هل-نحن-فعلاً-نحترم-الآخر؟

  • 11/12/2014
  • 00:00
  • 21
  • 0
  • 0
news-picture

تضج الحياة بمواقف عدة، بعضها له طعم خاص، وبعضهم مر علقم. ما لا يدركه الفرد أن قيمته الحقيقية ليست فقط بالمواقف نفسها أو رد الفعل اتجاهها. الأعمق من ذلك ما تحتويه هذه المواقف من احترام يقدس كرامة الإنسان، وما يغيب عن بعضهم أهمية قيمة الفرد والمحافظة على كرامته الإنسانية، هناك بين المفردة والأخرى لغة تستطيع أن تتلاعب بها، وكذلك تستطيع بلغة الحوار والرجم بالحديث بأسلوب يخيل ظاهره أنه جميل وأنيق، لكن في بواطنه الفوقية والنقص في احترام الإنسان. من هنا يشعر الفرد بأن كرامته تهان، فلا يعلم كيف يتصرف أو يبرر مدى الاستهجان في مواجهة ما يلقاه من نقد لاذع أو فوقية مريضة. ربما يجهل بعض الأفراد أن أساس العلاقات وتبادل الحوارات قائمة على مبدأ الاحترام، من دون هذا المبدأ لن يتم أي شيء من التفاهم أو التواصل أو التعاون، فهو حجر الأساس الذي تُبنى عليه علاقات ودول. في مجتمعنا هناك من يعاني الشعور بالنقص، وإن حاول أن يخفي ذلك، تظهر في طيات الحديث والحوار والمناقشة، كشخصية ترسم بحذافيرها السلبية، توضح العقدة من الآخر، أو توضح الأنا العالية، التي نعرف جيداً منبعها من عدم الثقة في النفس، فيسهل تحقير الآخر من أجل الحصول على منفعة لأهواء النفس المريضة بحب السيطرة، أو الظهور بشيء مختلف ومغاير. أينما ذهبنا مع أقاربنا، أصدقائنا، زملائنا، أو حتى العابرين في أحد طرق الحياة، نجد أننا نحتاج إلى التعرف على كيفية التعامل مع الآخر بحب واحترام وود، يساعد ذلك في مد جسر من التواصل والفاعلية والإنتاجية الفكرية والاجتماعية والمهنية، وقبل كل ذلك الإنسانية، التي تجعل الحياة أكثر عطاء في تبادل المنافع والمصالح المشتركة بين أفرادها. فكم من موقف أو وجهات نظر تحولت إلى شعلة من النار والعار، بسبب قلة الاحترام لقيمة الإنسان، سواء أكان في الطرح أم الأسلوب أم التعامل، الذي ينتج بعد ذلك حالاً من الغضب والعتب، وأحياناً تصل إلى القطيعة والهجر. وعندما نحاول أن نبحث عن جذور الخلاف أو المشكلة فلا نجدها واضحة، بل تكون مخفية في عدم الاحترام، وللأسف الإنسان لا يدركه ولا يشاهده، فقد تعود أن يمارس السلبية في أي موضوع، أو موقف من دون مراعاة الآخرين. ونجد العكس، من يمارس مبدأ الاحترام كفعل وتطبيق مع الصغير والكبير، والعامل والفقير، والقريب والصديق، إنه خلق دائرة جاذبة لكل من حوله، تحتوي على الحب، تتراكض النفوس للتقرب منه، وتسمع حديثه أو مشاركته بأي عمل يرغب، هذا النوع من الأفراد قد أدركوا قيمة الإنسان الحقيقية، التي تصالحت مع ذاتها في الحياة، وضخّت من داخلها للخارج كل الحب والاحترام. والإيمان بمبدأ روح الإنسانية الصرفة، من دون ألقاب أو مسميات أو شعارات أو مصالح، فقد تجاوزوا كل تلك المهاترات والتصنيفات، فارتقوا في سلم الإنسانية. وهذا قمة الوعي الإنساني، والنضج الفكري، الذي من خلاله يستطيع الإنسان أن يبنى علاقاته وصداقاته التي تتصف بالامتياز والقوة. الاحترام يبدأ من الذات نفسها، عندما نقبلها ونتصالح معها، نعرف سلبياتها وإيجابياتها، فلا نجلدها ولا نحتقرها، أو نجعلها أسيرة وخاضعة للأنا الزائفة التي تسقط أمراضها وعقدها ونقصها على الآخرين من دون حق. من هنا نتعلم ونعلم أن الاحترام والتقدير لذواتنا سينعكس على المحيط الذي نعيش فيه مع الآخرين، بطريقة حديثنا وأسلوبنا وأفعالنا بإيجابية تامة. من الطبيعي أن تكون هناك اختلافات ووجهات نظر مختلفة عنا، لكن لا ضرر من ذلك، فالكل منا يحترم توجه واعتقاد وطريقة عيش الآخر، فهذه هي سنة الحياة، إذا آمنا بذلك عمّ السلام وثقافة قبول واحترام الآخرين، وأدركنا أننا أبناء أرض واحدة، تحت سماء واحدة، نطبق مبدأ التعايش بسلام لبناء عمارة الأرض، وحصد إنتاجها الفكري والحضاري والاجتماعي والاقتصادي بروح جماعية فعالة ومنتجة ومتطورة ومتقدمة، ويخلق بيئة من المنافسة الشريفة التي تحث الإنسان على السعي والجهد والعمل مع جميع الثقافات المختلفة عنها.

مشاركة :