العربيّ الجيّد هو العربيّ الميّت (ليتل بروز). حب الإنسان للمغامرة والمجد هو الذي يقوده نحو أماكن جديدة، وأصدقاء جدد، وحياة مختلفة، ومسالك قد تقود للفرح، وقد تقود للشقاء، هي أمل من نوع آخر، قد يكون أملا بائسا عندما يتعلق به صاحبه حدّ العبادة، وكذلك فعل ليتل بروز الشخصية الأكثر تطرفاً وعنصرية حيث فصّل مقاس بؤسه بحجم عنصريته، في رواية (2084 حكاية العربي الأخير)، (دار الآداب -2015-بيروت) للروائي المميز واسيني الاعرج. حاول واسيني في هذه الرواية أن يكمل مسيرة رواية جورج أورويل (1984) ويشاكسها عن طريق حفيد بيغ بروذر (ليتل بروز) الشخصية المتعصبة والكارهة لشيء اسمه عرب، فشعاره هو "العربيّ الجيّد هو العربيّ الميّت"، أما الشخصية المركبة والتي ترمز إلى أشياء كثيرة كانت شخصية العربي آدم عالم الفيزياء النووية والمشرف على تنفيذ قنبلة نووية مصغرة في بنسلفينيا، حيث يتعرض لعملية خطف في مطار رواسي بباريس، تشترك فيها ثلاثة اطراف: تشادو، والمتخصص في قتل علماء الذرة العرب، و"التنظيم"، وهو الجهاز الارهابي الغامض، وFBI لأن آدم ينتمي الى مخبر أميركي لذلك يجب حمايته، آدم شخصية مميزة وعميقة له ثقله العلمي، وله وعي جاد مستحصل من تجارب سابقة مع مواجهة الواقع، وكأنه يقول قدر الانسان أن يحارب وحده ليعيش، حيث تدور أحداث الرواية حوله فهو (العربي الأخير) الذي يحاول استعادة شيء ما ضاع، وتأتي شخصية الذئب (رماد) هذا الساكن في لاوعي آدم، يجري منذ مئة عام نحو اللا شيء المتعب والمرهق، أما أحداث الرواية الغريبة والمشوقة فتقع داخل قلعة أميروبا المخيفة والمليئة بالغموض والخوف والوحشة، والتي تقع بين مضيق هرمز والبحر الأحمر، في عمق الربع الخالي. ومن وجهة نظري فقد نجح الاعرج في أخذنا الى عالم الافلام الهوليودية في هذه الرواية، حيث الشخصيات المتناقضة، والاحداث المتسارعة والجافة كالصحراء. والتناقضات اليومية وما يتبعها من عنف ومثالية، حزن داخل حزن، وصراع من أجل البقاء ولكن في هذه الرواية شعار العرب هو (نفني بعضنا بعضا) ونتقاتل من أجل البقاء، تلقي هذه الرواية الضوء على أحوال العرب، واسئلة خارجة عن نص الفكر حيث تساؤلات كثيرة ابسطها ما هو الارهاب وكيف نشأ، وهل هو قدر أم صناعة؟ والكثير من الاسئلة المنظقية بشواهدها الحية، والحقيقة أن الاعرج تحدث كثيراً عن حال العرب الآن، وربما تنبأ بالمستقبل العربي الضبابي الرؤية، الأكيد أن هذه الرواية الثرية والممتعة لا تعطي حلولاً ولكنها تزيد من مساحة الوعي لدى القارئ وتفتح عينيه نحو مجهول الاسئلة التي أصابتنا في مقتل منذ بداية الربيع العربي في عام 2011م. writerzainab000@gmail.com
مشاركة :