البحث عن بوصلة أخلاقية

  • 4/15/2018
  • 00:00
  • 29
  • 0
  • 0
news-picture

خيري منصور أطلق المؤرخون على بعض الأعوام الاستثنائية، وكذلك القرون أسماء ذات دلالات على ما كان يسود فيها، وكما عرف تاريخينا أعواماً من طراز عام الفيل وعام الرمادة وعام الهجرة، عرف العالم كله مثل هذه التسميات خصوصاً للقرون، فكان القرن الثامن عشر، «قرن الثورات» وبالتحديد الثورة الفرنسية، وأطلق «هنري ايكن» على القرن التاسع اسم «قرن الأيديولوجيات»، لأنه شهد تبلوراً لأفكار ومفاهيم عبرت عنها بيانات، كما حدث في منتصف ذلك القرن عندما صدر البيان الشيوعي لماركس، وانتظر قرابة السبعين عاماً كي يتحول إلى ثورة هي ثورة أكتوبر عام 1917.ثم أُطلق على القرن العشرين اسم «القرن الغاشم»؛ لأنه شهد اندلاع حربين عالميتين في نصفه الأول، وحرباً غاشمة في نصفه الثاني هي الحرب الفيتنامية.ورغم مرور أقل من عقدين على هذا القرن، إلا أنه شهد خلالهما صراعات ونزاعات أشبه بحرب عالمية ثالثة، لكنها هذه المرة حدثت بالتقسيط وليس دفعة واحدة، وهناك من المؤرخين من يقترحون تسمية هذا القرن بقرن التكنولوجيا؛ لأنه شهد تسارعاً غير مسبوق في الاختراعات، والتي منها ما تجاوز حتى الخيال العلمي لدى من سبقونا!وهناك أيضاً من المؤرخين من يرون أن أدق توصيف للقرنين الأخيرين هو العصر النووي، الذي كان انتقالة نوعية، أشاعت قلقاً غير مسبوق لدى البشر وهم يقرأون أو يسمعون عن الكوارث وما قد يحدث من فناء لجنسهم إذا استخدم السلاح النووي، وأقل ما يمكن قوله في هذا السياق إن هناك قنابل تدمر هذا الكوكب تسع مرات متعاقبة!وحين نتذكر ما كتبه المتفائلون ونحن نودع الألفية الثانية والقرن العشرين، نجد أن ما جرى كان صادماً لهم ولما تخيلوه من يوتوبيات في هذا القرن، ولعله من المبكر والاستباق أيضاً إطلاق اسم على هذا القرن؛ لأن ما مضى منه أقل من الخمس؛ لكن ما تنذر به المقدمات قد لا يدعو إلى التفاؤل؛ لأن كل هذا التطور العلمي بحاجة إلى بوصلة أخلاقية!

مشاركة :