فيصل عبد الله النعيمي، مدير إدارة الآثار في "متاحف قطر" (حكومية)، رافق مراسل الأناضول في جولة بمدينة "الزبارة" التاريخية، وقلعتها ليحكي قصتها وتفاصيلها.وقال النعيمي: "يكتسب العمل في الزبارة أهمية خاصة، لأنه يعطينا فكرة صادقة عن الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع الخليجي في ذلك العصر والعلاقات التي كانت تربطه بالخارج".وأضاف أن "تلك التنقيبات علمية منظمة تتم للبحث عن المعلومة، وليس عن الكنوز كما يتبادر إلى ذهن الكثيرين حول الآثار".وأشار النعيمي إلى أن "المدينة كانت عبارة عن مساحة واسعة تحيطها الأسوار من جهاتها الثلاث، حيث يتكفل البحر بحماية الجهة الرابعة، وهي الجهة الغربية".وتابع: "الزبارة كانت مدينة حية مساحتها حوالي 60 هكتار (0.6 كم) داخل الأسوار التي تحيط بالمدينة من جهاتها الثلاث، (الجهة الرابعة مفتوحة على البحر)، يتخللها 22 برجًا أقيمت على مسافات غير متساوية تتراوح ما بين 90 و115 مترًا."ولفت إلى أن "المدينة تشمل شوارع وبقايا منازل ومساجد وأسواق ومدابس (مكابس) للتمر ومبان مختلفة ربما يتم الكشف عن بعضها في المستقبل القريب".وزاد: "يشمل الموقع الأثري أطلال مدينة الزبارة الساحلية، التي كانت من أهم مراكز الغوص للبحث عن اللؤلؤ، ومن أهم المراكز التجارية في منطقة الخليج مع طرق تجارية ممتدة حتى المحيط الهندي".وأردف: "المدينة كانت قبلة للعلماء والشعراء والأدباء، ففتحت بها دور العلم والدراسة وأقيمت فيها القصور والمساجد".وحول التسمية، أوضح النعيمي أن "هناك من فسر الاسم تفسيرًا عرقيًا مرتبطا بقبيلة الزبير، التي نزحت إلى الزبارة خاصة بعد الدمار الذي أصاب البصرة (جنوب العراق)، فأصبحت هي قبلة للنازحين آنذاك."وانتهى دور المدينة التجاري عام 1811 بعد تعرّضها للحرق، ولم تتم إعادة إعمارها بشكل كامل، فهجرها أهلها منتصف القرن العشرين، ولم تستعد حياتها على الإطلاق.وعن المدينة تقول "اليونسكو": "الزبارة تضم شواهد فريدة على التفاعل القوي بين الإنسان والطبيعة، التي تلتقي فيها مياه البحر مع رمال الصحراء التي تغلب على طبيعة المنطقة".فتجد الأثقال التي استعملها قديمًا صيادو اللؤلؤ، والمشغولات الخزفية المستوردة، ونقوش قوارب السنبوك (قوارب تقليدية) الشراعية، وشراك الأسماك والآبار والنشاط الزراعي.وهو ما يدل على اشتغال أهل المدينة منذ القدم بالتجارة والتبادل التجاري، ومدى ارتباطهم الوثيق بالبحر والظهير الصحراوي الذي يعتزون به.ولفت النعيمي إلى أن المدينة "تحظى بعناية خاصة من المسؤولين في دولة قطر ممثلين في متاحف قطر، وكنتيجة وثمرة لهذا الاهتمام انضمت إلى (قائمة) التراث العالمي باليونسكو عام 2013."وأجريت بها تنقيبات علمية على يد مختصين من جامعة "كوبنهاجن" (أقدم جامعات الدنمارك)، وتكمل "متاحف قطر" بفريقها المحلي المسيرة الآن، حيث تعمل ضمن خطة موضوعة تهدف إلى الكشف عن المزيد وصيانة وتطوير الموقع والاستفادة به في خدمة المجتمع.** قلعة الزبارةعلى مشارف المدينة تجد "قلعة الزبارة"، التي شيدت حديثًا عام 1938 في عهد حاكم قطر، الشيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني (1880-1957) ثالث حكام قطر.القلعة شيدها بناؤون قطريون، وروعي في تصميمها الغرض الذي أنشئت من أجله، "المراقبة"؛ خاصة مراقبة الساحل الغربي لقطر والدفاع عنه، لذا اتخذت مقرًا لحرس الحدود.وتم ترميم القلعة في شهر يونيو/حزيران عام 1986، وتحويلها إلى متحف إقليمي خاص بمنطقة "الزبارة" وآثارها.وتضم القلعة في داخلها حاليًا مركزًا للزوار، تُروى فيه قصة المدينة وتاريخها بأسلوب عصري حديث، ويوفر معلومات حول المدينة ومحيطها.ومن أهم الآثار المكتشفة في "الزبارة" رسم على جدار لصالة مستطيلة الشكل، محفورة عليه نقوش لسفينة يعود تاريخها إلى 250 عامًا، وتكمن أهمية هذه النقوش في أنها نوع من أنواع الفن الشعبي، وكذلك تُظهر النشاطات البحرية للسكان القدامى في تلك الفترة.كما اكتشفت أيضًا بعض قطع الفخار، التي وجدت داخل أحد البيوت السكنية، وعدد من القطع النقدية على أرضية بيت قديم.وبين النعيمي أن في محيط موقع "الزبارة" في موقع ضبيعان "قطعًا حجرية (حجر بركاني) تعود لآلاف السنين يرجع مصدرها إلى منطقة الأناضول، وأيضًا عملات ترجع إلى عهد السلطان سليم الثاني العثماني".وتحدث عن زيادة الاهتمام بالمدينة التاريخية من قبل الزائرين المحليين والدوليين، حيث يزور القلعة سنويًا ما يزيد عن 50 ألف زائر.ويستضيف "مركز الزوار" أنشطة للكبار والأطفال مع نصب الخيام خارج القلعة، حيث يمكن للزائر تجربة الأكلات والمشروبات والمشغولات اليدوية التقليدية؛ فضلًا عن ركوب الجمال، والورش التعليمية، والتوعية. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :