رضا نايل يكتب : المزيد من القهوة

  • 3/25/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

كنتُ في حيرة دائما منذ لقائنا الأول- رغم أننا لم نلتق أبدا - رغم أن الأمر ليس بمحير، بل بسيط جدا، فهل أطلب القهوة التي أعشقها، أم أن القهوة السادة لا تناسب شاعرية اللقاء؟!وكنتُ مخطئا دائما لأني بالنهاية أطلب القهوة السادة معشوقتي الحاضرة على الدوام، وأجهل إن كنتِ مازلتِ تحبين رائحة فنجال قهوتي، أم أن حبك أضحى جافا متحجرا كبقايا القهوة في قَعْر الفنجال؟!فذلك المشهد البعيد جعلني أخشى كل امرأة تحب رائحة القهوة، وتجري بين شفتيها رشفات من الفنجال، ولا يحسبن أحد أن هذا شئ هش، إنه مؤلم لحد العذاب، وكأن مادة كاوية تُصب في روحك، التي لم يعد بها جراح بل ندبات خافية عن العين، إلا أن آلامها لا تتوقف طالما كنت عاجزا عن النسيان، وهذا يتطلب ذاكرة بِكْرًا، لم تطأها عيناها السوداوان البارزتان اللتان تظللهما رموش كثيفة، وعطرها يسود المكان، ولكنه ليس عطرًا حقيقيًا، فهو ينفذ من الذاكرة، وقوامها النحيف المائل للطول رسم ثلاثي الأبعاد أنظر إليه، وأنا أسير للوراء، متأملًا الفراغ من خلف زجاج مكتبي، ولا أجرؤ على الحركة، وأحاول الحفاظ على اتزاني الذي تهزها بقوة خطواتكِ المترددة في القدوم نحوي- وكما تمنيت أن تأتي بلا تردد، فالتردد يُخيب آمالنا- ووجهكِ ذو البشرة القمحية تكسوه حمرة توشي ببعض الارتباك، فإذا ما دنوتِ حتى يلامس ظلُكِ ظلي أكون فرحا كالأطفال، وتثمر شفتاكِ ابتسامة حلوة طازجة، وقد اشتعلت الحُمرة في قمة خديكِ كجمرة متقدة، وأنت تحملين الفنجال بأنامل رقيقة خائفة على "وش القهوة" من التلاشي والذوبان، بينما أنا من ذاب في تينك العينين اللتين تجفلان للاستمتاع برائحة القهوة، حتى اختلط داخلي الاثنان، فلم أعد أعرف من أحب..القهوة.. أما من تحب رائحتها؟!والسنون الطوال التي تمر ببطء شديد جعلت حيرتي تتفاقم وتزداد حول خيالات اللقاء التي تنمو وتزدهر، رغم أن الأمر ليس بمحير بل بسيط جدا، وهو أن طلب المزيد من القهوة السادة رغم أنها لا تناسب شاعرية اللقاء.

مشاركة :