للمفتي أمنية للعام الجديد - د. فهد الطياش

  • 10/28/2014
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

يصعب على المرء ان يقر ولو للحظة ان تكون جمجمته لعبة بيد خفية، ولكن عندما ننظر لواقع الحال في عالمنا العربي لاكتشفنا انه بات حقل تجارب في بعض الجماجم الفردية وتسوق البعض الآخر كالقطعان، وكأن هناك أيدي خفية تدفعهم للموت. وهذا المشهد المؤلم دفع مفتي المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ الى أن يطلق صرخة العام الهجري الجديد بقوله: يا معشر المسلمين استيقظوا من غفلتكم وانيبوا الى ربكم". ولذا لو سألت تلك الجماجم التي قامت بقتل جنود مصر انه فعل إرهابي ولا يخدم وطنه او امته، وانه بات معول هدم وخنجر في خاصرة الأمة لرد بان هذه الامة اصلا لا تستحق الحياة. و يتكرر المشهد في العراق واليمن و سوريا و لبنان، و حتى من قام بمهاجمة نقطة الحدود السعودية في صبيحة يوم جمعة في تحرك ارهابي لا تقره العقول المؤمنة السليمة. انه لوضع مؤلم فعلا ان يقول مثل هذا الكلام و يرتكب مثل تلك الأفعال من أبناء الامة الذين أصبحت أمتهم هي من يدفع الثمن الفادح لأفعالهم المريبة التي لا تعرف تخدم من؟ وهذه الأفعال المشينة أصبحت سمة في اقطار فوضى العرب الذي اصبح فيه دم المسلم ارخص من دم النعاج. و لذلك كانت صرخة المفتي لعل الله ان يصلح حال المسلمين في عامهم الجديد حتى اصبحت الاماني كالأحلام فقال: يا اخواني انها لمصائب عظيمة، أعداؤنا في رغد العيش، وفي نعيم وراحة، يدبرون المكائد لأجل إذلالنا واشعال الفتنة بين أبنائنا، وترويج اسلحتهم الفتاكة. فيجعلوا صدور الامة اهدافا لتجارب أسلحتهم الخبيئة المدمرة التي لا يسمح في بلادهم منه بشيء، لكنها موجهة لبلاد المسلمين ". و هو هنا يرى اننا امام مأزق الثقة بالأعداء والاستعداء بهم ليصبح ابن الامة هو العدو الذي يقوم بالعداوة مع امته بالوكالة. فماذا فعلت تلك الجرائم في مصر و لبنان و غيرها من الدول سوى الحاق الأذى بالأبرياء، اما سيادة الأوطان فلن تمس طالما ان جموع الناس ادركت تلك المصالح مبكرا وان حاولت الايدي الخفية العبث بها. و لذا في عامنا الجديد اصبحت الحاجة ماسة الى ثقافة امنية في حدها الادنى تستزرع في جيل الصغار قبل ان تستزرع تلك الايدي الخفية بذرتها وتقطف رؤوسهم في وقت مبكر. وقد يظن ان في الامر مبالغة ولكن لا يعرف مرارة صرخة المفتي الا من عاش الم استدراج صغير من اسرته وربط في خاصرته حزاماً ناسفاً او دفع به في عربة متفجرات. و عند مقابلة بعضهم تجد البساطة في الجواب الذي ينبي عن حقل قابل لاستزراع اكثر من فتنة والدفع به للتنفيذ. وبما ان المفتي طرح الامنية التي يظن البعض انها من بدع العصر فما هي امنياتنا لأمة باتت مفككة وبينها الكثير من حقول الريبة اكثر من زروع الثقة، واصبحت الحدود مناطق مدججة بالنار بدلا من استراحات استقبال واكرام ضيوف. انه واقعنا الذي نتمنى ان يغيره الله الى الاحسن في عامنا الجديد. عام لا مكان فيه لتجريب اسلحة في صدور العرب المسلمين، وعام يعود العرب فيه الى دينهم وعروبتهم لحفظ ما تبقى من عروق لا تزال تسري فيها تلك العروبة. فالجيل القادم بدأ يفقد مقومات الايمان بالعروبة واصبح مقلدا للكثير من فكر الاعداء. ولعل بعض نظريات على الاناسة الثقافية يكشف لنا بعض عورات أجيال مجتمعاتنا. فالجيل الجديد يريد ان ينسى تلك الحقبة وثقافتها التي ولدت هذا الوضع المأسوي، وعلينا الانتظار الى ميلاد جيل يؤمن بوحدة ولو في المصالح بعد جيل فقد الامل في كل وحدة حتى لو كان في قرار من جامعة الدول العربية. يقول و ينستون تشرشل " عندما لا يكون العدو بداخلنا، عندها لا يستطيع عدو الخارج ان يؤذينا"، وهذا حال امتنا الاذى آت من داخل جماجم بعض ابنائنا، فباتت صدور البقية مرمى لمدافع اعدائنا.

مشاركة :