أكوّن انطباعاتي الأولى دائمًا عن الآخرين من وجوههم، وعندما رأيته لأول مرة، بوجهه ذي البشرة الوردية ووجنتيه الممتلئتين قليلا، وعينيه اللامعتين من خلف نظارته، وقامته الطويلة المائلة للامتلاء، عرفت أنه شخص طيب هادئ وديع كطفل تقابلك ابتسامته عندما تنظر نحوه فتشعر أنك تعرفه، كما لو كان أحد أصدقاء طفولتك التي تعجز ذاكرتك عن تكوين صورة حديثة له، وملامحه تؤكد هذا الإحساس وتُصر عليه، حتى سألته: هل تقابلنا من قبل؟!أجابني بابتسامة مرحة ملؤها المودة : ممكن.. بس فين يا ترى؟!قلت: إننا تقابلنا من قبل فأُذني تعرف هذا الصوت.قال: فمن المؤكد أنك تسمع إذاعة القاهرة الكبرى.وهكذا عرفتني به ملامحه المحببة للعين، ودلني عليه صوته القادم من زمن الأصالة لرداءة أيامنا التي أبى الموت أن يبقى فيها من له مثل أخلاقه السمحة وشخصيته الطيبة، فقد كنت ألجأ إليه طالبًا رأيه لقدرته الدائمة على تكوين آراء موضوعية واتخاذ مواقف متزنة فيما يجري من أحداث، وحتى آخر لقاء جمعنا يوم الأربعاء العاشر من يناير الجاري، وهو قادم نحوي بابتسامة الطفل التي لا تفارقه، مرتديًا حذاء كلاسيكيًا أسود وبنطلونًا باللون البيج، وجاكيت باللون البترولي ذا ياقة بيج، تظهر من أسفلها ياقة قميصه الأبيض، ومعه إما المصري اليوم أو الوطن، قبل أن يجلس سأل علا سمير عن موعد توقيع كتابها في معرض الكتاب، وعندما سمع أحمد يسري صوته جاء مسرعًا ليسأله عما يشرب؟فقد كان تامر محل تقدير واحترام وحب من الجميع، حتى إن كل كلمات الشكر لم تفلح في إثناء أحمد يسري عن سؤاله، فقبل تامر عزومته، ثم كان حواري الأخير معه كأول حوار دار بيننا في جود نيوز بكايرو سنتر، فكونه مندوبا للإذاعة في مجلس الوزراء لم يغير آراءه ومواقفه، فلم يحاول التلون أو التملق كعادة أهل المهنة، لأنه تامر عثمان الذي رحل تاركا الحب والتقدير والاحترام في قلب كل من عرفه يومًا.
مشاركة :