تنفق شركات الأطعمة والوجبات السريعة مئات الملايين سنوياً في دراسات وأبحاث لمعرفة الطريقة المثلى لإسالة اللعاب من فمك.. وتتغلغل في دراسات متعمقة للوصول إلى مستوى القرمشة المفضلة لديك عند تناول قطعة بطاطس.. وما هو مستوى الفقّاعات التي تظهر في علبة المشروب الغازي لكي تدغدغ حواسك!! أما أسلحة الدمار الشامل، المكونة من الملح والدهون والسكريات، فشركات الأطعمة السريعة تصرف عليها الملايين للوصول إلى معادلة حسابية معقدة لمعرفة وزن كل سلاح منها؛ حتى يتمكن خليط تلك المكونات من ضرب مراكز محددة في الدماغ والسيطرة عليه!! حديثي السابق ليس من نسج الخيال، ولا من فضول الكلام، بل هو واقع مخيف للمستوى الذي وصلت إليه شركات الأطعمة والوجبات السريعة والمشروبات السكرية في دراساتها وأبحاثها، في سعيها لصنع ما يسمى بـالتوقان لتلك الأطعمة والمشروبات. ويعني ذلك الرغبة الملحة والمستمرة في تعاطي تلك المنتجات، وعدم القدرة على الامتناع عنها أو التوقف عن طلبها، عدا أهمية ذلك في صنع الولاء لها. يتم ذلك من خلال عدد من الطرق، من أهمها استخدام خليط من الدهون والملح والسكر في تلك الأطعمة، بنسب محددة، وبطرق علمية معقدة، للوصول إلى مزيج يستطيع التأثير على الخلايا العصبية بمركز السعادة والثواب في الدماغ، وتحفيزها؛ ليتزامن تناول تلك الأطعمة أو المشروبات غير الصحية مع الشعور بالسعادة والارتياح النفسي، كما هو الحاصل في البرجر والبيتزا، وغيرها من الأطعمة غير الصحية. هل سألت نفسك لماذا تحتوي صلصة الطماطم المستخدمة في البيتزا على السكر؟!! ولماذا تحتوي بعض أنواع الشوكولاته أو الكوكيز على الملح؟ ولماذا يحتوي خبز البرجر على نسبة من السكر؟!! بل إن بعض الباحثين يشير إلى أن ذلك قد يشكل نوعاً من الإدمان على تلك الأطعمة غير الصحية. ومن الطرق التي تعمل عليها تلك الشركات لصنع التوقان عمل دراسات متعمقة حول الخصائص الميكانيكية للأطعمة، كمستوى القرمشة والمضغ، والزمن الذي تمكث فيه في الفم خلال فترة المضغ، وكيمياء الرائحة.. وهنا يتم إجراء دراسات على شرائح كبيرة من الناس بأعمار مختلفة، رجالاً ونساء، كباراً وصغاراً، حتى تصل تلك الشركات للمستوى المفضل من تلك الخصائص. ناهيك عن إجراء دراسات غاية في المكر والخداع حول نكهة وطعم المنتجات؛ إذ يتم إجراء عمليات كيميائية، واستخدام منكهات ومضافات عليها؛ لتشعر بجرعة قوية من النكهة في بداية تذوقك للمنتج، سرعان ما تتلاشى سريعاً؛ لتجعل الدماغ يبحث بشكل مستمر عن تلك النكهة في كل قضمة، ومن ثم مزيد من الأكل؛ وبالتالي مزيد من أرباح تلك الشركات المراوغة!! هنا يتبدد لديك العجب عندما تجد طفلاً لم يتجاوز عمره ست سنوات وهو يلتهم الحجم الكبير من وجبة برجر بحواشيها الأخرى من البطاطس والمشروب الغازي!! أو كيساً كبيراً من البطاطس المقرمشة دون أن يشعر بذلك!!.. فالعملية محسوبة بدقة، فالملايين التي تصرف في تلك الدراسات تعود عليهم بمئات الملايين. وهنا أيضاً لا تتعجب من الرائحة التي تُسيل اللعاب عندما تدخل بعض المطاعم؛ فالرائحة هنا ليست عبثية؛ فهي مقصودة ومتعمدة باستخدام روائح مصنعة مخصصة لذلك!! أما أساليب الدعاية والترويج في صنع الولاء والعشق لتلك الأطعمة والمشروبات فحدّث ولا حرج! ولعل من أهمها استهدافهم بشكل فج ووقح الأطفال والمراهقين من أجل كسب ولائهم منذ الصغر، وهو نوع من الإرهاب المقنن ضد صحة الأطفال. إذ نرى تغلغل طرق الترويج إلى ألعاب الأطفال الإلكترونية من خلال ما يسمى بوضع المنتج. وعلى سبيل المثال، تظهر محال البيتزا أو البرجر بمسمياتها التجارية في تلك الألعاب، أو يتم صنع ألعاب إلكترونية لمنتج معين، وتقديمها مجاناً للأطفال. هذا عوضاً عن الهدايا واستخدام الشخصيات الكرتونية والمشاهير، عدا استخدام منصات الإعلام الاجتماعي كتويتر وفيس بوك واليوتيوب للوصول لتلك الشرائح. وبعد ذلك كله، وهذا الاستهداف الإرهابي لصحتك وصحة الأطفال من قِبل تلك الشركات والمطاعم التي تروج للأطعمة والمشروبات غير الصحية.. هل سنظل نُفرط في تناولها؟!! لقد أثبتت الدراسات، بما لا يدع مجالاً للشك، أن الإفراط في تناولها بوابة سهلة للإصابة بالسمنة وارتفاع الكولسترول وارتفاع ضغط الدم والسكري والنوبات القلبية والسكتة الدماغية. فهل آن أوان المواجهة؟!!
مشاركة :