إن وضع المستقبل في أعيننا، لا يعني إسقاط تاريخنا وتراثنا، فلا يُمكن إسقاط التاريخ، ولا الكف عن استرجاع الأمثلة الطيبة من التراث، ومقولة إن من ليس له ماض ليس له حاضر، قد يراها البعض ترفًا فكريًا غير ذي جدوى، لكنني أراها منطلقًا للتقدم للأمام بقواعد ثابتة متجذرة في الأرض من آلاف السنين، فلا يمكن أن تضع رؤية للمستقبل دون أن تسترجع الماضي لتستفيد من أخطائه ومزاياه، فتتجنب الأخطاء وتبني على المزايا، والنموذج الياباني خير مثال أمامنا بنجاحه في هذا المنحى، وفشل العرب -حتى الآن- ليس عيبًا في الماضي ولكن عيب فيهم وحدهم. *** إن المستقبل لم يكن واقعًا لولا أن سبقه ماضٍ.. فالأمم تنهض بتطلعها للمستقبل وتخطيطها لما يجب أن تكون عليه في الغد.. لكن الأمس كان غدًا بالنسبة لأجيال قبلنا، والغد بالنسبة لنا هو وضع رؤية تقوم على التعامل مع معطيات اليوم لرسم الغد دون إسقاط الأمس. ولأُقرِّب الصورة للقارئ أقول إنه عندما تفكر امرأة في إجراء عملية تجميل لوجهها، كما يحدث اليوم بين قطاع كبير من النساء والرجال أيضًا، فإنها تقوم بوضع نموذج للشكل الذي تريد أن يكون عليه شكلها الجديد، بعد عملية التجميل، وهناك كثير من الجميلات اللاتي يمكن للمرأة أن تفكر في أن يكون وجهها على شاكلتها أو قريبا منها، فتختار من بين عدد من الجميلات الحاليات والسابقات، وعادة ما تنتهي إلى تشكيلة من كل هؤلاء معًا، فقد تنتقي عيون صوفيا لورين، وخدود مارلين مونرو، وشفاه بريجيب باردو، وحواجب نبيلة عبيد.. إلخ، فلا هي أبقت على جمالها كما هو، ولا أنها اكتسبت شكلاً جديدًا أحلى وانتهت أن تكون أقرب إلى (فرانكشتين) يفزع من شكلها الجميع. *** الخلاصة هي أنه ليس هناك نموذج واحد لا في الماضي ولا في الحاضر يمكن أن نستقي منه كل مواصفات التقدم والرقي، فما بالك بمحاولة استشراف نموذج مستقبلي دون أن يكون له قالب (أساس)؟! والنتيجة قد تكون صورة أشبه بلوحة من لوحات بيكاسو.. أما إذا تخيّلنا المستقبل فإن المرأة هنا قد تخرج بوجه يُشبه وجه المخلوقة الفضائية أفاتار (Avatar)، وكذلك هي الدول التي تستقي نموذجًا خارجًا عن بيئتها الحضارية والإنسانية دون أن تضع لمستها الخاصة.. لن تخرج عن أن تكون مجرد دولة دون جذور، فتتمايل مع الريح وتذهب أينما ذهب الآخرون!! * نافذة صغيرة: إن القبول بتقديم تنازلات دون مقاومة على أمل الحظو ببعض المزايا، بدلاً من الحرمان من كل المزايا لو قاومت وهُزمت هو قبول بأن تكون خادمًا وعبدًا للغير. nafezah@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (6) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :