كشفت المعارضة القطرية عن أوامر صدرت من الديوان الأميري القطري بشن حرب إعلامية تستهدف الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في وقت شدد خبراء في العلاقات الدولية على أن قطر خسرت وبشكل شبه كامل معظم حلفائها في الإدارة الأميركية والكونغرس الأميركي مؤكدين أن الفترة المقبلة ستشهد تدهوراً مضطرداً في علاقتها بواشنطن. ولم يستبعد الخبراء أن تقدم واشنطن على تفكيك قاعدة العديد في ظل الارتماء القطري البائن في حضن النظام الإيراني الذي يعد العدو الاستراتيجي الأول للولايات المتحدة، مشيرين في هذا الصدد إلى استضافة الدوحة قيادات من الحرس الثوري الإيراني المصنف منظمة إرهابية في معظم دول العالم. وبدورها، كشفت المعارضة القطرية، أن الديوان الأميري القطري أصدر أوامره إلى كل المنظومات الإعلامية الرخيصة العميلة للنظام برفع استهداف الداخل الأميركي والإدارة الأميركية وتحديداً الرئيس دونالد ترامب، إلى أقصى حد. وأضافت المعارضة القطرية في سلسلة من التغريدات على صفحته الرسمية بموقع «تويتر»، أن النظام القطري يستمر في تعريض سمعة الشعب القطري وعلاقاته مع شعوب العالم للتشويه، والتسبب بردات فعل سلبية تجاه القطريين الشرفاء عند سفرهم إلى الخارج. وأوضحت: «هذه الأوامر تفيد بضرورة استغلال أي تداولات بالإعلام الأميركي عن الرئيس الأميركي والقضايا الأخيرة الجديدة التي انتشرت عن الانتخابات وتحويلها إلى حملات تضخيمية دورية ضد ترامب ويدعمها شركات العلاقات العامة والتحشيد التي تعاقد معها النظام القطري». وقالت المعارضة على حسابها الرسمي في تويتر «إن المنظومة القطرية الحاكمة كائناً من كانت واجهتها يبدو أنها لم تتعلم من دروس الماضي القريب والبعيد، ومستمرة في تزييف شعاراتها للمواطنين القطريين الشرفاء والأشقاء في الدول الخليجية والعربية والمجتمع الدولي». وأكدت المعارضة أن الأدوار التي ينخرط فيها تميم وحمد ومستشارو الديوان الأميري معروفة الأهداف والدوافع، مشيرة إلى أنه وإذا كانت هناك محاولات من هذا النظام لاستنساخ تطبيقات المنظومة الحاكمة في إيران عبر الإيحاء أن هناك خطوطاً ومسارات خلفية وموازية داخلية تبرز أو تتراجع بحسب المتغيرات الدولية والإقليمية فإن هذا لن يكون مصيره إلا الفشل الذريع. وفي سياق آخر أكدت المعارضة عدم اهتمامها بالخلافات والصراعات بين تميم وعائلته، مشيرة إلى أنهم في تقديرها جميعاً عبارة عن «طغمة مجرمة وفاسدة» وقالت في تغريدة «ولكي يطمئن بن جاسم، نقول له: إننا في ائتلاف المعارضة القطرية لا يعنينا الصراع الداخلي بينه وبين واجهة النظام تميم وعائلته ووالدته ومن لف لفهم. فكل هذه الطغمة الحاكمة هي مجرمة وفاسدة وقمعية». إلى ذلك لم تتوقف الصحف الغربية الأسبوع الماضي عن تداول تقارير بشأن اقتراب أميركا من نقل قاعدتها الأكبر بالشرق الأوسط (العديد) من قطر قريباً، في ظل تحركات أميركية متوالية تشير إلى تخلي واشنطن عن حليفتها المقربة الدوحة. شهدت العلاقات الأميركية القطرية تذبذباً كبيراً خلال الفترة الماضية، وتحديداً منذ أن قررت قطر الارتماء في أحضان إيران وتركيا. ومرت علاقات القطريين بالولايات المتحدة بمراحل من السوء لجأ خلالها تميم بن حمد إلى منظمات وشخصيات يهودية من أعضاء اللوبي الصهيوني داخل أميركا، لتجميل صورته أمام ترامب التي يراها الأخير داعمة للإرهاب، فضلاً عن اكتساب تعاطف الرأي العام اليهودي في الولايات المتحدة والحزب