الكتابة للطفل في الدول المهتمة بثقافته لم تعد كما كانت في الماضي، لا سيما في الغرب الذي يعطي أولوية قصوى لهذا الجانب، نظرا لسيل المعلومات المتدفقة على عقل الطفل الصغير من كل حدب وصوب جراء تكنولوجيا العصر وعلى رأسها الإرسال الفضائي ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من مصادر المعلوماتية على الشبكة العنكبوتية، والتي لم توفر شيئا إلا واكتسحته بما فيها الكلمة والأدب حيث تعددت مصادر المعلومات وتشعبت إلى درجة يصاب معها الآباء والأمهات والمربين بالحيرة في اختيار ما يناسب الطفل من مصادر المعلومات السوية التي ترسخ في ذاكرته وتنمي ذائقته وتزيد من قدرته على التعلم وتكسبه مهارات التفكير الإبداعي في هذه المرحلة المبكرة من عمره. من هنا يبرز دور المشتغلين في الكتابة للطفل وقدرتهم على الأخذ بكل تلك الأسباب في كتاباتهم وفقا لرؤية جديدة غير تلك التي كانت قبل عشر سنوات ولن نقول قبل 20 أو 30 سنة لأن المتغيرات التي شهدتها وسائل الاتصال الحديثة خلال العشر السنوات الأخيرة قد غيرت كل المفاهيم عن أدب الطفل وما يجب أن تتناوله بعيدا عن القوالب الأدبية القديمة التي قد لا تناسب الطفل في أيامنا. يبقى من المهم معرفة أن قوة الصورة تلعب دورا بارزا في تنمية خيال الطفل ولهذا لابد أن تأخذ الكتب المصورة مكانا بارزا في أدب الطفل العربي كما يجب أن تحتل هذه الكتب مكانا تستحقه في أرفف المكتبة العربية. ولنأخذ العبرة من السويد التي لا يزيد عدد سكانها على 10 ملايين نسمة والتي نشرت عام 2012، ما مجموعه 1761 كتابا عن أدب الطفل، أكثر من نصفها كتبها كتاب سويديون، فأدب الأطفال في هذا البلد الأسكندنافي يحتل مكانة مهمة في المجتمع وغالبا ما يعكس اتجاهات معينة في أدب الكبار. والإصدارات التي تتم تأخذ في الحسبان تطورات العصر وتجري مراجعتها ومناقشتها في كثير من الأحيان عبر وسائل الإعلام الرئيسية، مما جعل السويد تحتل المكانة الأولى في أدب الأطفال منذ عام 1982، حيث تقيم دورات في الأدب للقراء الشباب في جامعات البلاد والكليات الجامعية يحضرها الكثير من الشباب والمهتمين. كما يتم منح الجوائز العديدة للكتب أو المنظمات التي تشجع على القراءة بين الأطفال والشباب. والتي تصل قيمتها إلى 5 ملايين كرونة سويدية.
مشاركة :