يستعد وفد الوساطة المصري، الأسبوع المقبل، لجولة أخرى من مساعي المصالحة بين قادة حركة «حماس» في غزة والسلطة الفلسطينية في رام الله، وإن كانت هذه الجهود لم تؤد إلى تحريك الملفات العالقة منذ 11 عاماً. وطالبت السلطة «حماس» بتسليمها الأراضي والقضاء ودوائر الجباية المالية في غزة، متعهدة ضم 20 ألف موظف مدني إلى سلم الرواتب، إلا أن «حماس» عارضت ذلك وأصرت على ضم موظفيها، المدنيين والعسكريين على السواء، قبل تسليم هذه الدوائر الحيوية. وقال مسؤول في الحركة لـ «الحياة»: «إذا سلّمنا كل هذه الدوائر والملفات، فإن السلطة لن تضم موظفينا، وستتركنا غير قادرين على دفع رواتبهم المتواضعة». وأضاف: «السلطة في رام الله تريد أن تدفع موظفينا إلى الثورة علينا وليس إنهاء الانقسام» وكانت الحكومة في رام الله أعلنت أخيراً موازنتها الجديدة، وقيمتها 5.8 بليون دولار، وأدرجت 20 ألف موظف ممن عيّنتهم «حماس» على سلم رواتبها، لكنها اشترطت ذلك بـ «تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام، وتمكين الحكومة في شكل شامل في قطاع غزة، بما يشمل المالية، من خلال الجباية والسيطرة الفعلية الكاملة على المعابر، والتمكين الأمني للشرطة والدفاع المدني لفرض النظام العام وسيادة القانون، وتسلُّم السلطة القضائية مهماتها في القطاع، والسماح بعودة جميع الموظفين القدامى إلى عملهم»، وفق ما أعلن رئيس الحكومة الدكتور رامي الحمدالله. وفيما يجري الوسطاء المصريون محادثات تفصيلية في شأن ملفات تمكين الحكومة في المال والأمن والقضاء وغيرها، يعترف المسؤولون من الجانبين في اللقاءات الخاصة، بأن التوصل إلى حلول لهذه الملفات لا يعني نهاية الانقسام، وأن العقبة الأكبر التي تهدد بانهيار كل ما تم الاتفاق عليه، لم تُبحث بعد، وهي السلاح. وقال أحد مساعدي الرئيس محمود عباس: «كل ما يجري بحثه ليس جوهر المشكلة، وإنما مظهرها». وأضاف: «المشكلة الحقيقية هي في مفهوم المصالحة وغرضها، فنحن في فتح نريد إنهاء الانقسام، بمعنى توحيد السلطة ضمن معادلة «سلطة واحدة، قانون واحد، بندقية واحدة»، أما حماس فتريد أن تلقي الأعباء المالية علينا وتواصل الاحتفاظ بالسيطرة العسكرية الكاملة». من جانبها، تقول «حماس» إن السلطة تريد منها «المستحيل»، وأوضح مسؤول رفيع في الحركة: «يريدون سلاحنا الذي هو مصدر قوتنا ووجودنا... خضنا ثلاث حروب من أجل الحفاظ على سلاحنا وحقنا في المقاومة». وأقر بأن «حماس» أيضاً تواجه معادلة صعبة تتمثل في البقاء حركة مسلحة وفي الوقت ذاته تسليم أعباء الحكم إلى السلطة ودخول النظام السياسي. وتلقت «حماس» نصائح من جهات غربية بالتحول حزباً سياسياً مثل حركة «فتح»، في مقابل دخول النظام السياسي الفلسطيني ورفع الحصار عن غزة. لكن الحركة التي تبدو اليوم في أمسّ الحاجة إلى دخول هذا النظام، رفضت العرض، وقال مسؤول رفيع المستوى فيها: «العالم يطالبنا بإلقاء السلاح من أجل رفع الحصار المتعدد عن غزة، وفي حال وافقنا فإن حركتنا ستنهار وتنقسم، وسنفقد كل شيء». وأضاف: «نحن أيضاً أمام معادلة تبدو مستحيلة، ففي حال تمسّكنا بسلاحنا فإن الحصار لن يُرفع والسلطة لن تعود، وفي حال أبقينا عليه فإن غزة ستواصل المعاناة التي تشتد يوماً بعد يوم». على خط موازٍ، رفضت السلطة الفلسطينية دعوة أميركية لاجتماع يتناول إيجاد حلول لأزمات قطاع غزة. وأعلن عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني، المقرب جداً من الرئيس محمود عباس، إن «قطاع غزة قضية سياسية بالدرجة الأولى وليست إغاثية أو إنسانية»، مضيفاً أن الولايات المتحدة «تعرف جيداً أن سبب مأساة القطاع هو الحصار الإسرائيلي الظالم، والمطلوب معالجة سياسية لهذه القضية». وكان المبعوث الأميركي أعلن أول من أمس في مقال، أن «جلسة عصف ذهني ستُعقد في البيت الأبيض الثلثاء المقبل من أجل التوصل إلى حلول حقيقية لمشكلات غزة» و «التركيز على أفكار حول كيفية تطوير اقتصاد القطاع وتحسين ظروف الحياة فيه». وسخر مجدلاني من تصريحات غرينبلات المساند لإسرائيل بقوة، قائلاً: «ندرك أن المشاعر الإنسانية التي هبطت عليه لم تأت من فراغ، بل في إطار المشروع التصفوي الهادف إلى فصل القطاع عن الضفة، وأولاً وأخيراً إلى تصفية المشروع الوطني لإقامة دولة موقتة الحدود أو في إطار الحل الإقليمي بعيد المدى». وفي تطور لافت، انتقد الاتحاد الأوروبي أمس إقرار قانون يمنح وزارة الداخلية الإسرائيلية صلاحية «إلغاء وضع الإقامة الدائمة (سحب الهويات) للأشخاص المتورطين في الإرهاب والخيانة والتجسس». ووصف القانون بأنه «خطير جداً» ويعقد حل الدولتين الذي يدعمه الاتحاد، مشيراً إلى أن إسرائيل تهدف من ورائه إلى تقويض الوجود الفلسطيني في مدينة القدس المحتلة. وأكد أنه «لا يعترف بسيادة إسرائيل على الأراضي التي تحتلها منذ حزيران (يونيو) 1967، بما فيها القدس الشرقية»، متعهداً أن «يراقب عن كثب ما إذا كان القانون الجديد يطبق على الفلسطينيين في القدس الشرقية وكيف سيتم ذلك».
مشاركة :