الجمهوري الأميركي. حملة فاشلة وأشار الخبراء أن الحملة التي دفعت خلالها الدوحة أموالاً طائلة كانت نتائجها مخيبة لآمال «تنظيم الحمدين» مستشهدين بدخول العلاقات حالياً إلى نفق مظلم، خاصة بعد إقالة تيلرسون، وأضاف الخبراء أن تحركات مكثفة تجري الآن داخل أروقة الإدارة الأميركية لتقليم أظافر الدوحة ومعاقبتها بشكل قاسٍ على تصرفاتها الأخيرة خاصة تحالفها المعلن مع إيران وتركيا، بالإضافة إلى علاقتها الموثقة مع تنظيمات أياديها ملطخة بالدم الأميركي كجبهة النصرة في سوريا، والتي لا تخفي ولاءها لتنظيم القاعدة. وأكد الخبراء إلى أن قطر في وجهة النظر الأميركية موّلت فروع الإخوان وعزّزت التطرف من خلال قناة الجزيرة والقيادي الإخواني يوسف القرضاوي، وموّلت صديقتها إيران العديد من فروع الإخوان نفسها ودعمتها بالكثير، بدءاً بالتدريب وصولاً إلى اللوجستيات، كما فعلت مع القاعدة، كما خاضت حروباً بالوكالة في البحرين في خضم أحداث الربيع العربي والتي كشفتها تغطية الجزيرة للأحداث وإنكارها النفوذ الإيراني الواضح خلف تلك الانتفاضة المثيرة للريبة. عدم رضا وأكد الباحث المصري في الشؤون الإيرانية والدولية، محمد محسن أبو النور، أن التقارب القطري الإيراني أزعج أميركا بشكل كبير خصوصاً مع استضافة قطر خبراء من الحرس الثوري، واتخاذ الأميركان قاعدة العديد منصة لضرب أهداف إيرانية في أفغانستان وباكستان عكس ما يعلنه الإعلام الإيراني من إنكار أي وجود له في تلك المنطقة، فضلاً عن وجود قوات عسكرية تركية في القاعدة التركية بقطر وهو ما لم يأتِ على هوى الأميركان. وأوضح محسن أبو النور، بحسب ما نقلت عنه «بوابة الأهرام» أنه رغم التنسيق العسكري رفيع المستوى، بين أميركا وقطر، إلا أن واشنطن كانت ترى أن قطر ملعب عسكري خاص بها تنفرد فيه بالقيام بأدوار عسكرية خارجية، إلا أن لجوء قطر إلى حلفاء آخرين مثل إيران وتركيا أمر لم تقبله واعتبرته خصماً من الرصيد الأميركي في قطر. وأضاف الباحث في الشؤون الإيرانية والدولية، أن قطر دولة تجمع بين عدة متناقضات وترقص على جميع الحبال، حيث تقيم علاقات قوية مع إيران وتستضيف أعضاء الحرس الثوري على أراضيها رغم أن وجود قوات عسكرية غير خليجية يقصد قاعدة العديد الأميركية - أمر يغضب إيران ويزعج صناع الاستراتيجيات العسكرية، خصوصاً وأن القوات الأميركية على بعد كيلومترات قليلة من السواحل الإيرانية. كما تستضيف قوات من الحرس الثوري وسرايا المقاومة اللبنانية التابعة لحزب الله اللبناني ما يغضب الأتراك ويجعل علاقة الطرفين على المحك، خصوصاً وأن تركيا تعتبر قطر ولاية عثمانية أو الدول التابعة للطموح التركي العثماني الساعي للسيطرة على جميع الدول السنية في المنطقة. جمع متناقضات واعتبر قيام قطر بجميع تلك المتناقضات، خرقاً لقواعد الأمن القومي الخليجية من وجهة نظر العرب وتركيا حتى دول الخليج، لأن ذلك يجعلها محطة محتملة لنشوب حرب بين جميع تلك القوى ما يؤثر على استقرار المنطقة، مضيفًا أن الأميركان غير راضين عن ذلك، ولن يشفع للقطريين صفقة الأسلحة المستوردة والبالغ قيمتها 12 مليار دولار. ويرى المتابعون أن قطر خرقت التزاماتها الأمنية والدبلوماسية بسياسة الهروب إلى الأمام التي اعتمدتها في أزمتها مع الدول الرافضة للإرهاب، ما قد يدفع الولايات المتحدة إلى اتخاذ خطوة موجعة للدوحة ورفع الحماية عنها عبر تفكيك قاعدة العديد ونقلها مثلما تشير إلى ذلك تقارير مختلفة.
مشاركة :