يسرى السيد يكتب: يعيش رئيس موريتانيا حرا خارج الحكم !!

  • 3/1/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

كرسى الحكم فى الأنظمة الجمهورية من المفترض أن يكون من “التيفال” !!بمعنى ألا يلصق به الحاكم أكثر من الفترة التى يحددها الدستور فى هذه البلاد، لكن بقدر قادر تحول هذا الكرسى فى بلاد العالم الثالث  إلى كرسى لـ”الخلود”… من يجلس عليه لا يفارقه إلا بالموت، سواء كان بيد عزرائيل أو بيد جماعات الاغتيال السياسى !!ولأن شعوبنا لا تحب التغيير وتؤمن بالمثل الشهير “اللى نعرفه أحسن من اللي ما نعرفوش ” جلس على قلوبهم حكام لعشرات السنين.. والمدهش عنما تحدث استثناءات نهلل لها جميعا،  رغم أن ذلك هو الطبيعى، وما نعيشه  فى العالم الثالث يندرج فى باب الاستثناء ، لكننا للأسف نعيش عصر تكون القاعدة هى الاستثناء، والاستثناء هو القاعدة !!حدث الاستثناء عندنا مثلا  منذ سنوات مع الرئيس السودانى سوار الذهب حين ترك الحكم لمن يخلفه، ومنذ أيام أعلن الرئيس محمد ولد عبد العزيز لمجلة «جون أفريك» الفرنسية أنه غير مترشح للانتخابات الرئاسية المقررة 2019، وأنه لن يغير المواد المحددة لولايتي الرئاسة، وأنه «سيلتزم بالدستور».طبعا لاقت تصريحات الرئيس الموريتانى ترحيبا كبيرا داخل الأوساط السياسية الموريتانية وبخاصة أوساط المعارضة، رغم أنه سيمضى فترة الرئاسة كاملة.. لكن الترحيب كان بسبب تصريحه بأنه لن يعدل الدستور لتستمر رئاسته فترات أخرى. كل ذلك رغم  أن الالتزام بالدستور واجب، وأن الدستور يمنع تعديل مواد ” المأموريات “بنص الدستور الموريتانى.طبعا، البعض يشكك ويعتبر هذه التصريحات مناورة رئاسية  فى بلد عانى من الانقلابات.. ويزيد أصحاب الفكر التآمرى من مخاوفهم بأن تكون هذه التصريحات  هى” السنارة”  التى سيتم بها اصطياد والتقاط المعارضين حين يكشفون عن نواياهم الحقيقية.. هذا ما تجيب عنه الايام القادمة.طبعا قد يتندر البعض ويقول هذا السلوك  فى دول العالم الثالث رغم حدوثه فى دول لا تنتمى إلى العالم الثالث، أقصد روسيا على سبيل المثال.ورغم إيمانى العميق بقدرة الرئيس بوتين فى إنقاذ يلاده من “كارسترويكا جورباتشوف ”  على رأى عمنا الكاتب الكبير الراحل  كامل زهيرى ونجاحه بالعودة بروسيا من جديد إلى الساحة العالمية رغم “قصقصة ريشه”، أقصد تفكيك جمهوريات الاتحاد السوفيتي. لكنه نفذ ما نفعله  عندنا بـ “غشومية ” بشكل آخر أكثر “شياكة”، حين اتفق مع رئيس الوزراء بتبادل الأماكن ليعود بوتين من جديد رئيسا لروسيا بعد أن قام المحلل بزواج روسيا دورة رئاسية واحدة وتولى بوتين خلالها رئاسة الوزراء ثم  تعود روسيا من جديد إلى “عصمة ”بوتين بعد طلاقها من المحلل !!ولم يعترض أحد على ما أظن.. لأن الروس آمنوا بما يفعله بوتين من أجلهم.. لكن  مشكلتنا فى كثير من دول العالم الثالث  إننا  نظن – وأن “بعض الظن آثم” –  نؤمن بأن بعض الرؤساء يعملون لصالح أولادهم وثرواتهم قبل شعوبهم.