فقط الفرح الأخضر يأتي بعيداً عن المألوف، وفقط المشهد الأخضر يملأ الدنيا ويُشغل الناس، وفقط قصة الملكي المثيرة الأكثر رواجاً ونفاداً من الأسواق. الأهلي الجميل بماضيه وحاضره والأهلي الأسطورة الجماعية في زمن أساطير الأفراد يُدني قطوف الأمل ويوقد مشاعل الفرح. عندما يكون الأهلي جميلاً فإن شيئاً في تاريخ رياضة الوطن يكون قد ظهر، وعندما يكون الأهلي جميلاً فإنه يكون عام خير وعطاء، وعندما يكون الأهلي جميلاً فإنه يفرض عليك التصفيق وترتيل عبارات الإعجاب. في كل تفاصيل الملكي وفي كل أسراره وفي كل أحاديثه مشاعر حب وكلمات وفاء وأفعال رجال وأرقام الحقيقة. في فرح الأهلاويين لا يبدو هناك من قد فرح، وفي تعبيراتهم لا يبدو هناك من يُجيد الحديث، وفي تبادلهم التهاني لا تبدو أعياد غيرهم أعياداً. فرح الأهلاويون وبكى بعضهم وبالغ بعضهم الآخر لكنهم كانوا هنا أيضاً كباراً بأقوالهم وبأفعالهم لم يتجاوزوا المنطق والعقل، ولم يتعدوا على الآخرين. هذا هو الأهلي الذي أعرفه جيداً وربما يعرفه غيري أكثر مني يقدم هديته الكبرى لمحبيه ويترك آلاف الفرص لمنافسيه ليبثوا تبريكاتهم، أحزانهم، أضغاث أحلامهم، وهذا هو الأهلي الذي يعزف مدرجه لحن الحياة في كل مناسبة كبيرة ليقول إن شموخهم وفنهم أكبر وأعمق من بائعي الوهم، وهذا هو الأهلي الذي يُصنفه حاملو المسك على أنه «مُخلط» ملكي من عبق التاريخ ومن حاضر تفوح منه رائحة العنفوان ومن مستقبل يفتح ذراعيه لكل اللحظات الماتعة. الأهلي في مشوار دوري عبداللطيف جميل في هذا الموسم كان جواداً أصيلاً وضع نصب عينيه الميدان، فجاء ركضه أكثر تميزاً من غيره، وجاء في الأمتار الأخيرة أكثر ثقة ليطوق أعناق عشاقه بالذهب. لا أفضل الحديث عن غير الأهلي؛ لأن في الحديث عن غيره خروجاً عن آداب وقوانين كرة القدم الرائعة، وفيه استغراق لمفهوم النجومية، وفيه إبدال لمفاهيم الفروسية والرياضة. في الأهلي قلب رجل واحد يُشعرك بالحب والاحترام والتقدير، قلب رجل واحد ينبض بحب الأهلي، قلب رجل واحد يُفضل المناسبات العظيمة الخالدة. في أهلي (جميل) كل جميل في كرة القدم بداية بالرمز الذي أمر بأن تكون جدة أهلي وبحر، ومروراً بمدرج استثنائي طرز سماء العروس بأهازيج العشق، وختاماً بمنظومة عمل بدت كالجسد الواحد لتُحيل مفردة الدوري المستحيلة إلى سراب.
مشاركة :