موسيقى ومتعة «سمّها ما شئت» في «الفجيرة للفنون»

  • 2/28/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تعددت الفعاليات، وكذلك المتعة، في ثالث أيام مهرجان الفجيرة الدولي للفنون، الذي عاش حضوره، مساء أول من أمس، فعاليات تنوعت بين الموسيقى، والدراما المسرحية، وأيضاً العروض الفلكلورية. 60 دقيقة، مدة عرض «سمِّها ما شئت» الذي أخرجه وليد دغسني. نصير شمة: لا أغيب قال الموسيقار العراقي، نصير شمة، إنه لا يعرف «الغياب» حينما يرتبط الأمر بمهرجان الفجيرة الدولي للفنون، الذي تحتضنه الإمارة التي أوحت طبيعتها الخلابة وخصوصية تضاريسها له بأحدث أعماله الموسيقية. وأضافت: «شرفت بالوجود في النسخة الأولى من المهرجان، وبكل تأكيد تجديد اللقاء مع الدورة الثانية، وكل هذه الفعاليات المتنوعة التي يزخر بها، يعني أن للموسيقى موقعاً يليق بها في نخبة الفنون التي يحتفي بها مهرجان الفجيرة الدولي». ممثلة ثلاثية الأبعاد وصف الفنان، محمد غباشي، ممثلة العرض المونودرامي التونسي، أماني بلعج، بأنها «ممثلة ثلاثية الأبعاد»، مضيفاً أن العرض يكرسها ممثلة تتحرك بشكل ثلاثي، وكأنها تحمل في يدها اليمنى مخرج العمل، وفي اليسرى تقنيات العمل. وتابع غباشي: «العرض يحوي ثلاثة مستويات: مستوى للمشاهد غير المتخصص، يفهمه ويدرك قصصه، حتى وإن لم يصل لدواخله العميقة، فيما المستوى الثاني هو الفكرة التي ألحت عليها عبر حكايات متعددة ومتباينة، كل منها يكرس ولا يقع في فخ النشاز مع الفكرة، أما المستوى الثالث فهو النخبوي، وعبره نجحت في إيصال العديد من الرسائل المكثفة». حصاد السنين حصدت ممثلة عرض «سمِّها ما شئت»، التونسية أماني بلعج، تصفيقاً حاراً عقب ختام العرض، الذي يأتي كثاني عروض المونودراما، بالدورة الحالية للمهرجان، وهو تقدير تواصل في الندوة التطبيقية عقب العرض. وقالت بلعج إن «سمِّها ما شئت» هو حصاد سنوات طويلة، تصل إلى سبع سنوات، ليكون بمثابة عمل تراكمي تطور وأصبح أكثر نضجاً بتكرار العرض، إذ كانت تتم معالجته، والاستفادة فيه من الخبرات التي تُنمَّى لدى كل عناصره، وخصوصاً مخرجه وليد دغسني. وشكلت ثلاث ساعات غير متعاقبة، استوعبها مسرح جمعية دبا الفجيرة للثقافة والفنون، وجبة دسمة، لروّاد المهرجان، إذ أطل الموسيقار العراقي، نصير شمة، في سهرة موسيقية، امتدت لقرابة الساعتين، كان قد سبقها عرض مونودراما «سمها ما شئت» الذي تواصل على مدى 60 دقيقة. لا تحتاج الموسيقى إلى مقدمات مطولة، فهي أكثر فصاحة من المطولات النثرية، التي تدعي تفسيرها.. هكذا رأى شمة الذي أدى بعض المقطوعات عبر العزف بيسراه فقط. وفاجأ شمة الحضور بأحدث إبداعاته، وهي مقطوعة استوحاها من مشهد السلاسل الجبلية التي تنسج جدلية حيوية، في الطريق ما بين دبي والفجيرة، مشيراً إلى أن هذه الرؤية البصرية الملهمة، تحاكي نظيرتها في مدينة السليمانية العراقية، ما جعله يختار لها عنوان «توأمة»، وكأن المقطوعة ترسخ هذا التماثل بين مدينتَي الفجيرة والسليمانية. واختار الموسيقار العراقي بداية مختلفة للأمسية؛ وهي مقطوعة «عالم بلا خوف»، وأدى كذلك مقطوعة «سمات غربية». وقادت موسيقى شمة الحضور إلى أكثر من مدينة عربية، إذ اختار «رقصة الفرس»، ليعرّج بها إلى عمان، إذ تمثل المقطوعة واحداً من الأعمال الموسيقية التي استثمرتها بعض الأعمال الدرامية الأردنية، ليعقبها عمل بعنوان «تونس»، جاء من وحي زياراته المتعددة أيضاً لتونس العاصمة، بشوارعها وميادينها العتيقة. القاهرة كانت محطة أساسية في سهرة دبا الفجيرة أيضاً مع عود نصير شمة، وهي المدينة التي تم استدعاؤها أكثر من مرة في تلك السهرة، بدءاً بمقطوعة «الشيخ وأنا»، التي طلب من أجلها عازف القانون، صابر عبدالستار، للصعود إلى المسرح من أجل المشاركة في عزفها، إذ جمعهما هذا العمل بالأساس كمشروع فني له خصوصيته في القاهرة. الوصول إلى محطة القاهرة لم يكن ممكناً بالنسبة لخيارات شمة من دون بعض نتاج الموسيقار بليغ حمدي، خصوصاً ما جمعه بالعندليب الأسمر، عبدالحليم حافظ، ليختار رائعة «موعود». كما قدم شمة مقطوعة «الحياة إيقاع»، التي سمح فيها لمرافقيه في العزف الجماعي بأن يعبروا عن إحساسهم بإيقاعاتهم المتباينة، لتنسج المقطوعة جدليات منفردة، بين الآلات المتباينة التي يتخصص فيها كل منهم. وختم شمة بـ«إشراق» التي جمعت عزفاً لبانوراما متنوعة من أشهر موسيقى الأغاني التي صدحت بها نخبة من أعلام الطرب، بدءاً من أم كلثوم وفيروز وفريد، وصولاً إلى أعمال مميزة لأجيال لاحقة. طاقة فنية كما شهد مسرح جمعية دبا الفجيرة العرض التونسي «سمها ما شئت» للكاتب والمخرج وليد دغسني، والممثلة أماني بلعج، التي قدمت أداء مميزاً على نحو استحضرت فيه بالفعل قدرة وطاقة فن الممثل الواحد «المونودراما»، على أن يستغني عن جميع شخصيات التمثيل الدرامي، متكئاً على مهارة وحرفية «ممثل وحيد». وسعت بلعج إلى الغوص في أعماق امرأة محبطة من الخيانات والانتكاسات التي تعرضت لها إثر هجران الحبيب بلا سابق إنذار، في مرحلة يعيش المجتمع فيها اضطرابات وصراعات إشكالية تودي به إلى أتون حرب وعدم استقرار، وتضييق على انفتاح فكري وفني كان جزءاً من مكتسباته، وعلى نحو غير مباشر حضرت أسئلة فلسفية عدة في العمل، منها العلاقة مع الآخر، وسيطرة ذوي الأفكار الهدامة على المجتمع والمؤسسات، إضافة إلى ضعف المرأة وعدم تمكنها من الدفاع عن نفسها أو تحقيق ذاتها كما تريد. وخلافاً لانكسارات متلاحقة في أزمنة متفاوتة، عامة وشخصية، جاءت الخاتمة حاسمة بالأمل، من خلال إشراقة شمس بدت ظاهرة من وراء جدران، كانت جزءاً من السينوغرافيا التي وظفت بشكل جيد في «سمها ما شئت».

مشاركة :