إمام المسجد النبوي: رأس مكارم الأخلاق وأجلّها هو الحياء

  • 2/23/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

أكد إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالمحسن بن محمد القاسم، أن مفتاح العبودية لله وسرها في العلم بأسماء الله وصفاته؛ فأسماؤه تعالى حسنى وصفاته عليا، وله سبحانه في كل اسم وصفة عبودية خاصة هي من موجبات العلم بها ومقتضياتها، والله يحب أسماءه وصفاته، ويحب ظهور آثارها في خلقه؛ فأمَرَ عباده أن يدعوه بها؛ لقوله عز وجل {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها}. وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم: أحب الخلق إلى الله من اتصف بالصفات التي يحبها، ومن تعبّد لله بصفاته قَرُب من رحمته، ومن أحصى أسماءه أنزله في جنته، ومن أسماء الله الحي، ومن صفاته الحياء، ورأس مكارم الأخلاق في الخلق وأجلّها وأعظمها قدراً وأكثرها نفعاً "الحياء"، وهو خلق يبعث على ترك القبائح، ويمنع من التفريط في حق صاحب الحق، مبعثه ومادته من الحياة، وعلى حسب حياة القلب يكون الحياء فيه، وكلما كان القلب أحيى كان الحياء فيه أتم وأقوى. وأضاف: المرأة جُبلت على الحياء، وبه زينتها وجمالها، وهو لها حصن وأمان؛ إذ قال الله تعالى {فجاءته إحداهما تمشي على استحياء}. وأردف: الحياء من أعظم الخير، فيه تعويد النفس على الخصال الحميدة ومجانبة الخلال الذميمة، وإذا اشتد حياء المرء صان عرضه ودفن مساويه ونشر محاسنه، ومن عقيدة أهل السنة والجماعة أن الإيمان قول واعتقاد وعمل، والحياء شعبة منه، قال عليه الصلاة والسلام: (والحياء طاعة يبعث على طاعات وينتهي بصاحبه في الورع، ومن أخل به فعل نقيض ذلك)، قال عمر رضي الله عنه: "من قل حياؤه قل ورعه، ومن قل ورعه مات قلبه"، ومن أكبر ما يحول بين المرء وركوب المعاصي الحياء، والمستحي ينقطع بالحياء عن المعاصي كما ينقطع بالإيمان عنها؛ فإذا سُلب العبد الحياء؛ لم يبق له ما يمنعه من ارتكاب القبح والأخلاق الدنيئة؛ فصار كأنه لا إيمان له. وتابع: الذنوب تُضعف الحياء من العبد حتى ربما انسلخ منه بالكلية؛ فلا يتأثر بعلم الناس بحاله، ولا باطلاعهم عليه؛ بل قد يخبر عن حاله وقبيح فعاله. وقال "القاسم": الحياء يتحقق منه سبحانه بمطالعة مننه وعظيم نعمه، مع استحضار عيب النفس وتقصيرها، وأنه مطلع على السر وأخفى، ومع الإنسان ملائكة لا تفارقه، ومن إكرامهم الحياء منهم.. والحياء من الناس باعث على الفضائل ولو أن المسلم لم يصب من أخيه إلا أن حياءه منه يمنعه المعاصي؛ لكفاه، وهو خير عون لصاحبه على الحياء من الله.. ومن لا يستحي من الناس لا يستحي من الله، ومن جالس أهل الحياء تجدد حياؤه، وأولى من يكرم المرء نفسه، ومن عمل في السر عملاً يستحي منه في العلانية فلا؛ قدر لنفسه عنده، ومن استحيى من الناس ولم يستحِ من نفسه فنفسه أهون عنده من غيره، ومن استحيى منهما ولم يستحِ من الله فما عرف ربه، ومن كساه الحياء ثوبه لم ير الناس عيبه. وأضاف: الإسلام دين المحامد والمكارم، جمع من الأخلاق أحسنها، ومن الأوصاف أعلاها، ما من خير إلا أمر به، وما من شر إلا حذر منه؛ فواجب علينا التمسك به والاعتزاز به ودعوة الناس إليه.. والحياء من الله بامتثال أوامره واجتناب معاصيه. وأردف: الحياء الممدوح في كلام النبي صلى الله عيه وسلم هو الخُلق الذي يحمل على فعل الجميل وترك القبيح، أما الضعف والعجز الذي يوجب التقصير في شيء من حقوق الله أو حقوق عباده؛ فليس من الحياء في شيء، وإذا منع صاحبه من خير لم يكن ممدوحاً، ولا حياء في تعلم الدين ومن ترك العلم حياءً؛ بَقِيَ أبد الدهر في جهله محروماً.

مشاركة :