الدعم السعودي للقضية الفلسطينية منذ عهد القائد المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود- يرحمه الله- لا يحتاج إلى إثبات بعد أن توثقت مظاهر هذا الدعم من خلال الأرقام والإحصاءات ووثائق التاريخ كتبًا وأبحاثًا ومذكرات، وبعد أن شهدت عليها مواقف المملكة قيادة وشعبًا عبر مراحل وأطوار تلك القضية. والمتتبع لمسيرة الدعم السعودي لفلسطين قضية وشعبًا وقدسًا سيدرك منذ الوهلة الأولى أن هذا الدعم لم يقتصر على بذل المال والدم والانتصار لفلسطين سياسيًا ودبلوماسيًا من خلال المنابر والمنظمات الإقليمية والدولية، وإنما تعدّى ذلك ليشمل أيضًا تقديم النصح الأمين من أجل نصرة تلك القضية التي ظلت المملكة تعتبرها قضيتها المركزية. ولعل الجميع يذكر النصيحة التي وجهها جلالة الملك عبدالعزيز- طيب الله ثراه- للعرب وللفلسطينيين عندما رفض دخول الجيوش العربية النظامية إلى فلسطين وطالب بدعم الشعب الفلسطيني بالمال والسلاح وكافة أنواع الدعم لمواجهة العصابات اليهودية، وما أثبتت الأيام بعد ذلك صحته عندما صورت وسائل الإعلام الصهيونية حرب 48 بأن إسرائيل انتصرت على سبعة جيوش عربية، مع العلم أن ميزان القوى كان في صالح الفلسطينيين قبل تدخل الجيوش العربية، حيث أدى هذا التدخل إلى أن تنهال المساعدات العسكرية والمتطوعين اليهود من كافة دول العالم لدعم العصابات الصهيونية. نصيحة أخرى صدرت عن المملكة في وقت لاحق لا تقلّ أهمية عن سابقتها، نظرًا لتأثيرها الكبير على أمن واستقرار ونمو المنطقة والعالم كله، وهي تلك التي ظلّت تؤكد عليها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بقوله- حفظه الله -: إنّ حلّ القضية الفلسطينية - حلاً عادلاً وشاملاً ودائمًا وهو ذلك الحلّ الذي يتحقق من خلال تطبيق بنود المبادرة العربية للسلام- من شأنه حلّ كافة قضايا ومشكلات المنطقة بما في ذلك الإرهاب الذي تجاوزت مخاطره حدود المنطقة وأصبح يشكل تهديدًا مباشرًا لأمن وسلام العالم كله دون استثناء، وهو ما أكده مجددًا سمو ولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز خلال قمة العشرين بأستراليا أمس الأول بربطه بين حلّ القضايا السياسية العالقة - وفي مقدمتها القضية الفلسطينية- والنمو الاقتصادي من جهة، والسلم العالمي من جهة أخرى، وهو ما تمثل بدعوته قادة القمة إلى تحمّل مسؤولياتهم في حلّ القضية الفلسطينية حلاً عادلاً وشاملاً بما لديهم من تأثير ونفوذ، وقوله: إن استمرار النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي والتراخي إزاء حلّ القضية الفلسطينية يؤثر سلبًا على استقرار الأوضاع في المنطقة وفي العالم. رسالة المملكة للعالم التي وجهها سمو ولي العهد من بريزبين بأستراليا تتضمن العديد من المعاني إلى جانب النصيحة التي تضمنتها، والتي يمكن تلخيص مضمونها بأن الحملة الدولية لمواجهة تنظيم داعش الإرهابي تحتاج من أجل تحقيق النجاح بشكل حاسم وسريع إلى حلّ القضايا العالقة في المنطقة، وفي مقدمتهما القضيتان الفلسطينية والسورية، مع الأخذ في الاعتبار التأكيد على أن هذا الهدف يظل صعبًا ما لم تتضمن المواجهة كافة أنواع الإرهاب بما في ذلك إرهاب الدولة الذي تمثله دولة إسرائيل ونظام بشار الأسد.
مشاركة :