس، كاشفة عن الحديث عن الشرق والغرب والتداخل بينهما كمنطقة ضبابية، لا يمكن تفحص الفجوات والشقوق فيها، وتساءلت الهنوف، هل يمكن للفرد أن يردم الفجوات وأن يبني الجسور؟ هذا ما تحاوله الفنانة من خلال لوحاتها وفنها، فبالرغم من كونها نمساوية الجنسية، وذات أصول إيطالية وبلغارية، عاشت حياتها بين ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، إلا أن اهتمامها بالفن الإسلامي وخصوصاً الأدب والشعر الأندلسي، جعلها تحاول أن تبني جسرا –على حد قولها- بين الشرق والغرب، لكن ما الذي جعل بولزا تهتم بالأدب العربي؟ وتابعت الهنوف، إن جواب هذا السؤال مفاجئ بالنسبة لي لأنها قررت دراسة اللغة العربية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، كانت مؤمنة أن اللغة هي مفتاح الغوص في الثقافات الأخرى، ووجدت الالتقاء والتشابه بين الحضارات أكثر من الاختلاف، دراستها للغة العربية طورت مفهومها الفني، وساعدها في تطوير مفهوم مزيج اللغة العربية مع الفن الأندلسي والإسلامي. رسم الخط لا كتابته قالت إليزابيث، إنها من عائلة مهتمة بالفنون، عاشت طفولتها بين الكتب والأدب واللوحات، وترى أن طفولتها وتعليمها في ألمانيا علماها قيمة الجدال العقلاني، ولكن طالما كانت تتجه نحو الجمال والعاطفة باتجاه إيطاليا ومنطقة البحر المتوسط. وأضافت، أنها لقد تأثرت بالفن والتراث الفلورنسي بسبب دراستها في إيطاليا ولكن كان التأثير الأعمق هو للفن الأندلسي، وربما كان هذا بسبب الوقت الطويل الذي قضته في الأندلس لأكثر من خمسة وعشرين عاما. وأضافت، أن إدراكها للثقافة الأندلسية ومساهمتها الهائلة في بناء ثقافة وحضارة مختلفة، جعلها تقاوم الصورة النمطية للعنف عن العالم العربي، وترى أننا نعيش في زمن تفكير طائفي حتى من الناحية الفنية، وليس من خلال السياسة أو الحركات الشعوبية فقط، وتحاول أن تركز على ثقافة الشرق الأوسط في فنها وتقاوم هذا الفكر الانعزالي في الفن. درست اللغة العربية في معهد إشبيلية للغات وأدهشها الخط العربي بانسيابيته وجماله، ورأته كلوحة وليس ككلمة مكتوبة، ودائما ما تقول أنا أرسم الخط العربي ولست أكتبه! رموز الجزيرة العربية قالت بولزا إنها مؤمنة بأن الفن البصري بشكل عام لديه قدرة تواصل وربط علاقات عاطفية بينه وبين المتلقي، وحاولت في لوحاتها مواجهة الصورة النمطية عن عدوانية وعنف الثقافة العربية التي كرست في وسائل الإعلام، ففي أعمالها حاولت أن تبحث عما يجده الإنسان فيمن يشابهه ويلتقي معه، ومن خلال تجربتها الخاصة كانت أعمالها صلة وصل بين الثقافات كلوحتها «نافذة على مكة» التي هي عبارة عن حديث كتبتها بالخط الكوفي، اقتناها زوجان مسيحيان وعلقاها في صالتهما باتجاه مكة، كما اقتنى زوجان يهوديان لوحة تحتوي على قصيدة من قصائد الأندلس. ونصوصها متنوعة تشمل حتى ما قبل الإسلام من شعر وحتى الشعر العربي المعاصر، ولديها لوحة سمتها «الحج» لابن سهل الإشبيلي اقتناها الأمير تشارلز ولي العهد البريطاني، كما لديها غيرها من سلسلة لوحات بشعر الشاعر ابن سهل الأشبيلي تمثل «الحج من الأندلس إلى مكة» تمثل الربط بين الأندلس والعالم العربي حيث شعرت أنها لامست التاريخ في رحلتها الأولى من إشبيليا إلى السعودية لذلك تولدت فكرة هذه اللوحة التي اقتناها الأمير سلطان بن سلمان. وكشفت عن أن لوحاتها تأثرت بحب الشاعر ابن زيدون لولادة بنت المستكفي فأخذت طابعا مبهجا مشرقا مملوءا بالزهور واللون الأخضر كلوحتها عن قصيدة ابن زيدون لولادة، وعندما ترسم لوحاتها عن المعلقات تظهر الصحراء بألوانها والنخيل والخيام والقمر والجمال وغيرها من رموز الجزيرة العربية وخارطتها.
مشاركة :