استضاف الهلال الأحمر القطري مجموعة من الطلاب الأعضاء في "برنامج دروب"، وهو مبادرة تربوية أطلقتها جمعية بيوت الشباب القطرية مؤخرا وتعقد بصفة نصف شهرية بهدف توعية طلاب المرحلة الإعدادية بالمدارس للتعريف بالمجالات المهنية والعلمية وتنظيم العديد من الأنشطة التربوية مثل ورش العمل والمسابقات الثقافية والمعسكرات الشبابية.وقام سعادة السفير علي بن حسن الحمادي الأمين العام للهلال الأحمر القطري بإلقاء محاضرة للطلاب الصغار حول مجال العمل الدبلوماسي من واقع خبراته الطويلة كدبلوماسي وسفير لدولة قطر لدى عدد من البلدان والمنظمات الأممية، وذلك بحضور د. عبد الرحمن الحرمي المشرف على "برنامج دروب" ببيوت الشباب القطرية.وقدم الحمادي للنشء مجموعة من النصائح والدروس المستفادة في مجالي العمل الدبلوماسي والإنساني، كما قام بإهدائهم نسخا من كتابه الذي يحمل عنوان "في محافل الدبلوماسية فكرا وتجربة"، والذي يستعرض خلاصة تجربته كدبلوماسي طوال 40 عاما، حيث يكشف الكثير من تفاصيل هذا العالم الذي يبدو ظاهره أمام العامة في صورة المجال السهل الممتع، لكنه في الحقيقة مسرح للكثير من الأحداث اليومية والمسؤوليات الجسام واللحظات العصيبة، مما يتطلب التعامل معه بكل حنكة وبصيرة وضبط للنفس.وشجع الحمادي الصغار على الاستفادة من سنوات النشأة الهادئة المستقرة وسط الأسرة في التأمل والاستزادة من العلم والمعرفة، ونبههم إلى أهمية الانتماء وحب الوطن في دفع الإنسان نحو التفوق في دراسته وحياته العملية فيما بعد، وضرورة الحرص على اختيار التخصص الدراسي الجامعي بما يتوافق مع اهتمامات الشخص وميوله وقدراته، ومطالعة كتب التاريخ التي تفتح عين العقل على حضارة البشرية وتراث الأمة العربية والإسلامية العريق.وأوضح أن من أهم متطلبات العمل الدبلوماسي التعامل الرصين، والمحافظة على الآداب العامة، والاحترام المتبادل، والإصغاء للآخر، والتريث والثبات الانفعالي، بالإضافة إلى أهمية التعاون مع الزملاء في العمل بكل المودة والتفاهم وروح الفريق الواحد، ومحاولة الاستفادة من خبرات الرؤساء والزملاء الأقدم والأكثر خبرة في مجال العمل.وقال سعادته: "الدبلوماسية هي علم وفن إدارة العلاقات بين الدول، ومن يعمل بها يفوز بشرف تمثيل وطنه، وهي مهمة عظيمة وحساسة تتطلب من الفرد أن تكون كل تصرفاته وأقواله ومواقفه على قدر المسؤولية. وقد نشأت الدبلوماسية الإسلامية منذ البعثة النبوية، وفيها نجد جذور ومبادئ القانون الدولي الحديث، حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يرسل السفراء والوفود لنقل رسالة الإسلام إلى القبائل والشعوب الأخرى، كما كان يستعين بأسس ومهارات التفاوض في مجادلة المناوئين له بالحكمة والموعظة الحسنة. ومع اتساع رقعة الدولة الإسلامية، ترسخت مفاهيم العلاقات الدولية، وتسوية النزاعات وتبادل الأسرى، وإبرام اتفاقيات السلام والتعاون التجاري، والحفاظ على حرمة النفس وإعطاء عهد الأمان للبعثات الدبلوماسية الأجنبية".وأكد الحمادي أن العمل الدبلوماسي يرتبط ارتباطا وثيقا بالعمل الإنساني، حيث يساهم في نزع فتيل الأزمات التي تشتعل بين الدول أو الفصائل المختلفة، مما يساهم في إنقاذ آلاف الأرواح من المدنيين ضحايا تلك النزاعات، ومن أمثلة ذلك نجاح دولة قطر في الوساطة لإنهاء أزمة دارفور حينما كنت سفيرا للدولة في جمهورية السودان. وهناك دور هام آخر للعمل الدبلوماسي القطري يتمثل في الإشراف على تنفيذ المشاريع والتدخلات الإنسانية التي تطلقها الجمعيات الخيرية والمؤسسات الإنسانية القطرية في البلدان المنكوبة والمحتاجة، من خلال التنسيق مع السلطات المحلية واتخاذ كافة الإجراءات التي تضمن نجاح المشروع الإغاثي وضمان سلامة الفريق القائم على التنفيذ.وختم بقوله: "علينا دائما أن نضع نصب أعيننا القيم الإسلامية السمحة، والعادات العربية الرفيعة، مع الجمع بين الأصالة والمعاصرة، والاتصاف بالمرونة وتفتح العقل"، مشجعا الطلاب على الالتحاق بمجال العمل الدبلوماسي بعد تخرجهم، نظرا لما يتوافر فيه من فرص النجاح والارتقاء والوصول إلى دوائر التأثير عالميا، والمحافظة على الوجه المشرف لدولة قطر سواء من خلال السفارات الخارجية أو من خلال هيئات ولجان الأمم المتحدة.وفي تصريح له عقب ختام المحاضرة، قال د. الحرمي: "الهدف الأساسي من هذا البرنامج الجديد هو تعريف الطلاب الصغار بالمسارات الوظيفية المختلفة، ووقع اختيارنا خلال الأسبوع الأول للبرنامج على الجانب الدبلوماسي. وقد سعدنا بترحيب سعادة السفير علي بن حسن الحمادي بالمشاركة في هذه المحاضرة، كي نوضح لأبنائنا كل ما يسمعونه عن الوظائف بشكل نظري من خلال خبرة 40 عاما في العمل الدبلوماسي، بحيث يحدث التواصل مع هذا الجيل المبتدئ ويربطهم بدينهم وقيمهم المستمدة من النبي محمد صلى الله عليه وسلم والقيم الإسلامية الراقية، فالثقافة القطرية الأصيلة مرتبطة بالكتاب والسنة. وأنا أشكر الهلال الأحمر القطري على كرم الضيافة وحرص سعادة السفير على التواجد معنا اليوم، ونتمنى أن يستمر التعاون بين الهلال الأحمر القطري وبيوت الشباب القطرية في مثل هذه المحاضرات المفيدة بإذن الله".;
مشاركة :