أيُّها الحُبُّ أنْتَ سِرُّ بَلاَئِي وَهُمُومِي، وَرَوْعَتِي، وَعَنَائيوَنُحُولِي، وَأَدْمُعِي، وَعَذَابي وَسُقَامي، وَلَوْعَتِي، وَشَقائيأيها الحب أنت سرُّ وُجودي وحياتي ، وعِزَّتي، وإبائي "4"ويقول ابن القيم: ويكفى أن يكون الأعرابي الذي لا يذكر مع الملوك، ولا مع الشجعان الأبطال، يعشق ويشتهر بالعشق، فيذكر في مجالس الملوك والخلفاء ومن دونهم، وتدون أخباره وتروى أشعاره، ويبقى له العشق ذكرا مخلدا، ولولا العشق لم يذكر له اسم، ولم يرفع له رأس.إنه من جعل عنترة بن شداد ينسج من أصعب الظروف الإنسانية شدةً وهى الحرب حالة من العشق والهيام، تفيض بالرقة والعذوبة بشكل لا يجعلك تصدق أن صائغ هذه الكلمات كان يعيش في العصر الجاهلي:ولقد ذكرتك والرماح نواهلمني وبيض الهند تقطر من دميفوددت تقبيل السيوف لأنهالمعت كبارق ثغرك المتبسموالآن سقط الحب تحت عجلات السيارات، وأصبحنا نخافه لأنه يملكنا ويأسرنا بينما نحن لا نملكه، رغم أنه يكبل ذلك الحيوان الذي يعيش داخلنا لنصبح أكثر إنسانية، لقد ضاع مثل كل القيم النبيلة، فالناس صارت كما يقول أمل دنقل :الناس هنا- في المدن الكبرى- ساعاتلا تتخلفلا تتوقفلا تتصرفآلات ، آلات، آلات"5"فرحلة تقدم البشرية التي جعلت العالم قرية صغيرة ليست كلها خيرًا، فهي لم تترك شيئًا... حتى المشاعر والأحاسيس عبثت بها، ففي نهاية القرن قبل الماضي قال أمير الشعراء أحمد شوقي:نظرة،فابتسامة، فسلامفكلام، فموعد، فلقاءإنه الإيقاع الزمني الطبيعي لنشأة أي علاقة إنسانية تمر بأطوارها الطبيعية لتصل إلى القمة حيث تكون قادرة على الصمود أمام صعاب الحياة والتغلب عليها، ففي هذا الزمان كان كل شئ طبيعيًا، فاستخدام حرف العطف " الفاء" كان رائعًا في الترتيب والتعقب الزمنيين.ومع بداية النصف الثاني من القرن الفائت كتب صلاح عبدالصبور معارضًا زمن أمير الشعراء، ومخلصًا لقصة حب:الحب يا رفيقتى قد كانفي أول الزمانيخضع للترتيب والحسباننظرة،فابتسامة، فسلامفكلام، فموعد، فلقاءواليوم يا عجائب الزمانقد يلتقي فى الحب عاشقانمن قبل أن يبتسما "6"فالحب يبدأ وينتهي في نفس اللحظة دون ترتيب أو حسبان، علاقات خاطفة تومض كالبرق.... تنمو بلا جذور تضرب في الأرض الخصبة -القلب- بل تنمو فقط على السطح.* هوامش1 - د. مصطفى محمود2 - من فيلم " مجتمع الشعراء الموتى"3 - مالك بن نبي4- أيها الحب - أبو القاسم الشابى.5 - مقتل القمر- أمل دنقل. 6- أحلام الفارس القديم- صلاح عبدالصبور.
مشاركة :