قال الإمام الشافعي رحمه الله : ورزقك ليس ينقصه التأني وليس يزيد في الرزق العناء إذا ما كنت ذا قلب قنوع فأنت ومالك الدنيا سواء وجاء في الحديث الشريف (أنه من كان آمنا في سربه ويملك قوت يومه فقد حيزت له الدنيا وما فيها) وقد أعجبتني تهنئة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد حفظه الله المواطنين والمقيمين بعيد الأضحى المبارك فقد طلب منهم أن ينعموا بالمحبة والأمان وهما سر الفرح والسعادة وليس جمع الأموال واللهث وراء المناصب والمظاهر الزائفة مثل الفلل الفخمة والسيارات الفارهة والمطاعم الفاخرة والماركات المشهورة فكلها قشور ﻻتعبر عن المعنى الحقيقي للحياة. الموسيقار والمطرب الراحل فريد الأطرش له أغنية شهيرة اسمها (الحياة حلوة بس نفهمها والحياة غنوة .. محلا أنغامها) وفهم الحياة ﻻيحتاج إلى دراسة وبحث وفلسفة بل يمكن اختزالها بالكلمة السحرية وهي القناعة والمثل يقول (القناعة كنز ﻻيفنى) وهنا ﻻنقصد القناعة بالعلم والمعرفة ولكن القناعة بما لديك من رزق قسمه الله لك لأنه لو تجري جري الوحوش غير رزقك ما تحوش فلا نشغل بالنا بالرزق لأن الرازق هو الله . الإعلامي المبدع محمد السنعوسي قال في لقاء تلفزيوني قبل أيام عن سر شبابه الدائم أن السبب هو إقباله على الحياة وابتسامته الدائمة وأحلى لحظاته يقضيها مع أحفاده فهو يعتبر حب الناس له هو رصيده الحقيقي وليس رصيده في البنك . هناك مثل من النماذج من البشر التي فهمت الحياة فمثلا رجل الأعمال مصطفى كرم رحمه الله الذي وافته المنية قبل أيام كان يجد سعادته في الجلوس في المزرعة ورؤية الزهور وسماع أغاني الموسيقار فريد الأطرش فقد كان يعشق أغانيه وتقول ابنته شيماء في مقال رثته فيه أنه كان يقول لأبنائه إن كان أمامكم طعام وفوقكم سقف فليس هناك أي سبب يدعوكم إلى التبرم من الحياة فالحياة السعيدة في بساطتها وليس في زخرفها ومظاهرها الزائفه والخداعة فهو لم يجد السعادة في الحصول على عقد أو مناقصة أو رصيد ضخم بالبنك . المثال الأخير الذي أريد أن أذكره هو الراحل والدي رحمه الله وطيب ثراه فكان يجد سعادته في الوقوف في الصف الأول في المسجد والحرص على أداء الصلاة في وقتها في المسجد رغم كبر سنه ويجد متعته في رمضان عندما يفطر معه على المائدة الفقراء والمحتاجين وسافر إلى دول بعيدة كالهند والفلبين وأندونيسيا لبناء مشاريع خيرية . نحن اليوم نعيش في بلد تتوفر فيه كل سبل الحياة الكريمة وفي مقدمتها الأمن والأمان ورغم ذلك هناك شكوى دائمة وتحلطم وشعور بالهم والغم لأننا لم نفهم الحياة فكل واحد فينا يريد أن يكون تاجرا أو مديرا وﻻ يرضى ويقنع بوضعه المعيشي فهو مثل نار جهنم التي تقول دائما هل من مزيد؟. هناك صراع شرس وتصفية حسابات في كل المجاﻻت ولعل مجال الرياضة هو أبرزها ولو كان لدينا قليل من المحبة والقناعة لما كان لدينا مشاكل أكثر من مشاكل جمهورية الصين. طبعا هذا الكلام ينطبق على الدول العربية المحيطة بنا فلو اقتنع الناس بحياتهم البسيطة التي توفر لهم الحد الأدنى من العيش الكريم لما كانت هناك ثورات الربيع العربي التي تحولت إلى جحيم عربي وقد شاهدت بالتلفزيون لقاء من امرأة من سوريا في الحرم المكي حيث تؤدي مناسك الحج وقد سألها المذيع عن أمنيتها فقالت إنها تريد أن ترى بلدها سوريا قبل أن تودع الحياة فهي ﻻتريد مسكن أو مأكل فقط تريد أرضا تعيش عليها في أمان . ختاما نقول كما قال صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد حفظه الله للمواطنين والمقيمين بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك أنعموا بالمحبة والأمن والأمان وابتعدوا عن التحلطم والشكوى من هموم ﻻ وجود لها إﻻ في مخيلتكم والعاقل من اتعظ بغيره فحولنا تدور حروب طاحنه تحرق الأخضر واليابس بسبب مطامع ومصالح دنيوية زائلة نسأل الله أن يتوقف نزيف الدم ويعم السلام الأمة العربية والإسلامية والعالم أجمع وعيدكم مبارك وعساكم من عواده وكل عام وأنتم بخير. أحمد بودستور
مشاركة :