الشارقة: علاء الدين محمود قدمت فرقة دبا الحصن، أمس الأول، على خشبة مسرح قصر الثقافة، عرض «حرب النعل»، ضمن عروض الدورة 28 لأيام الشارقة المسرحية، وهو من تأليف إسماعيل عبدالله، وإخراج حسن رجب.يطل العرض على الواقع العربي المأزوم، وحالة الانقسام والتشظي، من خلال مكان متخيّل يقوم بناؤه الاقتصادي على احتراف مهنة صيد السمك، ويسود فيه الظلم والقهر، حيث تسيطر شخصية «الحوت» المتسلطة على الخيرات، ويتحكم في أرزاق الصيادين، يساعده وكيل يمثل بطانة السوء، يقابلهما، فتاة وجدها الأعمى، يرمزان إلى الخير والقيم النبيلة ومناهضة الظلم، وسكير شاب «الصنقل»، ينطق بالحكمة. تتناول المسرحية الصراع الاجتماعي الذي ينشأ نتيجة الظلم والصراع على الموارد، حيث ينقسم المجتمع إلى فقراء وطبقة من الأغنياء المستفيدين من الأوضاع، فيبرز الانهيار القيمي والأخلاقي، وتسود قيم جديدة وواقع مزرٍ. حفل العرض بالكثير من المونولوجات الحوارية، والمشهديات المتنوعة المحملة بالرموز والدلالات، مثل لحظة مخاطبة الشاب «الصنقل» لقبر والدته وشكواه من مرارة الزمان الذي جار عليه، وكذلك مخاطبة الفتاة لقبر والدها الذي رباها على القيم والأخلاق ومناهضة الظلم، كما وظف العرض الموسيقى الشعبية الحية في مزيج مع موسيقى «الراب» يشير إلى حالة التشظي والتداخل الثقافي، ونصب المخرج ديكورا مستمدا من البيئة الساحلية المحلية، واستعان باللهجة المحلية التي أكسبت العرض بعدا جماليا، ليكمل الممثلون هذه المشهدية بأداء حركي ونفسي رائع حقق الفرجة بتفاعل الجمهور مع العرض. جرد المخرج العرض من الزمان والمكان ليجعله يسبح في فضاء غير منتمٍ، بل ويجرده حتى من دلالات العنوان المادية، كعتبة دالة للنص، لحفز الخيال على معرفة ماهية «النعل»، ولربما لمعت في ذهن كاتب النص فكرة توظيف مشهد الحذاء الذي انطلق صوب الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش، أثناء انعقاد مؤتمر صحفي في بغداد في 14 ديسمبر/كانون الأول 2008، في مشهدية احتجاجية صارخة على الخراب الكوني، أو ربما هو مقتبس الأفكار التي تجري مقابلة فريدة بين النعل والعقل، كون أن العقل يقع في قمة الجسد، بينما يعبر النعل عن القدمين في أسفل الجسد، وذلك دلالة على الجهل، وفي كل الأحوال فإن الاستخدام ذو حمولة احتجاجية.ووفر العمل متعة بصرية متميزة، وعمل على تكوين رسالة مناهضة لواقع الظلم والتفرقة، رسالة تنشد الحب والجمال.أجمع المتحدثون في الندوة التطبيقية التي تلت العرض، على جودة العمل وفرادته، ولفت الممثل السوري أسعد فضة إلى أن مؤلف النص صاحب كتابات تجنح نحو الخيال، محملة بدلالات رائعة، نجح المخرج في التقاطها والعمل عليها، مشيدا بالإضاءة والموسيقى الحية، فيما ذكرت الممثلة المصرية وفاء الحكيم أن العرض حلق في أجواء خليجية، مشيدة بالتجربة الموسيقية والكلمة الرشيقة والنص الشاعري، أما المخرج عماد الشنفري فأكد على أن النص جاء محتشدا بالدلالات، ووازن المخرج بين النص والفرجة عبر المونولوجات، فيما وجد الباحث المسرحي الجزائري عبد الناصر خلاف أن النص جاء ملغماً بالكثير من الفخاخ والتراجيديا، مشيدا بالمخرج الذي استهدف المتعة أكثر من الجائزة. وتحدث مؤلف النص إسماعيل عبد الله شاكرا فرقة دبا الحصن تبنيها للعرض، مشيرا إلى أنها أقدمت على مغامرة بتبنيها للعمل رغم الإمكانيات البسيطة، لكنها نجحت في التحدي، معربا عن غبطته بتقديم العمل برؤية حسن رجب الإخراجية، فعلى الرغم من أن العرض قدم سابقا إلا أنه جاء برؤية مختلفة بفضل فكر رجب الإخراجي، فيما أشاد مخرج العرض بالمداخلات وبمؤلف العرض ووصفه بأنه صاحب لغة شاعرية ساحرة، وتحفل نصوصه بالرؤى الجمالية.
مشاركة :