الحياة حلوة بس نفهمها، هي مثل نافذة مفتوحة، وخيط مطر، ووردة، رابية وأرض خصبة، قمحًا وظلا وغيمًا، شمس هادئة، وحديقة غناء مزدانة بعشب وماء، فراشة ربيع، وعصفور، وحقل، ولون حناء، ورائحة عطر، ورتل غيم، وسطوع سناء. الحياة حلوة، مثل طير أبيض، ولون سنبلة، وضحكة طفل، وموسم مطر، وغدير ماء، الحياة لكنها قصيرة، مثل قطار سريع، ومثل برهة، ومثل نزهة عابرة، فكيف يحياها بعضنا بمرارة، ويأس، وعتمة، وغضب، وبغض، وتمزق، وتوجس، وخريف علاقات، وشتاء مشاعر، وزمهرير أحاسيس، لماذا والحياة قصيرة، لا يطوي هذا البعض عنهم رداء الكآبة، وأقنعة الزيف، والنوايا المتربصة، وخناجر الحقد، وسيوف الحسد، ويهرعون نحو غيم الحياة، ديمها، تينها والمطر، ويركضون في حقول الفرح، نحو زرقة البحر، ودالية التفاح، وعرائش العنب، وممرات البهاء. إن على هؤلاء البعض ألا يصابوا بالخيبة، والانكسار، وألا يرفضوا مداعبة الفرح، ولا يتمددوا بالضجر، وأن يهدموا من أرواحهم قلاع العتمة، وارتجافات الظن، وبوصلات الشك، وجلباب السواد، وصيحات الظنون، وصوت الطبول العنيف، وممارسة سحق الزهور، والاحتماء بالسراب، والمشي على النار والماء، ومسرحيات الظلال. إن على هؤلاء أن يعيدوا النظر في اكتشاف الحياة من جديد، بعيون صافية واسعة ونقية، عندها سينامون مطمئنين، بقلوب طرية، يسورها الحب، ويكسوها الطهر، ويعتليها النقاء، وسيدركون بعدها وبوضوح تام بأنهم أحياء، وأن لا مجال للعتمة والسواد التي كانت تغلف أرواحهم، وسيحبون نور الشمس، وضوء القمر، وسيغتسلون بماء الحياة الذي يشبه الذهب، ولن يجعلوا شمعة الحياة تخفت، وسيتوج البياض عوالمهم التي كانت من تراب وسخم ورماد.
مشاركة :