علينا أن نقفز فوق الخطاب الإعلامي الغربي والعربي الذي يحاول حقن سموم الإحباط في وجدان الشعب المصري بأنه قائد أمة عربية ضعيفة وإنها على وشك الإنهيار، فمصر لن تنهار لأن لشعبها هوية تاريخية وحضارية تسبق الفتح العربى وهذه الدويلات بألاف السنين. عندما جـــاء عمرو بن العاص أطلق على العاصمة الفسطاط أي الخيمة، بالرغم من أن الشعب المصري لم يعرف الخيام فهو الشعب الذي أقام القصور والمعابد التي انحنيت لابداعها حضارات العالم ، فعلينا أن نستعيد هويتنا ونتذكر كلمة معلم الجيل "أحمد لطفى السيد" بأن مصر للمصريين وطلبه من الخديوى"عباس حلمى" إعلان استقلال مصر بعيدًا عن مظلة الدولة العثمانية فمصر ليست جيرانها من دويلات الدولة العثمانية، فنحن شعب له هويته (الفرعونية ـ المسيحية ـ الإسلامية).وإستنادًا إلى قول "مارك سلموني" بأن وعى جماعة بالتاريخ هو الذي يفسر الأوضاع الراهنة ووضع لاحتياجات المستقبل"، أي أن استرجاع لذكريات الماضي القريب ستساعدنا على تفسير وضعنا السياسي الحالي، والتى تؤكد أنه (يحظر على هذا الشعب إمتلاك مقدراته، وأدوات حكمه)، وبالرجوع إلى الحملة الفرنسية إلى مصر حيث يلجأ المحتل دائمًا إلى إعادة تسمية مستعمراته كسند ملكية له كما أطلق "كولمبس" على الجـــزر التي أكتشفها أمريكا فأصبح السكان الأصليين غرباء لأنهم غير أمريكيين. ولكن مصر ليست جزر مجهولة النسب بل لها هوية فأطلق "بونابرت" مصطلح (الأمة المصرية) لتكسو الهوية أبناء الشعب المصري فقط ويظهر الأتراك والعرب والمماليك بمظهر المحتل ويظهر هو في مظهر المحرر، ومع تولى محمد على حكم مصر 1805م، وتلمس طاقة هذا الشعب الجبار أرسل إليه "فريزر" على رأس حملة عسكرية إنتهت فى رشيد بأسر جنوده وقبوله معاهدة الجلاء عن مصر مقابل الحصول على أسراه ، بعدها زاد نفوذ "محمد على" وشعبه فكانت معاهدة لندن 1840 م، والتي كانت بمثابة اعتراف دولي بمكانة واستقلاليتها بعيدًا عن الحكم العثمانى ودويلاتها العربية. وكانت هذه المعاهدة بمثابة استعادة الشعب المصرى لهويته والتي ترجمها إلى سلوك في تعاملاته مع الأتراك والجنسيات الأخرى التي تواجدت على أرضه، وكانت هذه المعاهدة أساس لإعادة إرتباط عناصر المجتمع المصري بعيدًا عن الهوية الدينية والسياسية وأصبح الولاء الأسمى للخريطة والوطن فقط، فنتج عن ذلك ثورة "عرابى" وتشكيل حكومة الثورة فى فبراير 1882 م، فانتفض الغرب لأن الشعب الجبار سيتمكن بعدها سيقود، فطلب الغرب من "السلطان عبد الحميد" المساعدة في احتلال مصر فرفض، فتحرك الجيش البريطاني منفردًا لإحتلال مصر بعد 7 أشهر من حكومة "محمود سامى البارودى" وتم إحتلال مصر وقام الإنجليز بعمل أول تعداد لمواليد للشعب المصرى بعد أشهر من الاحتلال يحصر عدد سكان الشعب المصرى وطاقته البشرية. عادت الهوية المصرية إلى الظهور مرة أخرى بعد إكتشاف مقبرة "توت عنخ أمون" التي اهتزت لها أركان العالم الغربى ونتج عنها استرداد الهوية المصرية وأصبح الشعب يطلق على أولاده أسماء فرعونية فكان دستور 1923 م، وإجبار بريطانيا الاعتراف بدولة مصرية ذات سيادة ، ثم يأتى عبد الناصر وجيش مصر ليملك بمقدرات الشعب فيرسل له العدوان الثلاثى ، ثم ثورة 30 يونيو ويأتى حكم السيسي فيكون الإرهاب.عليه علينا أن نعود إلى تاريخنا وهويتنا المصرية التى ستضع كل من حولنا فى موقعه الطبيعي فمصر فوق الدويلات العربية التى تظن بأموالها أنها تعلو مصر، يا شعب تستعيد هويتك لينحنى لك كل من حولك، وعلينا أن ندرك أن عدونا درس تاريخنا بعناية واستنبط من مذكرات "سعد زغلول" التي قال فيها (أن الغالبية العظمى من الفلاحين المصريين يحركهم الدين أكثر من المصلحة الشخصية ، وأن العمال يحركهم المطامع غير العقلانية)، فكان سلاحهم الجماعات الدينية لتحريك الفلاح المصري واستخدام الحركات التي أطلق عليها تحررية لتحريك العمال طمعًا في مستقبل يفوق قدرات إنتاجهم، فانتفض يا شعب لإسترجاع هويتك وحماية مستقبلك.
مشاركة :