الانتخابات التشريعية: إيطاليا بين مطرقة اليمين المتطرف وسندان الشعبويين؟

  • 3/3/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

يعود الإيطاليون الأحد إلى صناديق الاقتراع لانتخاب برلمان جديد وسط توقعات بانحصار المنافسة بين ائتلاف اليمين، الذي يضم "رابطة الشمال" المتطرفة المعادية للمهاجرين والأجانب، وحركة "خمس نجوم" الشعبوية التي يتزعمها الشاب لويجي دي مايو (31 عاما). أما "الحزب الديمقراطي" الحاكم التابع لرئيس الحكومة السابق ماتيو رنزي، فيستعد لتسجيل خسارة قاسية. تبدو إيطاليا عشية انتخابات تشريعية قد تحدد مصيرها محليا وأوروبيا، عالقة بين مطرقة اليمين المتطرف وسندان الشعبويين، إذ ترجح استطلاعات الرأي انحصار المنافسة بين ائتلاف اليمين واليمين المتطرف من جهة، وحركة "خمس نجوم"المعادية للطبقة السياسية التقليدية وأوروبا، من جهة أخرى. وتوقعت عمليات سبر الآراء تصدر ائتلاف اليمين واليمين المتطرف نتائج الاقتراع بنسبة تتراوح بين 35 و38 بالمئة من أصوات نحو 50 مليون ناخب، فيما ترشح حركة "خمس نجوم" التي أسسها الفكاهي جيوسيبي "بيبي" غريلو في عام 2009 في سياق ظهور العديد من الحركات المتمردة على الوضع الاقتصادي العام في أوروبا، الحصول على المركز الثاني بنسبة قد تتراوح بين 25 و28 بالمئة. فوضى سياسية عارمة وأزمة اقتصادية خانقة وكان الرئيس سيرجيو ماتاريلا قد حل البرلمان في 28 كانون الأول/ديسمبر 2017 جراء الفوضى السياسية في البلاد والتجاذبات المستمرة بين مختلف التيارات - فحكومة الديمقراطي باولو جنتيلوني هي الثالثة في ولاية البرلمان المنحل والمنتخب في شباط/فبراير 2013 - إضافة إلى أزمة اقتصادية خانقة سرعان ما ربطها المتطرفون بمعضلة الهجرة غير الشرعية. وقال موفد موقع فرانس 24 إلى إيطاليا والمتخصص في الشأن الإيطالي بنجامين دودمان إن البلاد، مثل باقي الدول الأوروبية، تضررت من الأزمة الاقتصادية التي ضربت أوروبا في السنوات الأخيرة، ما تسبب في ارتفاع نسبة البطالة خاصة لدى الشباب. وأضاف: "لكنها تضررت من أزمة المهاجرين غير الشرعيين أكثر من جيرانها، وذلك ولد شعورا في نفوس الإيطاليين بأنهم يواجهون المعضلة لوحدهم، ما يعزز رفضهم للاتحاد الأوروبي، معتبرين بأن بلادهم كانت أقوى سياسيا واقتصاديا قبل الأزمة. فعلى سبيل المثال، بلدة براتو الصغيرة [والواقعة نحو عشرين كلم شمالي مدينة فلورنسة بإقليم توسكانا، في وسط البلاد، والمعروفة بصناعة النسيج] شهدت تحولا جذريا في تركيبة سكانها إذ أصبح الثلث منهم.. صينيون". مظاهر الحنين إلى الفاشية منتشرة في شوارع البلاد ونظرا لهذه العوامل، "باتت مظاهر الحنين إلى الفاشية منتشرة في شوارع البلاد" رغم أن الدستور يمنع منعا باتا استعمال أي إشارة أو رمز إلى النظام الفاشي. وظل زعيم "رابطة الشمال"، النائب في البرلمان الأوروبي ماتيو سالفيني، يردد السبت الماضي خلال تجمع حاشد في ميلانو: "الإيطاليون أولا". وللتذكير، فقد عارضت الرابطة حرية ممارسة المسلمين لشعائرهم الدينية، إذ دفعت سلطات شمال إيطاليا في شباط/فبراير 2015 إلى إقرار منع بناء المساجد في الإقليم، من دون أن يثير القرار أية ضجة في الطبقة السياسية. واكتفى وزير الخارجية آنذاك، باولو جنتيلوني، والذي أصبح رئيسا للحكومة في 2016 خلافا لصديقه ماتيو رنزي، بالدعوة إلى عدم ربط الإرهاب بالإسلام. ما هي القوى السياسية المتنافسة في هذه المعركة المصيرية؟ المعسكر الأول هو تحالف اليمين، والذي يتشكل أساسا من حزب رئيس الوزراء الأسبق سيلفيو برلسكوني (81 عاما)، "إيطاليا إلى الأمام" (فورتزا إيطاليا)، و"رابطة الشمال" المعادية للمهاجرين والأجانب بزعامة ماتيو سالفيني (45 عاما)، و"أخوة إيطاليا" (فراتيلي ديطاليا) السيادي بقيادة الصحافية والوزيرة السابقة في حكومة برلسكوني جورجيا ميلوني (41 عاما). فوز "رابطة الشمال" يعني أن مستقبل أوروبا على المحك وبالنسبة إلى بنجامين دودمان، فإن الوجه السياسي لإيطاليا سيختلف تماما إذا فاز برلسكوني أو سالفيني بأكبر عدد من المقاعد: "فبرلسكوني سيتجه إذا فاز إلى التفاوض مع تيار وسط اليسار (أي الحزب الديمقراطي الحاكم الذي يقوده ماتيو رنزي وينتمي إليه رئيس الحكومة الحالي باولو جنتيلوني) لأجل ممارسة السلطة". يذكر أن سيلفيو برلسكوني، رئيس الحكومة ثلاث مرات، من 1994 إلى 1995 ومن 2001 إلى 2006 ثم من 2008 إلى 2011، لا يمكن في أي حال أن يمارسالحكم شخصيا بسبب العقوبة القضائية المفروضة عليه والتي تمنعه من أي منصب انتخابي حتى نهاية 2019 بعد إدانته في قضية تهرب ضريبي. أما في حال فاز ماتيو سالفاني، "فهذا يعني أن مستقبل أوروبا على المحك"، وفقا لدودمان. ويتمثل المعسكر الثاني في "حركة خمس نجوم" التي يتزعمها الشابلويجي دي مايو (31 عاما). ويرى موفد فرانس24 إلى إيطاليا أن البلاد ستتجه في حال فازت هذه الحركة الشعبوية في الانتخابات التشريعية نحو المجهول، إذ إن زعيمها يستبعد أي تحالفات سياسية أو مفاوضات تفضي إلى ائتلاف حكومي. نظام انتخابي يمزج بين نظامي النسبية والغالبية ويرد مناصرو الحركة على من يتهمون مسؤوليها بافتقادهم للخبرة السياسية بأن الأحزاب التقليدية فشلت في قيادة أمور البلاد، مشددين على انتشار الفساد وسط السياسيين الذين مارسوا السلطة في السابق. أما المعسكر الثالث، فهو الحزب الديمقراطي الحاكم بزعامة ماتيو رنزي (43 عاما)، رئيس الحكومة من شباط/فبراير 2014 لغاية كانون الأول/ديسمبر 2016، والذي ترجح استطلاعات الرأي حصوله على أقل من 25 بالمئة من الأصوات. ومن المرجح أن تتجه إيطاليا في النهاية، وفي ظل نظام انتخابي يمزج بين نظامي النسبية والغالبية، إلى سلسلة مفاوضات متعددة ومعقدة لا تحمد عقباها. فهناك على الأرجح ثلاث فرضيات: تشكيل حكومة ائتلاف، تشكيل حكومة تكنوقراط خالية من الأحزاب أو تنظيم انتخابات جديدة. القرار عندها سيكون من صلاحيات رئيس الجمهورية بموجب ما يخول له الدستور. علاوة مزياني نشرت في : 03/03/2018

مشاركة :