قضية العمالة الفلبينية فرصة لمعالجة التركيبة السكانية

  • 4/17/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

أشغلت قضية العمالة المنزلية الفلبينية المجتمع الكويتي خلال الأسابيع المنصرمة. وبالرغم من غرابة سلوكيات الرئيس الفلبيني وتشنجاته المتنوعة، فإن ما طرحه بشأن عمالة بلاده في الكويت يمكن أن يمثل فرصة لمعالجة تشوهات التركيبة السكانية في البلاد. نحن في الكويت لدينا قدرات عجيبة على إضاعة الفرص التي تتاح لنا لإصلاح أوضاعنا الاقتصادية والسكانية والاجتماعية. ألم نضيع الفرص التي أتيحت لنا بعد تحرير البلاد من الاحتلال العراقي البغيض لإصلاح التركيبة السكانية، ورفع مساهمة العمالة الوطنية في سوق العمل، ولم نتبنَ السياسات المواتية لترشيد استقدام العمالة؟! الآن هناك فرصة متاحة للتعامل مع تهديدات الحكومة الفلبينية ورئيسها بقبول وقف تدفق تلك العمالة ودفع المواطنين للتكيّف مع عمالة منزلية أقل من تلك المستخدمة. لكن بدلاً من ذلك قامت السلطات المعنية بالبحث عن بدائل ومفاوضة دول أفريقية وغيرها لتصدير العمالة الهامشية إلى البلاد.. ظاهرة العمالة المنزلية يجب أن تقنن وتفرض على المواطنين ضريبة مهمة عندما يتجاوز عدد العاملين في المنازل حداً معيناً، حيث لا يمكن الاستمرار بهذه السلوكيات دون تكاليف، نظراً لما تعنيه العمالة المنزلية من تكاليف على البنية التحتية والخدمات ورفع نسبة الوافدين في التركيبة السكانية. تمثل قوة العمل الوافدة 84 في المئة من إجمالي قوة العمل في البلاد، وبعدد يقارب 2.3 مليون، ومن هؤلاء هناك 669 ألفاً من العمالة المنزلية وبنسبة 29 في المئة من قوة العمل الوافدة.. لا شك أن هذه العمالة المنزلية تمثل ثقلاً سكانيا مهماً لا يستهان به وتقارب 50 في المئة من أعداد الكويتيين الذين يقاربون 1.4 مليون نسمة، وبذلك فإن هناك عاملاً منزلياً، أو عاملة منزلية، مقابل اثنين من الكويتيين. لا بد من مراجعة هذه المعادلة وخفض أعداد هذه العمالة. لا شك أن من حق هؤلاء توفير شروط عمل مناسبة، ومن حقهم أن يشكوا من التعديات والانتهاكات التي قد يتعرضون لها من قبل أرباب العمل أو أفراد الأسر التي يعملون لديها. وقد صدر القانون رقم 68 لسنة 2015 الذي حدد شروطاً ملائمة لحماية حقوق العمالة المنزلية وحدد المسؤوليات لكل طرف مثل صاحب العمل والمكاتب التي تعمل على توفير هذه العمالة، وكذلك العامل المنزلي ذاته. وقد أكد القانون أهمية دفع الأجور وتوفير الأوضاع المعيشية الملائمة والرعاية الصحية.. لكن هناك تفاوتاً في التعامل، بالرغم من هذا القانون بين الأسر، بما ينجم عنه تجاوزات، وإن كانت محدودة في المجتمع الكويتي. تعد ظاهرة الاعتماد على العمالة المنزلية من الظواهر المنقرضة في المجتمعات الإنسانية الحديثة، حيث لا يلحظ توافرها بالشكل الموجود في الكويت والدول الخليجية، في البلدان الأوروبية أو بلدان أميركا الشمالية. ربما هناك اعتماد لوقت محدد على العاملات المنزليات مثل مربيات الأطفال، حيث يحتسب الأجر بالساعة، عندما يكون الأبوان خارج المنزل. كما يمكن توفير خدمات تنظيف منزلية بين الفينة والأخرى أو توفير عناية لكبار السن. أما الاعتماد الكبير على العمالة المنزلية في الكويت وغيرها من بلدان خليجية التي تبنت الفلسفة الريعية، فإنها أصبحت غير مألوفة في الكثير من البلدان. هناك اعتماد واتكالية مطلقة على العمالة المنزلية في تربية وتنشئة الأطفال وأعمال النظافة والطبخ وقيادة السيارات وأعمال الزراعة في الحدائق المنزلية وغيرها من المهام. لذلك هناك أهمية لمراجعة هذه السلوكيات، ولن يتحقق ذلك دون اعتماد سياسات حكومية بشأن استقدام العمالة من الخارج أو تحديد ضرائب أو رسوم على هذه الاستخدامات المفرطة.. فهل يمكن توظيف الأزمة الخاصة بالعمالة الفلبينية للترشيد والإصلاح. عامر ذياب التميمي(مستشار وباحث اقتصادي كويتي)Email: ameraltameemi@gmail.com

مشاركة :