المفاجأة معنى مشتق من الفعل «فجأ»، وجاء في لسان العرب: فاجأه يفاجئه مفاجأة وفجاء: هجم عليه من غير أن يشعر به، وقيل: إذا جاءه بغتة من غير تقدم سبب.وقد بحثت لعل للكلمة معنى آخر أجهله ولكني لم أجد. وعدم عثوري على ذلك المعنى لا يعني بالضرورة أنه غير موجود.وأما سبب انشغالي بالبحث في معاني هذه الكلمة ودلالتها فهو أني قد «تفاجأت» كثيرا من الذين تفاجأوا من مستوى المنتخب السعودي في مبارياته الاستعدادية لكأس العالم.السعوديون يتأملون خيرا ويحلمون بأن تحدث المعجزة ويقدم فريقهم أداء استثنائيا «يفاجئ» السعوديين أنفسهم، لا نريد أن نفاجئ العالم ولا نحلم بإدهاشهم، نريد أن نندهش نحن وأن نتفاجأ بمستوى منتخبنا، والمفاجأة المنطقية ـ حسب ما فهمت من معنى الكلمة بعد البحث ـ هي أن يقدم منتخبنا مستوى جميلا. أما الخسائر والمستوى الضعيف فهي أمور إن حدثت فلا علاقة لها بكلمة «مفاجأة» من قريب ولا بعيد.المنتخب يختلف عن «النادي» لأنه لا يمكن شراء عقود أفضل اللاعبين المحليين وغير المحليين وتغيير جلد الفريق في أيام معدودات، المنتخب القوي في أي مكان في العالم هو نتيجة عمل تراكمي يمتد لسنوات، تتقبل فيها الخسارة والمستويات السيئة، كل المنتخبات القوية كان لديها رؤية واضحة وهدف محدد بعيد المدى. وفكرة أن يهدم كل قادم ما بناه سابقه تعني ببساطة أن البناء لن يكتمل.نحن المتابعين والمشجعين البعيدين عن القرار قد نستاء من مستوى لاعب وقد نشتمه وقد يستفزنا ونستفزه، لكن الحقيقة أن اللاعب لم يختطف المنتخب ويجبر مدربه تحت التهديد على أن يلعب أساسيا رغما عنه.وقد يبدو توبيخ رئيس هيئة الرياضة لبعض اللاعبين منطقيا ـ على مضض ـ لو أن هؤلاء اللاعبين كانوا يقدمون مستويات متميزة مع أنديتهم ولم يفعلوا ذلك مع منتخب بلادهم، لكن حين يختار للمنتخب لاعب لا يلعب أساسيا في ناديه، أو لاعب لم يفعل أي شيء طوال الموسم الرياضي ثم نقول له لماذا أنت سيئ ونقرعه أمام الملأ فإنه يبدو سؤالا في غير مكانه ولا زمانه.لدينا منتخب مر عليه ثلاثة مدربين ـ ربما أكثر ـ في فترة وجيزة، بعضهم لم تتح له فرصة حفظ أسماء اللاعبين، وعدد لا بأس به من الإداريين وعن ركائز أساسية في الفريق لم يلمسوا كرة القدم منذ أشهر لأن رئيس هيئة الرياضة قرر «فجأة» أن يصبحوا محترفين في أوروبا قبل كأس العالم ببضعة أشهر، فكانوا محترفين في مدرجات «اللاليغا». وبقية اللاعبين مستوياتهم سيئة مع أنديتهم ـ إن وجدوا فرصة للعب ـ قبل ذهابهم للمنتخب.وحين تفاجئك خسارة هذا المنتخب أمام فريق يعد من أبرز المرشحين للمنافسة على كأس العالم ولديه نجوم بعضهم من صفوة الصفوة للاعبي كرة القدم في كوكب الأرض، فإن مفاجأتك مفاجأة في حد ذاتها!وعلى أي حال..الخطة المقبولة حاليا لإعداد المنتخب والتي يسمح بها الوقت المتبقي قبل مباراة الافتتاح التي سيشاهدها أغلب سكان هذا الكوكب، هي الإكثار من الدعاء والأمل والرجاء بأن تتعرض المنتخبات التي ستلاعبنا إلى نكسة، وأن ينزل الله الرعب في قلوبهم، وهو يبدو دعاء أكثر منطقية من أن يصبح لدينا منتخب قوي يعتمد على أندية ضعيفة في أقل من ثمانين يوما!@agrni
مشاركة :