لذلك يمكن للرئيس الموريتانى محمد ولد عبد العزيز أن يدخل التاريخ، إذا نفذ وعده ، ويمكن أن يحتل مكانه جيدة أكبر بكثير لو استمر فى الحكم فى ذاكرة بلده وشعبه.لكننى توقف كثيرا  أمام ماقاله  الرئيس الموريتانى في رده  على سؤال  «جون أفريك»، عن الوريث أو الخلف، حين قال “إن هذا الأمر متروك للمستقبل ولكن كل المواطنين يستطيعون الترشح”. ثم قال «سأدعم أحدهم»” ..طبعا ” كلمته”سأدعم أحدهم”، تثير العديد من التساؤلات وهو ما عبرت عنه شخصيات من المعارضة الموريتانية  التي أكدت أنه من غير المناسب أن يتخذ الرئيس القائم موقف دعم أو عكسه أثناء إشرافه على الانتقال لمن بعده، فذلك يفسد اللعبة ويفتح الباب أمام تتسخير الدولة ومؤسساتها لصالح طرف معين خرقا للنزاهة وتكافؤ الفرص.وأنا أضيف من عندي:  فضلا عن ذلك أن اختيار  الرئيس- أى رئيس –  لمن يخلفه  نوع من الوصاية المرفوضة فى النظم الديمقراطية والجمهورية التى تعتمد كصيغه حكم على الانتخابات المباشرة من الشعب .المهم، أعتقد أن الحكام بمفردهم لا غبار كثيرا عليهم  وعلى نوايهم أيضا (!!)لكن الكارثة، كل الكارثة فى “الحاشية”  أو جماعات أصحاب” المصالح”  التى ترى الخطر، كل الخطر،  فى عدم استمرار هذا الرئيس أو ذاك فى منصبه، لتعرض مصالحهم ومكاسبهم للخطر كصيغه حكم.لذلك يسعون بكل ما أوتوا من قوة لتزيين  الطريق له للبقاء والاستمرار فى الحكم  حتى لو أدى ذلك لتغيير الدستور أو الشعب لو لزم الأمر !!وقد حدث ذلك فى مصر حين أقنعوا الرئيس الراحل أنور السادات بتغيير نصوص الدستور لتتيح له الاستمرار لفترات رئاسية أخرى،  ومات السادات  ولم يستفد، كصيغه حكم. والذى استفاد من التعديل الدستورى  الرئيس الأسبق حسنى مبارك ليعاد تعديل الدستور مرة أخرى لينص على فترتين فقط فى دستور 2014. يعنى بصراحة العيب ليس فى الرؤساء داخل النظم الجمهورية لدينا، بل العيب فى الحاشية  …!!وأعتقد أن الخروج الآمن للرؤساء السابقين من الحكم والالتزام بعدم “التنكيل” بهم وتصفية الحسابات سواء  كان ذلك  لأسباب حقيقية أو غير حقيقية قد يفتح الباب للمرور الآمن  للكثير من باب قصورهم الرئاسية، إذا ضمنوا عدم التنكيل بهم بمجرد ترك كرسى الحكم.فى أمريكا وفرنسا والنظم الجمهورية نتعجب رغم أن هذا هو الطبيعى وما نعيشه نحن غير الطبيعى عندما  نجد الكثير من الرؤساء السابقين يعيشون حياتهم  بشكل طبيعى بعد ترك الحكم.والأمر كذلك فى النظم البرلمانية عندما  نجد الكثير من روساء الوزراء  السابقين يعيشون حياتهم بشكل طبيعى بعد ترك الحكم.. متى يحدث ذلك فى بلاد العالم الثالث؟أعتقد أن شحنات الكراسى “التيفال ” وصلت لدول العالم، ولن يبقى أى رئيس للجمهورية إلا بالفترات التي يحددها الدستور والعاقبة عندنا فى المسرات طبعا إذا استبعدنا المحاولات والمؤامرات الاستعمارية لنشر الفتن والفوضى باسم الديمقراطية التى كثير ما يرتكب باسمها  الكثير من الجرائم، وفى نفس الوقت إذا كشفنا الحاشية وأصحاب المصالح “إياهم” !! yousrielsaid@yahoo.com

مشاركة :