هل توجد لدينا «صحافة»؟!

  • 3/19/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أحيانا أسأل نفسي هذا السؤال الذي أتردد أو بالأحرى أتهرب من الإجابة عنه: هل ما نقرأه صباح كل يوم في قراطيس الصحف، بالإمكان أن نطلق عليه «صحافة»، أم إن الصحافة شيء مختلف جدا؟! يقول نيكربوكر: «كلما وجدت المئات والآلاف من الحكماء يحاولون الخروج من مكان، وعصبة صغيرة من المجانين تحاول دخوله، تعرف أن العصبة مكونة من المراسلين الصحفيين». في كتابه الرائع «الصحفي العالمي»، يقول ديفيد راندال، كبير محرري الأخبار في الإندبندنت: ينبغي لكل صحيفة يومية أن تضيف إلى كل عدد بيانا بمثل هذا الشكل: «هذه الصحيفة، ومئات آلاف الكلمات المضمنة فيها، أصدرتها خلال خمس عشرة ساعة مجموعة من البشر الخطائين، الذين عملوا في مكاتب مزدحمة وهم يحاولون اكتشاف ما حدث في العالم، من أشخاص يحجمون أحيانا عن إبلاغنا بالمعلومات، وأحيانا أخرى يوصدون الأبواب في وجوهنا»! أقرأ ما سبق ويلح عليّ السؤال ذاته: كم نسبة الأخبار والتحقيقات والمواد التي تنشر كل صباح بإمكاننا أن نطلق عليها مواد صحفية بامتياز؟! غالبية الصحف لدينا باتت مُقولَبة في أقسام مطلوب منها أن تُنتج صفحات تُسلّم للهيئة التحريرية، لكن يا ترى هل جميعها مواد تقطر بحبر وعرق الصحفي؟ أم إن غالبيتها تصل إلى الصحفي بالبريد الإلكتروني جاهزة مجهّزة، وهي أقرب إلى المواد الدعائية منها إلى الصحفية؟! يتجرأ صحفي هنا أو هناك، فيجتهد في البحث الصحفي المحترف عن مادة مميزة، فلا يلقى هو وصحيفته إلا العتب واللوم، لأن الجميع بلا استثناء بات ينزعج مما يُنشر عنه في الصحف إلا مدحا أو شكرًا! المُضحك أن جميع الجهات التي تستفيد من الصحف تتعامل معها وكأنها صحافة حائط بلا ثمن، بإمكانها أن ترسم عليه ما تريد وتمضي من دون أن تدفع دينارا واحدا! هي تتجاهل أن المؤسسات الصحفية تتحمل تكاليف مالية كثيرة حتى تُخرج الصحيفة، ما بين المباني والصحفيين والصحيفة! الوضع السابق جمّد المهمات الصحفية الحقيقية، وحوّل صحفنا إلى جهة تتسلم المنشورات الدعائية حكومية وغير حكومية، لتسوّد بها أوراقها في اليوم التالي، مهما كانت قيمتها المعنوية والصحفية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية! برودكاست: يقول جورج برنارد شو: «يبدو أن الصحف غير قادرة على التمييز بين حادث دراجة وانهيار حضارة»! نعم هناك مجسّات مفقودة أو غائبة، غدا نواصل.

مشاركة :