أعلنت الصين أمس أنها ستفتح أسواقها المالية بشكل أكبر أمام المستثمرين الأجانب، في محاولة أخرى على ما يبدو لتهدئة التوترات الاقتصادية مع الولايات المتحدة. وتزامن ذلك مع تحذير مديـــرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد من الحمائية التي تهدد بـ «تقويض» النظام التجاري العالمي. وأعلنت هيئة تنظيم الأوراق المالية الصينية ان المستثمرين الأجانب سيتمكنون من شراء أسهم صينية أكثر، من خلال برامج موجودة تربط بورصة هونغ كونغ بالبورصات الصينية، وأنها ستبذل الجهود الضرورية لإنشاء رابط مشابه بين بورصتي شانغهاي ولندن هذه السنة. وأعلن محافظ البنك المركزي الصيني يي غانغ خلال المؤتمر السنوي لمنتدى بوآو الأسيوي في جزيرة هينان في جنوب الصين، ان بكين تسرّع تنفيذ خطط سبق الإعلان عنها لإزالة السقف المحدد لحصة حاملي الأسهم الأجانب في المؤسسات المالية الصينية. وسيسمح للمؤسسات الأجنبية بامتلاك حتى 51 في المئة من الشركات المشتركة العاملة في السندات وصناديق التمويل والأوراق المالية، بدلاً من نسبة 49 في المئة حالياً. وكانت الحكومة الصينية تعهدت في السابق بإزالة كل القيود في غضون ثلاث سنوات. كما ستتم إزالة القيود على ملكية الأجانب في المصارف الصينية وشركات ادارة الأصول المالية، وفقاً لما أعلن في منتدى بوآو. وكشف يي عن الإصلاحات المتعلقة بحصص الأجانب للمرة الأولى في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي خلال زيارة الرئيس دونالد ترامب، لكن الإعلان الأخير بدا وكأنه يضع جدولاً زمنياً ثابتاً للتنفيذ. ونقل عن يي قوله ان التنفيذ سوف يبدأ «في الأشهر المقبلة». وتأتي هذه الوعود الأخيرة بعد يوم على تعهد الرئيس شي جينبينغ في المنــتدى ذاته بخفض الرسوم الصينية على الســـيارات هذه السنة، وفتح ثاني أكبر اقتصاد في العالم بشكل «أوسع وأوسع». وكان لكلمة شي التي تطرق فيها الى شكاوى رئيسة للولايات المتحدة، صدى إيجابياً في الأسواق المالية العالمية التي اهتزت جراء التجاذب التجاري الصيني - الأميركي وتبادل التهديدات بفرض رسوم على واردات البلدين. وزاد شي أمس لهجته التصالحية وقال ان الصين لن تحيد عن طريق الإصلاح، ودعا الشركاء التجاريين الى «ركوب القطار السريع للاقتصاد الصيني»، وفقاً لما نقلته وكالة الصين الجديدة (شينخوا) الرسمية. وعلى رغم الإشارات الإيجابية، فإن لاغارد حذّرت في خطاب أمس في هونغ كونغ، من أن النظام التجاري العالمي الذي يستند الى القوانين يتعرض للتهديد بسبب تزايد الحمائية. وقالت ان «النظام التجاري التعددي غيّر عالمنا على مدى الجيل الماضي (...) لكن هذا النظام من القواعد والمسؤوليات المشتركة يتعرض الآن لخطر التقويض. وهذا سيكون أمراً لا يغتفر وإخفاقاً سياسياً جماعياً». وأضافت «هناك تهديدات وتهديدات مقابلة، وهناك محاولة لفتح حوار. أنا اعتقد بأن علينا دعم محاولة الحوار هذه بقدر ما نستطيع». وأعلن يي وهيئة تنظيم الأوراق المالية الصينية، ان الحد اليومي المسموح به لحجم التداول بيعاً وشراءً بين هونغ كونغ وبورصتي الصين، سيرفع اربعة اضعاف الى 94 بليون يوان (15 بليون دولار) في الأول من أيار (مايو) المقبل. وتم تأسيس رابط لتداول الأسهم بين بورصتي هونغ كونغ وشانغهاي عام 2014، وآخر مشابه بين هونغ كونغ وبورصة الصين الثانية في شينجين قبل سنتين، ما يعطي الأجانب امكان دخول أكبر الى سوق الأسهم الصينية عبر هونغ كونغ والعكس بالعكس. أما الرابط المقترح بين لندن وشانغهاي فقد كشف عنه للمرة الأولى عام 2015 من دون تحديد جدول زمني. يذكر ان الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تذمراً بشأن القيود على الدخول إلى سوق المال الصينية في عدد من القطاعات، وعدم قدرة الشركات الأجنبية على الحصول على حصص مهيمنة في الشركات الصينية. وعلى سبيل المثال في القطاع المصرفي الذي يخضع لقيود صارمة، لا يمكن الشركات الأجنبية حالياً ان تمتلك أكثر من 25 في المئة من رأس مال البنك، ما يجعل من الصعب عليها أن تلعب دوراً رئيساً في السوق المحلية. وقلل محللون في السابق من أهمية الوعود بالإصلاحات، وقالوا انه يتم تطبيقها الآن لأن الشركات الصينية باتت تســيطر بشكل محكم على السوق المحلية. وانتهز الرئيس الأميركي دونالد ترامب أول من أمس فرصة التصريحات التصالحية للرئيس الصيني شي جينبينغ، ليثني على «الكلمات اللطيفة» لبكين حول الإصلاحات، ويتعهد بالتعاون مع الصين نحو تحقيق «تقدم كبير» في حل الخلافات التجارية. وقال يي كذلك إن الصين لن تخفض قيمة عملتها لاستخدام ذلك كسلاح في الحرب التجارية، وفقاً للتلفزيون الحكومي.
مشاركة :