منذ نحو تسع سنوات، كتبت مقالاً عن أمي لمناسبة عيد الأم، وعندما اعدت قراءته منذ يومين، استوقفتني كل كلمة فيه واسترجعت شريط الذكريات لمواقف أمي معي في الحياة، لم اتطرق لمواقفها معي في مرحلة طفولتي ولا دراستي ولا حتى المراحل الأولى من زواجي... فكل مرحلة لها قصص ووقفات لا يتحملها سوى قلب وصبر الأمهات. ولكن مقالتي كانت حول دورها في نجاحي العملي وفضلها بعد الله لما وصلت اليه من مكانة مجتمعية وعربية... فكيف استطاعت أمي أن تكون سنداً وعوناً لي في تحمل مسؤولية أبنائي اثناء غيابي وسفري. سأترك لكم قراءة المقال الذي نشر العام 2009 بمثل هذا اليوم...إليك يا صاحبة أطيب قلب، إليك يا صاحبة أصدق حب، إليك يا صاحبة أجمل وجه، إليك يا منبع الحنان والإحساس والطيبة. إليك يا من رضاها من رضا الله، إليك يا أمي ويا نور عيني، فمهما كتبت وقلت فيك من كلمات فهي بحقك قليلة، أمي الحبيبة لك الفضل بعد الله سبحانه وتعالى في وجودي ونجاحي، ولا سيما وقفتك معي ورعايتك التي لم تحرميني إياها رغم استقلاليتي بحياتي... فلم تحرميني رعايتك واهتمامك وحرصك واتصالك المستمر للاطمئنان عليّ، وما زال خوفك عليّ كأنني طفلة صغيرة وعجزت أن أقول لك يا أمي، انني كبرت وفهمت الحياة، ولكنك ترددين دائما بأنني مهما كبرت فأنا صغيرة بعينك. وفعلا أنا طفلة صغيرة يا أمي عندما أرتمي بحضنك واحتضنك وأقبلك على رأسك وخدك الجميل، عندما اشعر بخوف أو تعب أو عندما تواجهني صعوبات الحياة، وهي للأسف كثيرة، واشعر بأنني ضعيفة على مواجهتها، أركض إليك وأرمي رأسي بحضنك، وفعلا أنا طفلة عندما أنام بجوارك محتضنة يديك لكي لا تفارقني. هنا فقط اشعر براحة وهدوء ويزول كل تعب وضيق، وأعود بعدها امرأة كبيرة وأم الأبناء بعد أن كنت طفلة صغيرة بين يديك. أمي الحبيبة، أنا مقصرة بحقك في الفترة الأخيرة، بسبب انشغالي وأعمالي، وكنت اشعر بضيق واسمع منك اللوم والعتاب بسبب انقطاعي عنك، ومهما دافعت عن نفسي، لكنني في داخلي لا اقبل أعذاري. أمي الحبيبة، اسمحي لي بأن أذكر لقرائي قليلاً من وقفاتك الكثيرة معي ومع أبنائي الذين هم أبناؤك أكثر مني... فكثيراً ما أسافر تاركة أياهم برعايتك وكنت تتركين بيتك وتلازمين بيتي وأبنائي طوال سفري، وعند وصولي أول وجه أراه وجهك الجميل الذي كله شوق لرؤيتي، واترك لك فتح حقائب سفري وتوزيع الهدايا لكل الأهل، ولم انس هدايا صديقاتك لأني أحبهن من حبك لهن. وعندما أشعر بالمرض أجدك تصرين على بقائك بجانبي، وكنت تضحكين معي قائلة: أنا لا أتمنى لكِ المرض ولا التعب، ولكن أحبهما الآن لأني أراك طوال اليوم عندي. فليحفظك الله ويرعاك، هذه كلماتي لك في يوم عيدك يا أمي، أختمها بوعد بأني لن انشغل عنك بعد اليوم... فالانشغال والعمل لا يساويان شيئاً أمام رؤية وجهك الجميل يومياً، وسماع دعواتك الطيبة بأن يمن الله عليّ وعلى عائلتي الصغيرة بالخير، أمي اليوم وبعد أن مر على مقالتي تسع سنوات، وبعد أن كبر الأولاد ورزقت بحمد الله بالحفيدات، ما زلت أنا في عينيها تلك الصغيرة التي كتب تلك الكلمات قبل تسع سنوات، فلم تتغير أمي معي بل ازدادت أكثر اهتماما بعائلتي وأكثر خوفا مني على حفيدتي، وكثيرة السؤال عنهما وتحتفظ لهما بالحلويات وتقوم بزيارتهما وبيدها كيس الحلويات مقسم بالعدل ما بينهما. وما زالت تلك الأم التي كانت تهتم بأبنائي صغارا، هي ذاتها الأم التي تخاف عليهم اليوم كباراً. والحمد الله اني وفيت بقدر المستطاع بوعدي، فاصبحت زيارتها من أولوياتي والاتصال عليها يوميا بل في اليوم اكثر من مرة. والحقيقة مهما عملنا لامهاتنا فنحن مقصرون بحقهم.أمي الغالية: لقد اختلفت لدي الكثير من معاني العلاقات الجميلة التي كنت أعيشها من فترة ليست بعيدة، فلم تعد الصداقة كما كانت، ولم يعد الحب حقيقياً كما كان، فحب الأخوات اختلف، وحب الصديقات اختلف... والحياة أصبحت مختلفة وبدأت تضيق علينا بمشاكلها وهمومها، ولكن الشيء الوحيد الذي لم يختلف، هو حبك لي وخوفك عليّ، ولم تمسه يد الزمان وغدر الإنسان. الأم لا تتغير مهما مرت السنين ولا تعوض ونظل بحاجتها مهما كبرنا. اللهم احفظ أمي وجميع الأمهات وارحم الأموات منهن وأجعل مداس أقدامهن الجنات... وقبل ان انهي مقالتي اكتشفت انني نسخة ثانية مكررة من أمي مع ابنائي. Najat-164@hotmail.com
مشاركة :