مازالت ذاكرتنا عن الجيل المخضرم «الشياب» تحتفظ بصور ومشاهد طريفة من أيام زمان للفرق الكروية التي كنا ننشأها في الفريج كل مجموعة لها فريق سرعان ما ينشق عن مجموعته ليؤسس فريقه الخاص وهكذا تتوالد الفرق في الفرجان بكثرة ملحوظة. وتعال للاسماء التي تسمى بها الفرق وقد كتبنا عن ذلك يوما، لكن لتلك الفرق أو الفريق الواحد ألف حكاية وحكاية طريفة، نستذكر بعضها اليوم ونعرضها كنوع من «الغشمرة» من زمن جميل وبسيط. لان الفريق لا يملك إلا كرة واحدة، ولان الكرة اساس الفريق وبدونها لا وجود له ولا لزوم فقد كان لابد من شخص يؤتمن عليها ولابد وان يكون من أهل الثقة لا أهل الخبرة في الكرة، المهم ان يعتني بها ويحافظ عليها ويحملها بعد كل تمرين أو مباراة إلى بيتهم محتضنا الكنز الثمين ليضعه في مكان أمين. ويحدث ان يتأخر عن الحضور في الموعد المحدد «الصبي» الذي يحتفظ بالكرة فتتعطل المباراة ويهب الصبية بحثا عنه في كل بيت وفي كل زقاق وداعوس حتى يتم العثور عليه فيزف والكرة بين ذراعيه ليعلو الوجوه ابتسامات الفرح ويدب النشاط في الصبية والفتيان. وعندما تطورت الفرق كان لابد من شخص مؤتمن ومن «أهل الثقة كما اشرنا يحتفظ بـ«الشرتات»في بيتهم، والشرتات هي الكلمة الشعبية الرياضية الكروية لقميص الفريق الذي غالبا ما يكون أبيضا مصبوغا «البويه»الملونة حمراء أو خضراء أو صفراء أو حتى سوداء حسب اتفاق الاطفال الذين يدفعون رسم اشتراك لا يتعدى 25 فلسا. وتظل قمصان او«شرتات»الفريق عند ذلك الشخص الذي يخرج من بيتهم كل ظهيرة حاملا هذه المرة كنزا أكبر من حجم الكرة ليوزع الشرتات على اللاعبين ثم يعود ليجمعها بعد نهاية كل مباراة، وإذا حدث وان غاب صاحبنا فمن المحتمل ان نلعب بدون قمصان أو حتى تتأجل المباراة ليوم آخر، وهي المباراة التي غالبا ما تكون على علبة بسكويت أو«بستوك» كما نسميه يحصل عليها الفريق الغالب أو الفائز، لكن يحدث مرارا وتكرارا ان يقوم الفريق المهزوم بسرقة «البستوك» والاختفاء بها في الدواعيس والزرانيق ليضرب الفائز أخماسا في اسداس وتلك أيام مضت نستذكرها فنبتسم لزمن جميل في بساطته ونبتسم لايام من الطفولة عذبة رغم كل صعوبتها ومحدودية امكانياتها حد الندرة. وعندما خرجنا من طور الطفولة كان لنا فريق سميناه فريق الشباب، وكالعادة نستأجر باصا وقد أصبحنا شبابا لمباريات في المنامة أو في القرى، وهناك رسم على كل لاعب دفعه أجرة الباص، ومازلت شخصيا احتفظ بملف معظمه رسائل من «الربع» يعتذرون ويطلبون اعفاءهم من دفع اجرة الباص «نظرا للحالة المادية» حتى قررنا الذهاب مشيا أو على السياكل ان توفرت حتى لا نقع في احراج. وصديقنا العزيز عبدالوهاب بن عيسى الزياني كان مسؤولا مباشرا ووحيدا عن الصيدلة المتواضعة والمتنقلة معنا في كل مباراة، وهي صيدلية بسيطة «شوية آيدين وقطن ومطهر فقط» وكانت علينا غالية وكان العزيز عبدالوهاب يطلب من «الربع» تقنين وترشيد استهلاك «الآيدين» كما كنا نسميه حتى لا«يخلص»!. وكان الباص للمرحوم حسن الدوي بوعيسى أو لابن أخيه المرحوم محمد يوسف الدوي رحمة الله عليه بوصفها باصات في الفريج والأقربون أولى بالمنفعة. وكان الزمن متواضعا وكنا نحن كذلك، وكانت الطرائف لتلك الفرق كثيرة نستعيدها أحيانا مع بعض اصدقاء تلك الفترة التي شكلتنا كنا نحن الآن.
مشاركة :