أصبح حلمي الذي يرادوني هو أن يسود السلام كل بيت وكل شارع وكل قرية وكل دولة، وأن يحظى كل طفل وكل طفلة بحقّه في التعليم.(من كتاب أنا ملالا). لأكون عادلة مع نفسي لم يكن لي أن اترك حدث حصول ملالا يوسفزاي على جائزة نوبل للسلام 2014م يمر مرور الكرام، فقد كنت أتتبع منذ مدة أخبار ملالا.. هذه الطفلة الشجاعة التي صرخت في وجه الظلم والاستعباد والارهاب، ولمن لا يعرف هذه الطفلة التي تلاشى خوف الصغيرات بداخلها، وعاشت حالة التقارب والألفة مع الذات، وبوعي مبكر رفضت كل أشكال الظلم والعنف وسلب الحقوق فهي التي وقفت بوجه طالبان وبوجه مجتمع لا يسمح للفتاة بإكمال تعليمها إلا إلى سن 8 سنوات، لم تكن ملالا المحاطة بأب جيد وهو شاعر وصاحب عدد من المدارس الخاصة ويدعم حقوق المرأة والطفل حيث يعيش وأسرته زوجته وملالا وشقيقيْها في مدينة منغورة بوادي سوات شمال باكستان. وكان دائماً يفخر بابنته ملالا، ويذكر أنه سمّاها ملاّلة تيمناً بالشاعرة البشتونية والمقاتلة "ملالي أنّا" التي تزعمت قوات البشتون في حربها ضد القوات البريطانية سنة 1880 ضمن ما يُعرف بمعركة "مَيووند". بدأت قصة هذه الصغيرة عندما رفضت الظلم وطالبت في الحصول على بيئة آمنة وحرة لاستكمال الدراسة في مدرستها بعدما أحرقت طالبان مدارس الفتيات واحدة تلو الأخرى في مدينتها. وهذا يعني معارضة طالبان التي كانت تعدم كل معارضيها دون خوف من سلطات تنفيذ القانون، حيث إنه في ذلك الوقت كانت الإعدامات العلنية والاغتيالات وعمليات الاختطاف أمراً شائعاً. واشار عليها والدها أن تدون كل اشكال الظلم والعنف التي تمر بهم وفضح من يقوم بها، وفعلاً بدأت بالتدوين على خدمة «بي بي سي» باللغة الأردية باسم مستعار غول ماكاي. وتمكنت ملالا من الحديث عن كل مخاوف تنتابهم في ظل وجود طالبان وسيطرتها على المنطقة، كذلك ركزت على موضوع التعليم وحرمان الفتيات منه في سوات. وفي أحد أيام الثلاثاء من عام2009م كانت ملاّلا عائدة إلى بيت أسرتها برفقة بعض الفتيات في حافلة المدرسة، وفجأة توقف السائق وركب مسلّحان مجهولان الحافلة وسألا الراكبٍين عن ملاّلة، فلما أشارت فتاة إلى مكانها في الحافلة أطلق المسلحان النار وأصابا ملاّلة برصاصة في الجمجمة، كما جرحا واحدة من رفيقاتها قبل أن يلوذا بالفرار. وهذه الحادثة كفيلة بأن توضح مدى استهدافها من منظمة طالبان، ولكن لم توفر لها الحماية الأمنية في حينها، فعندما سيطر الجيش على منطقة سوات بكاملها عاد الهدوء إليها، وكشفت شخصية الفتاة التي كانت تدون في ال(bbc) واستمرت ملالا في انتقاداتها لطالبان ووحشيتهم في مقابلاتها الإعلامية، وقد حصلت على جائزة السلام الوطنية الأولى من رئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني. لنشاطاتها في مجالات التعليم والسلام. وقدر اصدرت كتاب (أنا ملالا) قبيل فوزها بجائزة نوبل للسلام، حيث أصبحت ملالا الآن وهي ابنة ال17 ربيعاً ملهمة للكثير من الناشطين والذين يواجهون عوائق في سبيل إزالة ألغام الجهل والتخلف وزرع ورود السلام والإنسانية والحب.. يا ترى في عالمنا العربي كم ملالا بيننا تحاول أن تنهض وتزيل كلس الجهل والرجعية والظلم؟. وأخيراً كلنا ملالا التي تقول: أنا ملالا. تغيَّر عالمي ولم أتغيَّر.
مشاركة :